غزة- خاص قُدس الإخبارية: أدانت جهات فصائلية وحقوقية ونقابية وشعبية، اليوم الاثنين، الاعتداء على المشاركين في مسيرة للدعوة إلى رفع العقوبات عن غزة وإنهاء الانقسام، مما أدى إلى فض التجمع في ساحة السرايا وسط مدينة غزة.
وشهد اليوم أحداث اشتباك بين عناصر أمنية بزي مدني ومشاركين بحراك لرفع العقوبات في ساحة السرايا، أدى إلى عراك بالأيدي وفكّ المنصة وتمزيق اللافتات وصولًا إلى فض الاعتصام بالكامل ونشوب حالة من الفوضى في المكان.
وقالت قيادة الحراك في بيانٍ لها، إن عناصر أمنية بزي مدني اعتدت على المشاركين في الاعتصام، مؤكدة أنه من "حق شعبنا مواصلة نضاله الوطني والديمقراطي من أجل إسقاط الانقسام وإنهاء كل تداعياته الكارثية على شعبنا بما فيها إلغاء جريمة الإجراءات العقابية المفروضة على أهلنا في قطاع غزة، وصولاً لإنجاز المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية".
فصائليًا
من جهتها، اتهمت حركة فتح، حركة حماس بالاعتداء على التظاهرة التي رفعت شعارات تطالب بإنهاء “الإنقلاب” وكل تبعاته” بما في ذلك قضية رواتب الموظفين في غزة.
وأكدت فتح في بيان صادر عن رئيس المكتب الإعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم منير الجاغوب على ضرورة حلّ وإغلاق ملف غزة بما يضمن الحياة الكريمة لأهلها، مضيفاً: “هذا الإعتداء الذي طال الأسرى بما يمثلونه من حالة إجماع وطني إنما يأتي كتعبير على استهتار حماس وعصاباتها بكل قيم شعبنا ومحرّماته الوطنية، وهو في الوقت ذاته تعبير عن العقلية الإجرامية التي تحكم قيادة حماس في تعاملها اليومي مع المناضلين من شعبنا بغض النظر عن انتمائهم السياسي والتنظيمي”.
أما حركة حماس في بيانٍ توضيحي لها، إنها أجرت تحقيقًا في الحدث بعد متابعة قيادتها “بأسف” للحدث الذي فضّ تجمع السرايا، وتبين أن الفعالية جمعت أطيافًا متباينة بعد دعوة عامة من الجهة المنظمة وقد ضمّت محررين وشخصيات، واختلفت الهتافات.
وأضافت في بيانها، أن هذه ليست الفعالية الأولى التي ينفذها هذا الحراك في قطاع غزة، حيث كانت الفعاليات السابقة تتم بهدوء، ولا يحدث خلالها أي صدامات تُذكر، وإن الحركة تؤكد أن مطالبها محقة وعادلة وتنسجم مع مطالب شعبنا ومواقف ومطالب الحركة.
وتابع البيان، لقد وجهت الجهة المسؤولة عن تنظيم الفعالية الدعوة العامة للمشاركة في هذه الفعالية، حيث شاركت اليوم شرائح متباينة، وتم ترديد شعارات مختلفة ومتناقضة؛ الأمر الذي وتّر الأجواء وأدى إلى حالة الاشتباك بين المشاركين.
وأكدت “لقد شارك في تنظيم الفعالية عدد من محرري حركة حماس، وكان من المقرر أن يشاركوا فيها بكلمات، ومن بينهم الأسير المحرر محمود مرداوي، والأسير المحرر توفيق أبو نعيم، والذي حاول بعض المشاركين منعه من الحديث؛ ما اضطره للانسحاب”.
وشددت الحركة، أن ما حدث اليوم لم تخطط له أي جهة وطنية، وإنما جاء نتيجة الاحتقان والتوتر الذي يسود القطاع، والتباين بين المشاركين، وهو أمر مؤسف ترفضه الحركة وتدينه وتؤكد وجوب العمل على منع تكراره
التيار الإصلاحي الديمقراطي بحركة فتح في ساحة غزة، استنكر في بيانٍ له السلوكيات التي أدت إلى فض الاعتصام الجماهيري، ويرى أنه "من المعيب محاولة جر الجمهور المكلوم إلى اشتباكات في ظل القهر الذي تمارسه حكومة الحمد الله بحق الأهل في غزة، ويرى أن أيادٍ لا تريد الخير لشعبنا هي التي تقف خلف تخريب هذا الحراك المطلبي العادل".
الناطق باسم الجهاد الاسلامي، داود شهاب، قال إن التجيير الحزبي والفئوي لأي حراك شعبي يفسده، وما جرى اليوم في السرايا "مؤسف ومستنكَر"، وأية محاولة من أية جهةٍ كانت لإفساد الحراك هي مرفوضة.
أما الجبهة الديمقراطية، فقد طالبت الأجهزة الأمنية بملاحقة من قالت إنهم "عناصر خارجة عن القانون والإجماع الوطني" وتقديمهم للعدالة وضرورة توفير الحماية لمثل هذه المسيرات، داعية جماهير شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده لـ"الاستمرار في الحراك الجماهيري لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية صمام الأمان لمشروعنا الوطني خاصة".
أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على حق الشعب الفلسطيني في مواصلة نضاله الوطني والديمقراطي من أجل إسقاط الانقسام وإنهاء كل تداعياته الكارثية بما فيها إلغاء جريمة الإجراءات العقابية المفروضة على أهل قطاع غزة. وصولاً لإنجاز المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية.
وشددت الجبهة في بيان صادر عنها على حق الجماهير في التظاهر وحرية التعبير عن رأيها في مجمل القضايا الوطنية والديمقراطية، رافضة في الوقت ذاته تدخل الأجهزة الأمنية باللباس المدني والاعتداء على جموع المتظاهرين في ساحة السرايا بمدينة غزة.
من جهته، قال مسؤول جبهة التحرير الفلسطينية عدنان غريب في محافظات غزة، إن ما جرى اليوم في ساحة السريا بغزة من تخريب للحراك والوقفة التي دعا لها الأسرى المحررين ونقابة الموظفيين للمطالبة بإنهاء الانقسام ورفع الإجراءات العقابية عن غزة، نوعاً من أنواع الفلتان الأمني لاسيما وأن القائمين على فعالية الحراك لديهم تصريح من وزارة الداخلية ومدير قوى الأمن اللواء توفيق أبو نعيم الذي كان موجودًا ولم يستطيع السيطرة على حالة الفلتان، ولم تتدخل الشرطة والأمن.
استنكار رسمي وشعبي وحقوقي
قالت حكومة الوفاق الوطني، إن "مهاجمة حركة حماس حشود المواطنين المطالبين بإنهاء الانقسام في غزة اعلانا صريحا وواضحا برفض حماس الخروج من حالة الانقسام الكارثية والعمل الجاد والفاعل على استعادة المصالحة والوحدة الوطنية، خاصة في هذه الظروف الصعبة التي تعصف بالمواطنين والوطن، والتي تحتاج الى الوقوف صفا واحدا أمام المشاريع التصفوية التي تحاك ضد قضيتنا الوطنية"، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.
أدان المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود، "قمع الذين خرجوا للمطالبة بوحدة الصف الوطني واستعادة المصالحة الوطنية فورا، بسبب شعورهم بالخطر الداهم الذي تدفع به قوى (الفوضى الاستعمارية الجديدة) نحو تمزيق بلادنا، وتهدد به مشروعنا الوطني وعلى رأسه عاصمتنا الأبدية مدينتنا القدس العربية، كما تهدد إرث شعبنا وقيادته النضالي الذي أسس للدفاع عن وطننا ومقدساتنا والتمسك بإزالة الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال"، بحسب البيان.
من جهتها، نفت وزارة الداخلية بغزة وعلى لسان المتحدث باسمها إياد البزم تواجد أي من أجهزتها الأمنية أو عناصرها في منطقة المظاهرة، مؤكداً عدم اعتقال أي شخص من المشاركين في الفعالية.
وقال البزم في تصريح صحافي نسخة منه إن وزارته قدّمت التسهيلات اللازمة لعقد الفعالية الاحتجاجية التي دعا لها عدد من الأسرى المحررين صباح اليوم الإثنين في ساحة السرايا بغزة؛ للمطالبة برفع العقوبات على قطاع غزة وإنهاء الانقسام وعودة رواتب الأسرى المقطوعة، وجرى التنسيق مع القائمين على الفعالية لإنجاحها.
وأضاف: ” وأثناء انعقاد الفعالية حدثت مُشاجرات وعراك بين أعداد من المشاركين فيها وتم إنهاء الفعالية بعد ذلك من قبل القائمين عليها”، مستكملاً: “الأجهزة الأمنية لم تتدخل فيما حدث مطلقاً، كما أنه لم يتم توقيف أو اعتقال أي شخص على خلفية ما جرى، بل عملت الوزارة من أجل إنجاح الفعالية والتأكيد على المطالب المشروعة التي خرجت من أجلها، وستتابع الوزارة ما حدث خلال الفعالية للوقوف على التفاصيل كافة”.
قررت نقابة الصحفيين، مساء اليوم الاثنين، "دعوة الصحفيين ووسائل الاعلام الى فرض مقاطعة شاملة لأخبار حركة حماس وتشكيلاتها حتى اشعار آخر".
ودعت النقابة في بيان لها، إلى "الامتناع عن تغطية أية تصريحات (تبريرية وتضليلية) لقادة حركة حماس حول الاعتداء على الصحفيين ومنعهم من التغطية"، مطالبة "كافة الصحفيين وسائل الاعلام الفلسطينية الى الالتزام بهذا القرار، وذلك رداً على الاعتداءات والانتهاكات بحق الصحفيين التي تمت خلال تغطيتهم فعاليات (حراك الاسرى) في ساحة السرايا في مدينة غزة ظهر اليوم الاثنين 18 حزيران 2018". بحسب البيان.
وأكدت أن "اعتداء عناصر منظمة من حركة حماس وتشكيلاتها الامنية على الصحفيين الذين كانوا يغطون فعالية تطالب بإنهاء الانقسام ورفع الحصار ووقف الاجراءات ضد ابناء غزة هو عمل مشين ومدان، ويأتي في سياق نهج قمعي متواصل ضد الحريات العامة بما فيها حرية الرأي والتعبير وحرية العمل الصحفي"، على حد تعبير البيان.
أما رئيس للجنة الرقابة وحقوق الإنسان والحريات العامة في المجلس التشريعي، يحيى موسى، فدعا إلى "فتح تحقيق فيما جرى في ساحة السرايا ومحاسبة المتسببين به لما سببه من ضرر بالغ للنضال الوطني الفلسطيني والوحدة الوطنية".
كما طالب موسى في تغريدةٍ له أعضاء اللجنة لاجتماع عاجل لاتخاذ الإجراءات القانونية والسياسية الواجبة لمحاسبة المتسببين والمسئولين عن هذه الأحداث وذلك لضمان عدم تكرارها، مؤكدًا على حق الجميع في التعبير عن رأيه بحرية بكافة الطرق التي كفلها القانون الأساسي والقوانين ذات الصلة.
أما مفوضية الشهداء والأسرى والجرحى بحركة فتح فقالت إن مبادئ وأهداف وأدوات وشعارات الحراك تم الاتفاق عليها وطنيا، وكان أهمها الدعوة إلى وحدة الوطن وإنهاء الانقسام البغيض، وإلغاء كافة الإجراءات المفروضة على قطاع غزة، مع التأكيد على عدم حرف مسار وبوصلة الحراك.
وأضافت، إننا مستمرون بالمشاركة في هذه الفعاليات، وأن ما حدث اليوم في ساحة السرايا لن يزيدنا إلا قوة وإصرار على ذلك مع قيادة الحراك حتى تتحقق الأهداف المنشودة، والتي اساسها إنهاء الانقسام ورفع الإجراءات المفروضة على قطاع غزة".
تدين الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، الاعتداء من قبل أفراد من حركة حماس والأجهزة الأمنية بقطاع غزة على المواطنين المتظاهرين الذين خرجوا صبيحة اليوم الإثنين 18/6/2018 في تجمع سلمي في ساحة السرايا للمطالبة بإنهاء الانقسام ووقف العقوبات والإجراءات المتخذة بحق قطاع غزة.
ووفقاً لتوثيقات الهيئة، وعند بدء الفعالية التي دعت اليها مفوضية الأسرى والمحررين وبمشاركة عدد من الفصائل والكتاب والوجهاء والأسرى المحررين، دخل أفراد بالزي المدني يرتدون كوفيات وقبعات بيضاء قدر عددهم بنحو 100 شخص وسط المتظاهرين وبدأوا بالهتاف "يسقط يسقط عباس" وطالبوه بالرحيل، فنشب شجار بينهم وبين المنظمين، اعتدوا على إثره على المشاركين بالعصي وبإلقاء الحجارة ومن ثم تخريب المنصة، وبعدها غادر ذوو القبعات البيضاء المكان مستقلين جيبات بيضاء تحمل لوحات ترخيص حمراء.
وعلى الرغم من تصريحات اللواء توفيق أبو نعيم مدير عام قوى الأمن الداخلي في قطاع غزة أثناء مشاركته في هذا التجمع بصفته أسير محرر (بعدم وجود أي من أفراد الأمن) إلا أن الهيئة وثقت قيام أفراد من المباحث العامة والأمن الداخلي بملاحقة وإجبار عدد من المواطنين والصحافيين على عدم التصوير، وحذف ما قاموا بتصويره، الأمر الذي يشير إلى أن هذه الاعتداءات تمت بشكل منسق مع الأجهزة الأمنية بقطاع غزة وبحمايتها، ما يشكل مخالفة للدور المنوط بالأجهزة الأمنية والقاضي بحماية المشاركين في التجمع وضمان تمتعهم بهذا الحق.
وطالبت الهيئة، احترام الجهات المسؤولة في قطاع غزة حق المواطنين في التجمع السلمي والتعبير عن الرأي، وأن النيابة العامة في قطاع غزة فتح تحقيق جنائي في الاعتداء على المتظاهرين السلميين، وأن تقوم الجهات المسؤولة في قطاع غزة بتحمل مسؤوليتها وإعلان حقيقة ما جرى للمواطنين دون تضليل، معبرة عن قلقها من تدهور حالة الحقوق والحريات في الضفة الغربية وقطاع غزة، وترى أن إنهاء الانقسام بات حاجة وطنية لا تحتمل التأجيل.
النشطاء يعقّبون
ورصدت شبكة قدس الإخبارية، آراء عدد من النشطاء ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، فيما حدث من اعتداء على حراك الأسرى المحررين والجرحى وموظفي السلطة والأهالي، في ساحة السرايا بغزة، وما تبعه من عراك بالأيدي وفك المنصة وحل الاعتصام.