شبكة قدس الإخبارية

لأوّل مرة في فلسطين... بلاستيك قابل للأكل والتحلل

52532838_257905428235964_1090822019877961728_n
محمد سكيك

غزة- خاص قُدس الإخبارية: جلس يفكر ملياً بالأزمات التي تعصف في قطاع غزة المحاصر، فبحث في أروقة عقله عن فكرة من شأنها حل إحدى مشاكل بلده، ولمعت في ذهنه فكرة حل أزمة النفايات الصلبة التي يعاني منها القطاع.

إبراهيم سعد خريج من كلية العلوم تخصص كيمياء تطبيقية بجامعة الأزهر، وجد أن أطنان من البلاستيك البترولي، تتزايد كل دقيقة حول العالم، ولا يمكن أن تتحلل لآلاف السنين، هذه المشكلة ولّدت دافعًا داخل سعد لإيجاد حلٍ لها من الطبيعة.

يقول سعد في حديثه لـ "قدس الإخبارية": "بعد تفكير لعدة أشهر جاءت فكرة البلاستيك الحيوي""البايو بلاستيك" القابل للأكل والتي أجريت عدة تجارب عليها استمرت لأشهر إلى أن توّجت محاولاتي بالنجاح".

وعن مكونات "البايوبلاستيك"، يضيف "يتم تصنيع المادة الأساسية له من السيليلوز فقط، ويضاف مواد كيميائية لمعالجته واستخدام الرنين المغناطيسي ثم يتم الحصول على بلاستيك على شكل محلول بلاستيكي مذاب في مذيب عضوي وبعدها يتم صب البلاستيك في قوالب لأخذ شكل القالب".

ويتابع "من مميزات البلاستيك الحيوي الذي ابتكرته مع زملائي الثلاثة في الفريق يسرا الحلبي ويوسف غنام ورؤى درويش أنه يمكن إعادة تدويره لمئات المرات دون استخدام حرارة ولا يفقد خواصه الفيزيائية والكيميائية".

ويردف: "وأيضاً من مميزاته أنه بلاستيك ذكي يقوم بتنظيف نفسه بنفسه، حيث عندما يتعرض السطح الخارجي للبلاستيك إلى مصدر ضوئي يطلق حمض الخليك بتركيز صغير جداً يكفي لقتل الميكروبات والجراثيم على سطح البلاستيك".

ويقول: "بعد أن سمعت عن تنظيم هولت برايس في الجامعة التي أدرس بها وجائزتها المالية، قررت تشكيل فريق للمشاركة في المسابقة لعلي أحقق حلمي بإيجاد دعم مادي لتخرج فكرتي إلى النور".

ويؤكد حصول فريقه على دعوات خاصة للسفر إلى دبي بتاريخ 8 مارس على حسابهم الخاص لاستكمال مراحل المسابقة، بعد فوزهم بالمركز الأول بالمسابقة على مستوى جامعة الأزهر بغزة. معبرًا عن تخوفه من ضياع فرصة فريقه في تمثيل البلاد في دبي المقبل نظراً لعدم توفر الدعم المادي من أي جهة.

يشار إلى أن سعد حصد المركز الأول في مشروع مبادرون "2" في الجامعة الإسلامية والتي أقيمت قبل عدة سنوات عن اختراعه إنتاج البنزين من المخلفات البلاستيكية.

فكرة مميزة

وعن مشاركة سعد بمسابقة هولت برايس، قال صلاح الصادي منظم المسابقة في جامعة الأزهر، إن انتاج البلاستيك بدون أي اضافات كيميائية فكرة مميزة، وخاصة أنه يتم إنتاجه بطريقة طبيعية، لافتاً إلى أن مشروع سعد يعد أفضل مشروع تقدّم للمسابقة.

وأكد الصادي لـ "قدس الإخبارية"، أن مشروع سعد حصد المركز الأول بعد تحكيمه من قبل لجنة المسابقة كفكرة قابلة للتطبيق، دون أن يتم فحص العينات المقدمة من قِبله.

وأوضح أن عدد الدول المتنافسة في المسابقة 120 دولة، انتهت المرحلة الأولى منها محلياً بفوز 3 مشاريع من أصل 30 مشروعاً، مبيناً أنه المرحلة المقبلة ستقام في نيسان المقبل، على مستوى إقليمي في جمهورية مصر، على أن تكون المرحلة النهائية بأميركا واختيار فائز واحد والعمل على تطبيق فكرته.

ووصف المسابقة بالنزيهة وجميع الأفكار المتقدمة مميزة ورائعة وتستحق الاحتضان، مضيفاً "التمويل لفكرة البايوبلاستيك كان صعباً جداً، وبعد أن توجه سعد لحاضنة "UCAS" في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية ساعدته في توفير الإمكانيات اللوجستية لدعم فكرته".

من جهته، قال الأستاذ المساعد في التكنولوجيا الحيوية، كمال الكحلوت، إن "البلاستيك الحيوي "البايوبلاستيك" عن بوليمر يتم إنتاجه من مواد طبيعية، يتم استخدامه في تصنيع البلاستيك، بهدف التخلص من المنتوجات البلاستيكية المصنعة من البلوي إيثيلين التي تستخلص من مكونات النفط والذي يبقى لفترات زمنية طويلة دون أن يتحلل الأمر بحيث يلوث البيئية ويشكل خللاً في النظام البيئي.

ولفت في حديثه لـ"قدس الإخبارية"، إلى أن منتجات "البايوبلاستيك" يمكن أن تحل محل البلاستيك العادي في المنتجات التي تستخدم لفترات زمنية قصيرة، بحيث يمكن تحليلها بسهولة وبشكل لا يؤثر على النظام البيئي باستخدام البكتيريا أو الفطريات.

وأضاف "لا يحبذ استخدام البلاستيك الحيوي في صناعة المنتوجات التي يتم استخدامها لفترات طويلة، لكن يعد استخدامها في صناعة أكياس النايلون والتغليف أمراً ضرورياً لسلامتها صحياً بشكل كبير، كما أنه لا يمكن إعادة تدوير البلاستيك الحيوي للاستخدام مرة أخرى لأنه يفقد خواصه، بينما البلاستيك العادي يمكن تدويره لمرة أو مرتان فقط على ألّا تلامس المنتوجات الجديدة المأكولات".

وأردف "لم يتم تطبيق فكرة صناعة "البايوبلاستيك" في قطاع غزة من قبل، والسكان بطبيعة الحال استهلاكيين للبلاستيك العادي المتوفر في الأسواق المحلية".

وفيما يتعلق بفكرة سعد، فقد فحصت العينات "البايوبلاستيكية" التي أنتجها، في مختبرات الجامعات المحلية باستخدام عوامل مساعدة، موضحاً أن طريقة صنع العينات هي من تحدد طريقة فحصها.

وعن إمكانية أكل منتوجات البلاستيك الحيوي، قال إن "من الممكن أكلها لأنها عبارة عن أحماض عضوية قابلة للهضم في معدة الإنسان، وذلك في حال عدم وجود أي مادة كيميائية ضارة مستخدمة في عملية إنتاجها".

متابعة وفحوصات

من جانبه، قال مسئول دائرة الطب الوقائي بوزارة الصحة زكي مدوخ، إن "البلاستيك مادة غير قابلة للأكل، وأي اكتشاف يتحدث عن العكس يجب عرضه على مختبرات الجامعة وفحصه من قبل الكيميائيين".

وأوضح أن فكرة "البايوبلاستيك" القابل للأكل لم تطرح في قطاع غزة قبل الآن، مبيناً أن هذا الاكتشاف يحتاج لعدة تجارب لإثبات سلامته من الناحية الصحية، مشيرًا إلى أنه في حال تقديمه كمنتج غذائي سيتم متابعة الموضوع من خلالنا في الطب الوقائي وسنجري فحوصات للتأكد من سلامته".

يذكر أن وزارة الصحة منعت المطاعم والمحلات من استخدام المنتجات البلاستيكية المعاد تدويرها منذ ثلاث سنوات، على أن يتم استخدام الفلين بديلاً عنه.

حل لأزمة

بدوره، قال المدير التنفيذي لمجلس عبدالرحيم أبو القمبز، "إننا نشجع كافة المؤسسات والباحثين للاستثمار في قطاع النفايات، وإذا كان هناك دراسات متخصصة لكيفية تحوير البلاستيك بأي تكنيك جديد، بلدية غزة تشجع هكذا أبحاث قابلة للتطبيق ولها عوائد مادية".

ولفت أبو القمبز خلال حديثه لـ "قدس الإخبارية" إلى وجود الكثير من الحلول لمعالجة مشكلة النفايات الصلبة منها الوحدة التي أنشأتها بلدتي غزة ورفح لفرز النفايات والاستفادة منها، لكن القدرة الاستيعابية للفرز لا تتجاوز 5% بما يعادل 10 -70 طناً من الموجودة في قطاع غزة.

وأشار إلى أن اكتشاف "البايوبلاستيك" جديد ولم يتم طرحه في غزة من قبل، متمنياً على المكتشف التواصل مع الجهات المعنية لمتابعة الموضوع لأنه يحتاج لفحص وتدقيق، مضيفًا "الفكرة بشكل عام جيدة وبحاجة للتشجيع، وفي حال تطبيقها من الممكن تقليل بنسبة 16% من أزمة النفايات الصلبة المتمثلة بالمنتوجات البلاستيكية البتروكيميائية بأنواعها في قطاع غزة.

يشار إلى أن الناتج الكلي للنفايات الصلبة في قطاع غزة يقارب 1800 طنٍ يومياً، وعمليات التدوير للنفايات الصلبة في قطاع غزة تتم في سبعة مصانع فقط وبكميات قليلة جداً.