رام الله - خاص قدس الإخبارية: أثار انعقاد المجلس الوطني، في مدينة رام الله بالضفة المحتلة، العديد من علامات الاستفهام عن توقيت انعقاده، في ظل مقاطعة فصائل وقوى وطنية، وشخصيات مستقلة له.
وتعود الأسباب في ذلك إلى طبيعة الشخصيات التي شاركت في المجلس الوطني، وكيفية اختيار أعضاء المجلس الجدد دون أي انتخابات جديدة في ظل غياب الجبهة الشعبية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي، بالإضافة لاتحادات وتجمعات فلسطينية في أوروبا وجاليات فلسطينية أخرى.
ويتفق مراقبون على أن المجلس بواقعه الحالي يعتبر ترسيخاً لهيمنة النخبة السياسية المتنفذة في السلطة الفلسطينية وحركة فتح للتحكم في المنظمة، من أجل الحفاظ عليها كجسم وضمان عدم تعرضها لأية إشكاليات جديدة في ظل الواقع الصحي ووفاة العديد من أعضاءها.
بلا أهمية
في السياق، قال أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت نشأت الأقطش إنه لا يرى أي أهمية لهذا المجلس سوا ترسيخ سلطة فتح على مؤسسات منظمة التحرير، خصوصاً وأن الأصل في تشكيله يكون من خلال المجلس التشريعي والأحزاب والفصائل والمؤسسات، في الوقت الذي تم تعين أعضاء جدد دون انتخابات.
وأوضح الأقطش لـ "قدس الإخبارية" أن المجلس يعبر عن رؤية فتح، وانعقاده في هذا الظرف الصعب في ظل المقاطعات الكبيرة يعتبر ترسيخًا للانقسام الداخلي، وقد يكون وراء عقده خطوات عقابية على قطاع غزة، مشدداً على أن جلسات المجلس لا يوجد بها أي شيء مهم.
وتابع أستاذ الإعلام: "انتخاب اللجنة التنفيذية والتي اعتقد أن الأسماء كانت جاهزة مسبقًا، والتي تفرضها حركة فتح عملياً وبالتالي لا يوجد أهمية حقيقة لانعقاده"، متسائلاً: "هل يوجد مستقبل سياسي... لا يوجد أي شيء ولا يوجد أي أفق جديد".
ويستطرد: "دخول المجلس الوطني أو ترسيم أعضاء جدد لا قيمة له فهل سيتم انتخاب أعضاء في حين الرئيس محمود عباس وفتح تعين من تشاء وتفصل من تشاء".
دوافع عقده
من جانبه، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي أن دوافع انعقاد المجلس الوطني كانت واضحة بالرغم من أنها جاءت تحت عنوان وضع استراتيجية وطنية للقضية الفلسطينية.
وقال الشوبكي لـ "قدس الإخبارية" إن عقد المجلس جاء بعد رحيل غسان الشعكة أحد أعضاء اللجنة التنفيذية الذي ووفق القانون فإنه لو رحل شخص آخر أو إذا ما تعطل شخص آخر فهذه اللجنة تفقد صفتها القانونية كممثلة ومديرة لمنظمة التحرير، معتبراً أن ما جرى هو استباق لأي ظرف طارئ يعيق اكتمال نصاب منظمة التحرير.
واستدل أستاذ العلوم السياسية بأن الكثير من أعضاء المجلس واللجنة التنفيذية وضعهم الصحي بات صعباً وبالتالي فإن الدافع الأساسي هو محاولة الحفاظ على هذا الجسم من قبل النخبة السياسية التي تدير السلطة والمنظمة، متابعاً: "عقد جلسة المجلس الوطني بعد مرور عقدين من الزمن من أجل الحفاظ على الجسم للتواصل مع العالم".
وعن الحديث عن ضرورة عقد الجلسات بسبب الأهمية السياسية علق الشوبكي قائلاً: "شهدنا الكثير من الأحداث المهمة خلال العشرين عاماً الماضية كالانتفاضة الفلسطينية الثانية ومروراً بالأحداث المتعدد كالحروب والانقسام الفلسطيني الذي مر عليه عقد من الزمان، والقول بأن هذه المرحلة مرحلة حاجة لاستراتيجية فلسطينية وطنية كل المراحل كانت بحاجة لاستراتيجية وفي هذه المرحلة كان هناك حاجة لانعاش هذا الاطار القيادي الذي تتحرك من خلاله النخبة السياسية التي تدير السلطة لذلك تم الدعوة لعقد المجلس".
وعن تأثير عقد المجلس على تعزيز وترسيخ الانقسام، أكد أستاذ العلوم السياسية على أنه سواء عقدت الجلسة أو لم تعقد فإن حالة الانقسام الفلسطيني غير مرتبطة بالجلسة.
ورأى أنه ورغم وجود أمرين هامين في ظاهرهم سيء إلا أن باطنهم كان جيداً وعما مرتبطا باليسار الفلسطيني الذي بات الحديث عن أنه كتلة تابعة لحركة فتح غير صحيح والدلالة على ذلك موقع الجبهة الشعبية الذي كان أكثر وضوحاً هذه المرة بالرغم من حضور عبد الرحيم ملوح.
ويستطرد:" الأمر الجيد لم يعد هناك القول أن المعارضة الاسلامية وأن الاسلاميين هم المعارضين للانخراط في النظام السياسي الفلسطيني بل هناك تيار عريق متمثل في الجبهة الشعبية لا علاقة له بالاسلاميين ويحمل ذات الموقف، والأمر الآخر سوء قراءة لمواقف بعض الشخصيات المستقلة أو غيرها على اعتبار انها تحفظ مساراً مستقلاً من ضمنها المبادرة الوطنية التي تبين موقفها بشكل واضح وخصوصاً أمينها العام مصطفى البرغوثي الذي أضحى في الفترة الاخيرة أصبح أكثر ميلاً لمهادنة السلطة".
ونوه الشوبكي إلى أن هذه الجلسة أثارت تخوف القائمين عليها أكثر مما طمأنتهم لأن خريطة المعارضين والمقاطعين لها واسعة مثل حماس والجبهة والجهاد، وبالنظر لنتائج الانتخابات التي جرت منذ قدوم السلطة فإن المعارضة هم أكثر من المؤيدين.
ولفت إلى أنه بات واضحاً أن سقف ما يمكن أن تتحدث به منظمة التحرير هو انتظار تبدل الأحوال على صعيد الدولي وعلى صعيد الإقليمي لا سيما وأنه لم تظهر أي مؤشرات على إمكانية تبنى استراتيجية وطنية تشارك إليها كل الفصائل مع التنويه إلى وجود موقف إيجابي متمثل في الاصرار على رفض خطة ترامب.
بلا جديد
بدوره، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن انعقاد المجلس الوطني لم يقدم جديداً لا سيما وأنه عقد في ظروف انقسامية بحتة، لم تقتصر على حركة حماس بل حتى مع قوى شعبية واسعة على السلطة الفلسطينية بما في ذلك الجبهة الشعبية التي تعتبر تاريخياً التنظيم الثاني داخل أروقة منظمة التحرير.
وقال عرابي لـ "قدس الإخبارية" إن الجلسة كذلك عقدت مع غياب وخلافات شملت أعضاء تاريخيين في المجلس الوطني فضلاً عن شخصيات في حركة فتح، مشدداً على أن المجلس الوطني كان مشكلة من ناحية الزمان والمكان.
وأضاف: "الذي جرى هو نوع من تجديد الأطر والهياكل في المجلس الوطني من حيث الشكل من أجل تجديد شرعية منظمة لا سيما القيادة المتنفذة في المنظمة والتي قامت بانتخاب للجنة التنفيذية، وهناك نوع من الإرادة في المحافظة على المنظمة في حال جرى ما جرى للسلطة الفلسطينية".
ونوه إلى أن منظمة التحرير يجري استخدامها من قبل القيادة الحالية في حالات الخصومة مع حركة حماس ولكن على المستوى الوطني للأسف الشديد أعادت الانقسام أكثر مما عززت الوحدة الوطنية.
ولفت إلى أن الجلسة الحالية لم تقدم جديداً خصوصاً وأنه كان في السابق دعوة لاعادة النظر في التنسيق الأمني والتبادل التجاري مع الاحتلال في الوقت الذي يتحكم فيه الاحتلال بكل شيء في فلسطين، مستدلاً بما قام به الاحتلال في منع الناشرين العرب من الوصول إلى معرض فلسطين الدولي للكتاب.
واستكمل قائلاً: "المجلس المركزي منذ سنوات دعا لوقف التنسيق الأمني وهو ما لم يتحقق حيث شهدنا لقاءات مكثفة في الآونة الأخيرة وبالتالي للأسف الشديد لا نستطيع أن نقول أن المجلس الوطني قدم إضافة، بل ساهم وعزز الانقسام مع الإشارة إلى أن التأثير حتى اللحظة تأثير سلبي".
متابعة عبرية
من جانبه، لفت أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس أحمد رفيق عوض إلى المتابعة العبرية للمجلس الوطني وما تبعه من اجتماعات حيث اهتمت الصحافة العبرية في خطاب الرئيس الفلسطيني وركزت على هجومه المباشر على اليهود واضطهادهم في أوروبا.
ونوه عوض لـ"قُدس الإخبارية" إلى أن الصحافة العبرية لم تغفل الحديث عن الانقسامات الداخلية بين الفلسطينيين والأهداف التي سعى عباس إلى تحقيقها من خلال عقد هذا المجلس، مشيراً إلى أن التغطية والحديث عن الخلافات التي ترافقت مع المجلس الوطني كان واضحاً بالإضافة إلى رغبة الرئيس عباس في تعزيز قوته وأخذ القرار في يده.
وعن إمكانية مساهمة عقد المجلس في التأثير على الانقسام علق قائلاً: "الانقسام الفلسطيني من قبل المجلس الوطني وبالعكس المجلس الوطني حاول أن يدعو إلى رأب الصدع وحجز مقاعد للفصائل الرافضة والمحتجة والمجلس ليس مسئولاً وكان هناك نقاشات قوية وجرئية خصوصاً في جزئية فع العقوبات غزة، والمجلس في هذا المجال قام بخطوات إلى الأمام".
وتوقف عوض في حديثه عن ما وصفه الموقف اللافت للنظر للجبهة الديمقراطية المتعلق باسقاط بعض البنود من التوصيات الختامية الخاصة بعقوبات غزة وإنهائها، لافتاً في ذات الوقت إلى حديث الرئيس الفلسطيني عن الرواتب وصرفها لموظفي غزة وهي خطوة في محاولة لترميم العلاقة والتقدم خطوة ضمن محاولات لتصويب العلاقة مع غزة، حسب قوله.