بعض مما وصل إليه حال مساجدنا التي كنا نتفاخر بالتعبئة فيها والتذكير بالقدس والثوابت والأرض والرجولة والشهامة على منابرها؛ أن تتحول الخطابة إلى مهنة براتب يتحدث فيها بعض الخطباء بحجة أن لا حول له ولا قوة عن وهمٍ يسوقه للناس؛ وفور نزوله عن المنبر يقول "أعرف أنني أغبن الأمة ولكن خوفي على وظيفتي يدفعني لذلك"!
مما لفت انتباهي أن تحدّث عدد منهم عن نعمة الأمن للمواطن، يا هذا، أذهبتَ لأم الشهيد عز الدين التميمي الذي أعدمه الاحتلال بدم بارد وأخبرتك هي عن نعمة الأمن؟، أم ستذهب لأهل الشهيد رامي صبارنة وتسألهم عن أمنٍ أزهق روح ابنهم وهو يجلب القوت لأطفاله؟ أم أنك لا تسمع عن اعتقالات يومية؟ أم أنك لم تسمع بأم الأسرى والشهيد عبد المنعم أبو حميد؟ أم لم تسمع بهدم المنازل والحواجز العسكرية ومصادرة الأراضي؟ أم لم تسمع عن إصابة وبتر أصابع أطفالنا كما حدث مؤخرًا مع الطفل الدويك في الخليل بقنبلة صوت من جنود الاحتلال؟ أم أنك غيبّتَ ذاكرتك عن أمن مفقود في قلب الجامعات باعتقال المنتخبين من قبل الطلبة؟
عزيزي يا من تعتلي منبر رسول الله، ألم تسمع عن مستشفيات هُدر الأمن فيها وقتل الاحتلال المرضى والجرحى كما الأهلي في الخليل والتخصصي في نابلس؟، توقفوا عن هدر الذاكرة الشعبية وتثبيط الشعب.
ألم تسمع عن التكاتف الاجتماعي في الانتفاضتين الأولى والثانية ونعمة الأمن المصنوع من دم الشهداء وأنات الجرحى؟! ألم تسمع بالعونة والتآخي وحماية الجار لجاره وانعدام السرقات والمخدرات والاحتكار والغلاء واحتقار العملاء وبساطة وسلامة القلوب واختفاء العربدة والبلطجة والطوشة؟!
عزيزي خطيب الجمعة.. لا تكن إمّعة ولا تقُد الناس للتيه والوهم، أخبرهم دومًا أن قدسنا في خطر وعودتنا تنتظر وغزتنا تقاوم لا تنقهر، وضفتنا وجب أن تنهض في وجه استيطان قذر.
أما نعمة الأمن فلا تحدّث بها شعبًا يُحرق أطفاله في منازلهم وتُقتلع عيونهم برصاص الاحتلال وتُسحب وتُعتقل نساؤه من قلب مدنه ومخيماته والتنسيق مستمر، حذّر ولا تُمرّر.. فإن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه!، حرّض المؤمنين، ولكن لا تخدر المظلومين.
ختامًا، لا تسألْ من ذكرتُ لك سابقاً على رأسهم أحمد دوابشة عن نعمة الأمن؛ حتى يبقى الإيمان في قلوبهم وألا تكون سببًا في كفرهم!، و"الشكر لمن حافظ على هيبة منبر رسول الله واللعنة على من أغرّته الأموال والولاء وليس له إصغاء".
ملاحظة: هل تعلمون بأن المساجد والإعلام والتعليم كان من أولى أولويات الأمريكان لضربها وإذهاب جوهرها وشلّها في فلسطين منذ عشرة أعوام بكل ما أوتيت من برامج وأموال لغسل الدماغ، فأعيدوا هيبتها.