فلسطين المحتلة– خاص قُدس الإخبارية: بملابسهم المدرسية حضر أطفال أحمد يوسف عواد من نابلس إلى رام الله مطالبين بالإفراج عن والدهم المعتقل في سجون السلطة الفلسطينية منذ السادس والعشرين من آذار الماضي، فالوالدة لم تعد تتحمل تساؤلاتهم التي لا تملك لها إجابات تشفي اشتياقهم.
فضمن حملة اعتقالات واسعة طالت ما يقارب 150 فلسطينيًا من أسرى محررين وذوي شهداء، رداً على استهداف موكب رئيس الوزراء في غزة، اعتقل أحمد عواد من منزله ليغيب في سجون الأجهزة الأمنية الفلسطينية، دون أية إجراءات قانونية.
عواد..تلفيق دون تحقيق
حنين عواد زوجة أحمد قالت لـ"قدس الإخبارية"، إن قوة من الأجهزة الأمنية داهمت منزلهم في مدينة نابلس ظهراً واعتقلت زوجها (44عامًا)، دون أن تبدي أي سبب لذلك وقد اكتفت العناصر الأمنية بإخباره أنه سيخضع للتحقيق لعدة ساعات فقط.
وأضافت أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحتجز هوية زوجها منذ العام الماضي، وذلك عقب الإفراج عنه من سجون الاحتلال في شباط 2017 بعد قضائه ١٦ شهراً، اعتقلته الأجهزة الأمنية في شهر أيار لتفرج عنه فيما بعد ولكن مع استمرارها باحتجاز هويته.
وبينت أن زوجها عقدت له جلسة في محكمة نابلس، حيث سأله القاضي خلال جلسة المحاكمة عن قضيته والتهم الملفقة له، "أحمد أكد للقاضي أنه لم يخضع للتحقيق حول أي موضوع، وكل ما في الملف المقدم للقاضي لا علاقة له به".
وأكد المعتقل أحمد عواد، للقاضي أنه أخضع للتحقيق حول المسيرات السلمية التي شارك بها، والتي كان آخرها المسيرة التي دعا لها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مع الإشارة إلى أنه أسير محرر قضى ما مجموعة 6 سنوات في سجون الاحتلال
تقول زوجته حنين، "أطفالي دائمًا يسألون عن والدهم ولا أملك الإجابات لهم، طفلتي الصغيرة عندما علمت أن السلطة التي اعتقلته، سألتني ماذا يعني سلطة؟ يعني جيش؟"، مشيرة إلى أنها توجهت لمجموعة من المؤسسات الحقوقية ولم يستطيعوا زيارته والاطمئنان عليه حتى الآن.
الكيلاني.. القهر والإبعاد
من جانبها، تقول عبير الكيلاني زوجة المعتقل زياد عرسان الكيلاني (44عامًا) من سريس قضاء جنين لـ"قدس الإخبارية"، إن اعتقال زوجها جاء بعد مداهمة منزلهم ليلاً من قبل عناصر من جهاز الأمن الوقائي وإخضاع المنزل للتفيش الدقيق في 27 آذار.
زوجة الكيلاني ووالده يعتصمان يوميًا أمام مقرات الوقائي في جنين مطالبين بزيارته والاطمئنان على حاله، إلا أنه لم يسمح لهم بذلك حتى الآن.
والمعتقل زياد الكيلاني هو أسير محرر قضى عدة سنوات في سجون الاحتلال، هو شقيق أول شهيد في انتفاضة الأقصى زكريا الكيلاني، وشقيق المبعد إلى غزة زيد الكيلاني، تعلق زوجته، "زياد هو المعيل الوحيد لوالده ووالدته وهم مرضى وكبار بالسن، وقد تردت أوضاعهم الصحية بعد اعتقاله.. هو يعمل كسائق عمومي لساعات طويلة جداً حتى يستطيع إعالة أسرته والقيام بالتزاماته".
وأكدت على أن زوجها يعاني من أوجاع في الظهر والرقبة، وقد سبق أن اعتقله الوقائي مؤخراً مدة أسبوعين، "ابني جلال 14 عامًا مقرر له عملية جراحية والقيام بفحوصات طبية عدة، إلا أننا نقوم بتأجيلها باستمرار حتى يتحرر زياد ليكون بجانبنا".
مرعي.. قرار الإفراج لم ينفذ
فور أن انتزعت عائلة مرعي قراراً بالإفراج عن ابنها الأسير المحرر رمزي مرعي، قام جهاز الأمن الوقائي بنقله من سجنها في سلفيت إلى مدينة رام الله، رافضة تنفيذ القرار الصادر عن المحكمة.
والدة الأسير المحرر رمزي مرعي والذي قضى 14 عاماً في سجون الاحتلال، تعتصم يومياً أمام سجون الأجهزة الأمنية مطالبة بالإفراج عن ابنها، تروي لـ" قدس الإخبارية"، أن ابنها رمزى تحرر من سجون الاحتلال قبل عام ونصف فقط وقد تزوج ورزق بطفل لا يتعدى اليوم ستة أشهر.
وأضافت أن العائلة طرقت كل الأبواب ولم تتلقى جواب حتى الآن، فرغم أنها انتزعت قراراً بالإفراج عنه إلا أن الأجهزة الأمنية ترفض تنفيذه، "رسالتي للمسؤولين الجالسين على الكراسي التي أقيمت على دماء ولادنا وأعمارهم التي فنوها في السجون، الشهداء والأسرى هم من بنوا العزة لهؤلاء المسؤولين، وهل هكذا يكون تكريم رمزي على السنوات التي قضاها في السجن؟".
وتابعت، "رمزي لا يريد إلا أن يعيش بكرامته، أنا عاجزة اليوم على دخول المنزل والنظر في وجه طفله وزوجته.. ماذا أقول لهم؟ ماذا أبرر لهم اعتقال رمزي".
أبناء الشهيد على ذمة المحافظ
وفي مدينة طولكرم، اعتقلت الأجهزة الأمنية الشقيقين إسلامبولي والقسام أبناء الشهيد رياض بدير، ضمن حملة طالت عدد من شبان المدينة، لتواصل اعتقال الشقيقين دون إخضاعهم لأي إجراءات قانونية.
عبد الفتاح بدير شقيق إسلامبولي والقسام، قال لـ"قدس الإخبارية"، إن شقيقه إسلامبولي اعتقل لدى جهاز الوقائي في 25 آذار، فيما اعتقل القسام في 30 آذار لدى جهاز المخابرات، ولم يعرضا على النيابة حتى الآن وتواصل الأجهزة الأمنية اعتقالهم على بند "ذمة المحافظ" وهو ما يجعل تدخل المحامين صعب.
ويقدر عبد الفتاح أن اعتقال إسلامبولي (32عامًا) لدى الأجهزة الأمنية قد يكون المرة الأربعين، إذ يتم اعتقاله باستمرار، فيما هذه المرة الخامسة التي يعتقل فيها القسام، مشيراً إلى أنهما أسيران محرران من سجون الاحتلال.
والقسام (30عامًا) ما زال طالبًا في جامعة القدس المفتوحة، إذ لم يتمكن من إنهاء دراسته حتى الآن بسبب الاعتقالات المستمرة التي يتعرض لها.
وبين عبد الفتاح أن والدته تدهورت حالتها الصحية بعد اعتقال إسلامبولي وخاصة أن قوات كبيرة من الأجهزة الأمنية داهمت المنزل بشكل مفاجئ الساعة الثانية فجراً، مشيراً إلى أنه بسبب ما تعانيه من ضغط نفسي انفجر شريان في عينها.
وأكد على أن الأجهزة الأمنية أخضعت منزل شقيقه للتفتيش الدقيق، كما أخضعت زوجته للتفتيش الجسدي من قبل مجندات رافقتهم، "اقتحموا غرفة الأطفال وأخضعوها للتفتيش، فيما الأطفال ما زالوا نيام بداخلها"، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية كانت مزودة بكاميرات وقامت بتصوير عملية الاقتحام التي قامت بها.
عساف: جمعيها غير قانونية
عضو لجنة الحريات خليل عساف، قال لـ"قدس الإخبارية"، "إن ما يجري من اعتقالات سياسية واسعة هو تخريب وليس تحقيق أمن، هو يعبر عن فوضى أمنية واجتماعية، فهذه الاعتقالات تخرب الترابط المجتمعي الموجود وتقتل الروح الوطنية"، متسائلاً، "أمن من تخدم هذه الاعتقالات؟ من يعطي هذه القرارات؟ ما المصلحة من تنفيذ هذه الاعتقالات؟.. من 11 عامًا فقط الاحتلال الذي يستفيد من هذه الحملات".
وأضاف، أن معظم الاعتقالات التي تنفذ مؤخراً هذه اعتقالات غير قانونية، والقانوني منها فقط قانونيته، متابعاً "محكمة نابلس أصدرت قرارًا بالإفراج عن المعتقل حذيفة، وتم رفض قرار الإفراج واستمرار اعتقاله وتحويله إلى ما يسمى ذمة المحافظ، هذا الاعتقال لوحده جريمة".
وأكد على أن الاعتقال على ذمة المحافظ هو جريمة تخالف القانون الفلسطيني، "الاعتقال على ذمة المحافظ هو اعتقال إداري فلسطيني، لا يكفينا الاعتقال الإداري الذي ينفذه الاحتلال والذي يحرق قلوبنا جميعا، بل أصبح لدينا فلسطينيًا اعتقال إداري جديد".
وعن تحركات المؤسسات الحقوقية، علق عساف، "لا أحد بيده القدرة على الضغط، ما يجري هو بيد أشخاص، وأي أحد يحاول انتقاد ما يجري من حالة ستدمر مجتمعنا، يتم اتهامه بالخيانة وأنه جزء من الطرف الآخر، نحن في مصيبة حقيقية".