ما أن انتهى لقاء رئيس لجنة الانتخابات المركزية حنا ناصر ووفده بقيادة حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى حتى أعلنت الحركة ومختلف الأطراف جهوزيتها لخوض غمار معركة انتخابية جديدة تبدأ بالتشريعي مروراً بالرئاسة فهل الشعب مستعد؟
بحسابات بسيطة دون معادلات لوغاريتمية أو فيزيائية فالشعب الفلسطيني غير جاهز على الأقل مرحلياً، سيما وأن الأعباء ثقيلة والمشهد السياسي معقد ويمكن وصفه بمعادلة كيميائية يصعب تفكيكها في ضوء حالة التشابك السياسي وعدم إنجاز مصالحة حقيقي.
ببساطة فإن إجراء انتخابات تشريعية أو رئاسية أو حتى مجلس بلدي أو قروي يحتاج لسقف حريات وإطلاق حرية الرأي والتعبير وحق العمل الصحافي دون اعتقال أو حجب وهو غير متواجد، إلى جانب أن الأجواء مشحونة وملبدة بالتصيد والشتم والاستهزاء وغيرها.
إن التوجه لإجراء الانتخابات مرحلياً يعني أننا سنخوض غمار انقسام جديد، فعن أي انتخابات يتحدث الساسة وهم يعتقلون في الضفة وغزة ويحجبون المواقع الإلكترونية ويمنعون عملها لمجرد أنها مصنفة على قوائم المعارضة أو لا تتبع الحزب الحاكم.
كان حري بالفصائل أن تلتئم لمرة واحد في اجتماع فلسطيني حقيقي يعقد على أرض فلسطينية وهذا من السهل أن يجري في غزة كونها بقعة لا يتواجد بها جنود الاحتلال وأن يعلن عن رزمة قرارات من شأنها أن تعزز وحدة الموقف لا أن تكون لجنة الانتخابات المركزية هي وسيط، وتتحول من دور فني إلى دور وسيط يشابه تماماً الوسيط المصري والقطري وغيره من الوسطاء.
وبناء على سبق فإن فرصة نجاح الانتخابات أو حتى إجرائها لا تبدو قائمة البتة بالرغم من موافقة حركة حماس والفصائل على إجراء انتخابات غير متزامنة بشرط أن تجري التشريعية على أن يتبعها الرئاسية في مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر.
وهنا لا بد أن نذكر بعضاً من العوامل التي تعقد إجراء الانتخابات:
أولا: تبدو دعوة الرئيس محمود عباس مجرد دعوة كلامية وإن تبعها عقد لقاءات وغيره خصوصاً مع تشبث حركة فتح وهو بموقفه برفض إجراء الانتخابات الرئاسية بشكل متزامن مع أن ولايته منتهية منذ عام 2009 كما ولاية التشريعي المنتهية عام 2010.
ثانياً: في ظل تغول الاحتلال وحكومته في التوسع الاستيطاني في الضفة والحديث المتزايد عن ضمها إلى دولة الاحتلال كيف له أن يسمح بإجراء انتخابات تعيد وحدة الموقف السياسي عبر نظام واحد.
ثالثاً: قد تبدو حركة حماس كمن يريد أن يهرب من مسؤولية تعطيل الانتخابات في ظل قناعتها باستحالة عقدها كما الكثيرين كون الاحتلال سيعرقل إجرائها في الضفة المحتلة وسيمنعها كلياً في القدس التي يعتبرها العاصمة الآن.
رابعا: إن عدم التوافق على النظام الفني والتقني الخاص بالانتخابات سينسفها تمامًا ولنا في سيناريو الانتخابات البلدية عام 2016 خير مثال حينما توقفت بسبب عدم الاعتراف بالمحاكم في غزة وقرار المحكمة الدستورية آنذاك.
إلى جانب كل هذه العوامل فالشعب يردد الآن: "نحن غير جاهزين" خصوصاً مع ادارك ومعرفة طبيعة التعقيدات التي تمر بها القضية الفلسطينية واختلاف البرامج السياسية المطروحة والتخوف من العودة لذات السيناريوهات التي بدأت مع قدوم السلطة عام 1993 ومروراً بتجربة 2006 و2007.