الحزب الثوري الحقيقي لا يخضع للابتزاز الأمني والسياسي ولا المالي. وفي الحالة الفلسطينية فإن على الجبهة أن تواصل رفضها وتمردها على الواقع الفاسد في منظمة التحرير وما يسمى السلطة. وأن تتحمل مسؤولياتها الوطنية في طرح البديل الثوري و تتقدم لقيادة التيار الشعبي الواسع الذي يسعى للتغيير والتحرر من الاستعمار وأدواته. وهذا لن يتم من خلال مؤسسات وأطر منظمة التحرير، لأنها ببساطة مؤسسات شكلية ومزيفة والأهم أن جماهير شعبنا في الوطن والشتات تكتوي بوجود هذه العصابة التي تسمي نفسها "القيادة الفلسطينية”.
إن من يعرف تاريخ الجبهة ويعرف معدن كوادرها الصلب، سيدرك أنهم قادرون على تحمل هذه المسؤولية التاريخية، شرط أن تقطع الجبهة كل علاقاتها مع نهج أوسلو.
منذ العام ١٩٩٢ وحتى يومنا هذا، وبعد كل ضربة يوجهها العدو الصهيوني للجبهة وتحديداً في الأرض المحتلة، تهدف إلى ضرب تنظيمها ومؤسساتها، متوهماً أنه قادر على تصفية وجودها، ترد السلطة ومعها حركة فتح بضربة مماثلة تستهدف فيها الجبهة وتحاصرها على مستويات كثيرة، خاصة الحصار الأمني ـ المالي، من اعتقال المناضلين والتعاون والتنسيق الأمني المباشر مع الاحتلال من أجل تحقيق إنجازات لمصلحة العدو على حساب شعبنا والمقاومة.
لن تبيع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قرارها ومواقفها وسلاحها لشخص مثل محمود عباس وحسين الشيخ، ولن يستطيع الصهاينة وأجهزتهم الأمنية تصفية الجبهة وقوى المقاومة، ببساطة لأن هذه المقاومة جذورها أبعد من الشكل الرسمي للحزب، وهي ملك لشعبنا وتسكن في كل مخيم وقرية ومدينة وفي عقل كل فلسطيني، ولن تحتجز سجون الاحتلال ولا سجون السلطة إرادة حزب ثوري قرر أن يقاتل.
من هنا، على قيادة الجبهة أن تستجيب لنداء قواعد وجماهيرها، وأن تشعر بآلام كوادر الجبهة في السجون وعلى جبهات القتال. وأن تسمع ما يقوله شعبنا ومن لا صوت لهم، حتى في حالات الصمت، لأن الصمت موقف!
ما يحتاجه الشعب الفلسطيني اليوم وما يتوقعه من الجبهة الشعبية هو الفعل وليس التحليل السياسي على الوسائل الإعلامية. في الحقيقة إن هذا الفعل يحتاج إلى مواقف سياسية واضحة وحاسمة وإلى قيادة صلبة قادرة على المواجهة، تماما كما يفعل الرفاق في زنازين التحقيق وعلى جبهات القتال في الأرض المحتلة.
أما ما نريده من قيادة الجبهة، هو أن تكون بمستوى هذه التحديات الكبيرة، وأن تغادر منظمة التحرير والمؤسسة الفاسدة، وأن تطلق شرارة العودة إلى نهج الكفاح المسلح، ليس في الوطن والشتات فحسب، بل وراء العدو في كل مكان.