فُصل قرار بقانون رقم (10) لسنة 2018م بشأن الجرائم الإلكترونية، وتعديلاته الشكلية اللاحقة بطريقة تسمح لأجهزة إنفاذ القانون بالتعسّف في استخدام صلاحياتها في تقييد حرية الرأي والتعبير.
لقد اقترحت مؤسسات المجتمع المدني مطلع عام 2018، إضافة النص التالي للقانون " يُحظر تفسير أو تأويل أي نص وارد هذا القرار بقانون على نحو يمس بحرية التعبير عن الرأي والحق في الخصوصية المكفولة في القانون الأساسي والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين والمعايير الدولية ذات الصلة " إلا أن المثير للسخرية أن لجنة مواءمة التشريعات مع الاتفاقيات الدولية، والتي يفترض بها أن تواءم التشريعات الفلسطينية مع الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها فلسطين، خاصة العهدين الدوليين قد رفضت إضافة هذا النص رفضا مطلقا!
لقد صٌمم هذا القانون، بطريقة تتناقض ونصوص القانون الأساسي الفلسطيني، وتقتل روحه، حيث ينص القانون الأساسي في المادة 26 على أن حرية وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة وحرية الطباعة والنشر والتوزيع والبث، وحرية العاملين فيها، مكفولة وفقاً لهذا القانون الأساسي والقوانين ذات العلاقة.
كما تحظر الرقابة على وسائل الإعلام، ولا يجوز إنذارها أو وقفها أو مصادرتها أو إلغاؤها أو فرض قيود عليها إلا وفقاً للقانون وبموجب حكم قضائي.
إن الحُكم القضائي المشار إليه في المادة 26 الذي يجيز فرض القيود أو الإنذار أو الوقف أو المصادرة، يتطلب أن يكون قائما مراعيا لقواعد المحاكمة العادلة، وبالنظر للمادة 39 من قانون الجرائم الإلكترونية، فإن المادة قد نصت على أن يقدم النائب العام أو أحد مساعديه طلب الإذن بحجب الموقع لمحكمة الصلح خلال (24) ساعة، مشفوعاً بمذكرة برأيه، وتصدر المحكمة قرارها في الطلب، في ذات يوم عرضه عليها إما بالقبول أو بالرفض.
إن هذا النمط من الاستعجال المقصود في المحاكمة، لا يتيح للقاضي دراسة الإذن بشكل سليم، وفق الضوابط التي نصت عليها المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، لدرجة أن القاضي لم يلاحظ أن بعض المستدعى ضدهم مكررون! ثم أن استخدام مصطلح " ظاهر الأدلة " كمبرر، لا يشفع للقاضي مساهمته في انتهاك الحق في التعبير عن الرأي.
إذ أن وظيفة القانون – في حالتنا الفلسطينية – هي أن يكون قطعة القماش التي يلعب بها المقص بين يديّ ترزي القوانين، الذي يفصل القانون على مقاس مصالحه، وهذا الدور ليس حكرا على جهة بعينها، بل هو يدفع العاملين في سلطات الدولة المختلفة،.. أن يكون كل في منصبه.. ترزيا!