فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: لم تعد البطالة في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة ممكنة، البحث والتنقيب في خفايا العالم الجديد دفع الشاب العشريني أنس أبو تبانة من الخليل، للغوص في تفاصيلها في سن مبكرة، مادة التكنولوجيا الجديدة المتاحة في مدارس فلسطين تركت في نفس أنس أثراً مغايراً، فبدأ التحضير لكشف المخفي والمستور منها.
البداية
وعن البداية يتحدث أبو تبانة لـ "قدس الإخبارية": "الصف الخامس في حياتي وإدخال أجهزة الحواسيب إلى المدارس والبيوت دفعني بصورة متسارعة إلى التوقف مليا أمام القادم الجديد على حقيبتي، وهو ما دفعني إلى التسجيل في جامعة بوليتكنك فلسطين في تخصص الهندسة الكهربائية فرع هندسة اتصالات والكترونيات".
حصل أبو تبانة على شهادة البكالوريوس في الهندسة بتقدير جيد جدا، ولكنه لم يحصل على وظيفة تلبي رغباته الطموحة في إيجاد ذاته، لم يستسلم للعنة البطالة وقسوتها وهو في مقتبل العمر، تعددت أحلامه وأمنياته، ورسم لنفسه من دروب وآفاق العمل الكثير، واصطدم بواقع مرير تفاصيله كثيرة.
حمل أنس أمتعته وتوجه إلى الإمارات العربية المتحدة، عله يجد فيها ما يفرج عن نفسه الكثير من الآلام التي تسبب بها إغلاق مؤسسات ومراكز وطنه الباب في وجهه، بحجة عدم وجود شواغر، كونه حاصلا على شهادة دولية من شركة "سسكو" العالمية بمسمى "خبير شبكات حاسوب دولي".
عامين في تلك البلاد أضافت له العديد من المهارات، ولكنه قرر العودة إلى بلده وتحدي الظروف، فحصل على 7 شهادات دولية، وهي خبير منتجات شركة "أبل" لعام 2012 وعام 2013 وعام 2014 وعام 2015 وعام 2016، تم تجديد الشهادات بناء على تقديمه للامتحانات السنوية في "أبل"، وشهادة مدرب معتمد لتقنيات ومنتجات "أبل" منذ عام 2012.
ويقول أبو تبانة: "كنت أمضي الكثير من وقتي في الحصول على الدورات والتدريبات من خلال الانترنت، بما يعمل على تقوية مهاراتي وينمي من قدراتي العلمية، للبناء عليها في الحصول على شهادات ذات مستوى أعلى من في التدريب والخبرة العالمية، بما يعود بالفائدة عليه ولأتمكن من نقلها لمجتمعي".
الساعات المتواصلة أمام جهاز الحاسوب دفعت عائلته إلى وصفه بالمنطوي والمنعزل، ولكنه كان يطلعهم على ما توصلت إليه أبحاثه وتجاربه، واستطاع تأليف كتاب في تخصص هندسة الاتصالات وتحديداً في موضوع الجيل الخامس من تقنية الهواتف الخلوية، وتمت ترجمة كتابه إلى اللغة الألمانية في العام 2016 .
شهادة مرموقة
وفي العام 2018 حصل أنس على شهادة معلم "أبل"، وهنا يشير أبو تبانة إلى أن الطريق نحو هذا الإنجاز كان مليئاً بالصعوبات ومفروشاً بالحواجز، ولكن إرادة الفلسطيني تبقى هي سلاحه الأمثل والوحيد في مواجهة الظروف التي تحكمه، ولا تسمح الشركة سوى ل 22 جنسية من العالم بالحصول عليها، وهنا تكمن المقاومة.
واعتبر أنس حصوله على الشهادة مقاومة، وقال: "سجلت في الدورة على أنني أعيش في الإمارات العربية المتحدة، وبعد أربع شهور من دراستي ل 20 كتاباً، والمراكمة والاستفادة من التجارب السابقة، استطعت تسجيل اسم أول فلسطيني وعربي ومسلم على هده الشهادة، الأمر الذي يعتبر انتصارا على البطالة والاحتلال.
وتعني شهادة "أبل"، تمكُن أنس من تدريب مدربين على كيفية استخدام تكنولوجيا المعلومات والحواسيب ومنتجاتها في تطوير العملية التعليمية ورقمنة التعليم وتطوير البرمجيات الخاصة بشركة "أبل".
ويطالب أبو تبانة الجهات المسؤولة عن التعليم في فلسطين بوقف التعليم الأكاديمي النظري في الجامعات الفلسطينية، وتوجيه الطلبة نحو دراسة التخصصات التقنية، كون المستقبل والسوق بحاجة لها، ولمواكبة التطورات المتلاحقة والمتسارعة على الساحة العالمية، والانتقال إلى التعليم بالتجربة والممارسة والتحفيز نحو الابتكار والإبداع.
أمنيات لا تتوقف
وأشار أبو تبانة إلى أن حياة العالم المتقدم أصبحت تدار من خلال الهواتف الذكية، وهو ما يوفر الوقت والجهد على الناس، وهو نتيجة طبيعية لدعمهم للبحث العلمي والأفكار الريادية، بعكس ما يجري في فلسطين، في ظل غياب البحث العلمي والاهتمام ورعاية المبدعين من خلال توفير المستلزمات المطلوبة لهم.
ويطمح أبو تبانة إلى فتح أكاديمية تدريب تابعة لشركة "أبل"، لتمكين العديد من الشباب والمهتمين من الالتحاق ببرامجها، وتوجيه أنظار الشباب وحتى خريجي الجامعات للانخراط في برامج التعليم التقني التي تفتقد الأسواق المحلية والعربية إلى المئات من تخصصاتها.
المهندس أنس أبو تبنة من مدينة الخليل، وعلى الرغم من حصوله على أعلى الشهادات الدولية والعالمية في التدريب والخبرات، إلا أنه لا يخفي حنينه بالعودة إلى قريته عراق المنشية التي هجر منها أجداده إبان عام النكبة عام 1948، ويعتبر الإرادة والتصميم والعزيمة أبرز أسلحة الفلسطيني في الوصول لأهدافه وحقوقه.