قبل عدة أيام دار نقاش حاد في لجنة مراقبة الدولة بين جنرالات الجيش حول تقرير أعده الجنرال إسحاق بريك مراقب شكاوى الجنود حول استعداد سلاح البر للحرب .
بريك أكد أن مسيرة التراجع في أهلية سلاح البر قد بلغت ذروتها في الأشهر الأخيرة، محذراً من أن الوضع الحالي للسلاح البري قد يؤدي لوقوع عدد كبير من القتلى في حال اندلعت الحرب.
وفي رده على جهوزية الجيش اتهم بريك معظم القادة العسكريين بالكذب في تقاريرهم ويخشون عرض أو طرح الحقيقة أمام قيادة الجيش العليا ، لكن العميد غوردن قائد سلاح البرية رد بأن الجيش مستعد وجاهز للحرب.
مكرراً ما قاله بريك أن كبار قادة الجيش يؤكدون أنهم أعدوا الجيش كما يجب، بينما عاموس جلعاد يبرر وجود العيوب في المؤسسات الكبرى ويعتقد أن رئيس الأركان بإمكانه بالتنسيق مع المستوى السياسي تجاوز ذلك، رافضاً تشكيل لجنة من خارج الجيش لفحص هذا الأمر، ولفت النظر أن إيزنكوت أعد الجيش للجبهة الشمالية بشكل أفضل وأعمق، لكن عضو الكنيست شيلي يحيوفيتش رئيسة لجنة مراقبة الدولة أشارت لوجود خلل، وحذرت من التغاضي ، وفي لقاء مع القناة 12 اعترفت بأن كل ضباط الجيش لا يوافقون على الإدلاء بشهاداتهم أمام اللجنة، أو تقديم تقارير إلا إذا أُعدت مسبقاً، وحددوا الأسئلة التي ستُسأل وفي أي مجال.
كما اعترفت بأن إرشادات الجيش "تدروخيم" لا تتم إلا بالتنسيق والمرور على كل كلمة بشكل مسبق مما يؤكد حسب قولها أن الجيش يخفي الحقيقة.
لقد ساد لدينا نحن العرب ان الجيش الاسرائيلي لم يقاتل في حرب نظامية بعد 1973 ولم يقاتل في أي مواجهة وحرب ومعركة بشكل مهني في العقود الأربعة الأخيرة يوازي الميزانيات الضخمة التي تُنفَق عليه وعلى عديده وعتاده، لكن الحقيقة أن الجيش الإسرائيلي لم يقاتل مطلقاً بشكل يختبر جهوزيته وقدرته الحقيقية>
لا نقول ذلك إرضاءً لأنفسنا إنما ننقل ما قاله بن غوريون في حرب 1948 عندما قال ونُشر حديثاً: قواتنا تعد 120000مقاتل مدرب مسلَّح براً وبحراً وجواً ، مقابل 30000 وجدوا نفسهم في المعركة دون تدريب أو تنسيق أو قيادة وتسليح، ومع ذلك في بعض المعارك كان جيشنا في حالة لا يُحسد عليها، وفي حرب 1956 خضناها مع دولتين عظميين، وفي 1967 انتصرنا لكن على جيوش (عفنة) كما أن ديان ودودو وجاليلو وهيركيڤي أكدوا في غير محطة عدم اختبار الجيش في مواجهة ومعركة حقيقية، ودائماً الجيش الاسرائيلي كان يحسن المعركة على الورق من خلال التفوق الهائل وتجنب الاحتدام والاشتباك المباشر>
ومع توقيع اتفاق أوسلو خرج على رابين من عارض الاتفاق بدعوى أن منظمة التحرير بعد تجفيف موارد المال على خلفية التدخل لصالح العراق بعد اجتياح الكويت ومحاصرتها سياسياً ودبلوماسياً كاد ينفرط عقدها خاصة في ظل صعود حركتي حماس والجهاد الإسلامي، مستنكرين عليه إنقاذها من خلال اتفاق أوسلو، فرد عليهم في حضور لجنة الخارجية والأمن ( أنا من أنشأ الجيش وأشرف على بنائه وإعداده،وأعرف مستواه وقدراته، جيشنا فافي ولا يستطيع القتال في معارك حقيقية، وكل المعارك التي خضناها انتصرنا فيها إما بدون قتال أو بقتال عن بعد من خلال سلاح الجو.
كما اننا لا نستطيع مواجهة الإسلام السياسي في ظل ميرتس وبيتسيلم، بينما منظمة التحرير لا تأبه بتقاريرهم ولن تُساءَل وتُحاسَب على قمعهم) .
إن المعضلة العالقة والتي يواجهها الجيش تكمن في بناء قوة قادرة على التعامل مع تحديات أمنية حالية ومستقبلية في آن واحد
وكيف تحافظ على جهوزيتها من حيث الإمكانات والتشكيلات لمواجهة جميع ما تراه من تهديدات، وهذه المعضلة تخلق عامل ضرورة الدفاع عن كل شيء من أي شيء، وتخلق إشكالية أخرى وهي عدم اليقين بالأمن القومي الذي يتمثل في عدم القدرة على قراءة المتغيرات وتشخيص الخصم، وتحديد هويته وأهدافه وقدراته ، وتوقيت بروز تهديداته.
إضافة لعدم جهوزية الجيش على مستوى الجندي والفصيل والسرية والكتيبة واللواء والفرقة ،خاصة في الجيش البري ، الأمر الذي دفع بريك للتخوف من سقوط أعداد كبيرة من القتلى في أي حرب قادمة بسبب قلة الجهوزية والاستعداد .
وعندما عين شارون حالوتس قائد سلاح الجو رئيساً للأركان عرفاناً منه لسلاح الجو ودوره في حسم كل الحروب، إلا أن انكشاف الجيش البري على حقيقته في حرب لبنان الثانية حُمّل حالوتس المسؤولية على أن يُقروا بما صُدموا به من نتائج على الأرض في بنت جبيل وصور ومارون الراس والبقاع.
عاموس هارئيلي من هآرتس أكد أن المواجهة بين رئيس الأركان ومراقب شكاوى الجنود تدخل مرحلتها الأخيرة، كما أن مراقب الجيش العميد هراري سيقدم تقريره لرئيس الأركان إيزنكوت حول مزاعم مراقب شكاوى الجنود .
إن الجيش الإسرائيلي في الآونة الأخيرة كان يحرق الأرض قبل دخولها ويمشطها بالقصف قبل الاقتراب منها، وفي كل المحطات التي احتدم فيها مع المقاومة وجهاً لوجه وحُيد نسبياً سلاح الجو والمدرعات في الشجاعية والزنة ورفح وخان يونس وعبسان وبيت حانون ومخيم جنين والخليل ووادي الحرامية ومارون الراس ظهر على حقيقته ضعيفاً لا يقوى على المواجهة وانهزم فيها وتكبد خسائر .