طولكرم – خاص قدس الإخبارية: لم تستطع الأجهزة الأمنية الفلسطينية التفريق بين التوأم رامي وثائر عبدو (26عاما) بعد مداهمة منزلهم في ضاحية ارتاح في مدينة طولكرم، فقررت اعتقال كليهما ضمن حملة اعتقالات طالت 12 شابا.
الساعة الثانية فجر 12 شباط الجاري، استيقظ أهالي ضاحية ارتاح على اقتحامات ومداهمات واسعة شنتها ما تسمى باللجنة المشتركة في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وبدأت بحملة اعتقالات بصفوف الشبان على خلفية مشاركة الأهالي في وقفة سلمية احتجاجا على سعي شركة سند الإسمنتية افتتاح مقر جديد لها على أراضي ارتاح وبين المنازل السكنية.
اعتقال المحتجينسمير والد التوأم عبدو بين لـ قدس الإخبارية، أن الأجهزة الأمنية داهمت المنزل بحثا عن أحد أبنائه إلا أنها وفور رؤيتها لنجليه التوأمين، لم تستطيع تفريقهما عن بعضهما البعض لشدة تشابهما، فقررت اعتقال الاثنين، مضيفا، أن الأجهزة رفضت توضيح سبب الاعتقال واكتفت بالإجابة أنها جهة منفذة ولا تعلم التفاصيل.
وبين سمير أن اعتقال ابنيه وآخرين من ارتاح جاء بسبب احتجاجات الأهالي على إقامة مشروع لشركة سند الإسمنتية، وذلك بسبب ما سيتركه من مخاطر بيئية، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية دفعت أكثر من 500 عنصرا من عناصرها لتوفير الحماية للشركة بينما توافد أهالي المنطقة واعتصموا في المكان.
وأكد على أنه الأجهزة الأمنية قامت بالتقاط الصور للمشاركين في الاعتصام، قبل أن تبدأ بحملة الاعتقالات فجرا.
عبد الله مصلح أحد أعضاء اللجنة التي أنشأها أهالي ارتاح للتصدي لإقامة مشروع جديد لشركة سند على أراضيهم، بين أن احتجاجات الأهالي ليست على الشركة بحد ذاتها وإنما على المشروع الذي سيقام في موقع قريب بين المدارس والمنازل، بسبب الأضرار البيئة والصحية على المنطقة.
وقال لـ قدس الإخبارية، إن الأهالي بدأوا سلسة احتجاجات سلمية من جهة، فما بدأت اللجنة بالتواصل مع مجموعة جهات ومؤسسات رسمية لعدم إقامة المشروع، "لم يستجب لنداءات أحد، وتركونا لقمة صائغة أمام الشركة التي تواصل العمل في مشروعها".
حماية الأجهزة الأمنيةوبين أنه يوم أمس بدأت آليات وجرافات الشركة بالعمل بحراسة العشرات من عناصر الأمن الوطني والمخابرات والاستخبارات وباقي الأجهزة الأمنية وذلك للتصدي لأي محاولة من قبل الأهالي عرقلة عمل الشركة، "كان هناك قرار بينا نحن كأهالي بعدم الاحتكاك مع الأجهزة الأمنية والاستمرار باحتجاجات السلمية، إلا أن مناوشات خفيفة دارت في المكان اعتقلت الأجهزة الأمنية خلالها أربعة شبان، قبل أن تباشر الأجهزة في ذات الليلة بحملة مداهمات المنازل واعتقال باقي الشبان".
في ذات الوقت الذي تواصل الأجهزة الأمنية اعتقال عدة شبان من ضاحية ارتاح بهدف قمع احتجاجات الأهالي، أعلنت شركة سند في بيان لها عن بدء أعمال إنشاء مخازن الإسمنت التابعة لها في قرية ارتاح، مؤكدة أن "الغاية من الموقع هي مساحة بهدف التخزين، حيث تنوي الشركة إقامة مخازن استراتيجية لتخدم منطقة الشمال بسبب المتغيرات الخاصة بالوضع الفلسطيني، وذلك لضمان توريد الإسمنت في الوقت المناسب، والحفاظ على كميات وأسعار الإسمنت، وضمان عدم انقطاعه".
ونوهت شركة سند ممثلة بإدارتها أن المشروع مقتصر على إقامة مخزن للإسمنت المكيس، ولا يتضمن ذلك بأي شكل من الأشكال إقامة موقع لتصنيع الإسمنت، "مع العلم أنه بإمكان أي مختص في هذا المجال أن يدرك أن إنشاء المصنع يتطلب مساحة تصل إلى مئات الدونمات، واختيار قطعة أرض ذات مواصفات جيرية، وهو ما لا ينطبق على قطعة الأرض التي تم شراؤها في ضاحية ارتاح، لا من حيث المساحة ولا التركيبة الجيولوجية للمنطقة."
وأضافت في بيانها، "استناداً لالتزام سند بتحقيق المصلحة العامة، ونتيجة لتمسكها القوي بمبادئ الوطنية والمهنية، فإنها تؤمن بأنه من حق المواطن، بما يشمل الأفراد والتحركات الشعبية، أن يدرك الحقيقة التامة".
مساومات على المعتقلينمن جانبه، لفت مصلح إلى أن أهالي ارتاح يتعرضون لمساومات من قبل محافظ طولكرم والأجهزة الأمنية الآن تتضمن وعود بالإفراج عن المعتقلين مقابل توقيع الأهالي على تعهدات بعدم المساس بالشركة وتركها تستكمل مخططاته، وهو ما يرفضه أهالي القرية، "كنا متأملين أن يكون المحافظ لجانبنا إلا أنه للأسف لم يقف لصفنا لأسباب خاصة، ولكن نحن موقفنا ثابت وواضح وسنواصل احتجاجاتنا".
وتدعي شركة سند أن المشروع سيكون عبارة عن مخازن للشركة، إلا أن عبد الله أبو كشك المدير التنفيذي للشركة رفض في إحدى اجتماعاته مع الأهالي التوقيع على تعهد بأن يكون المشروع مجرد مخازن، وقال للأهالي، "أعدكم إذا طرأ شيء أن نأخذ رأيكم بالموضوع"، وهو ما أثار غضب الأهالي.
وتواصل شركة سند شراء أراضي في ذات امتداد أراضي ارتاح التي سيقام عليها المشروع، ما يؤكد أن مشروع الشركة لن يبقى مجرد مخازن وسيتحول إلى مصنع، وبين مصلح أن المشروع يبعد مترين فقط على أقرب منزل عليه، كما يبعد 150 مترا عن مدرسة البنات الأساسية والثانوية.
ويؤكد أهالي ضاحية ارتاح _الذين يبلغ تعدادهم خمسة آلاف نسمة_ على أنهم على استعداد لاستقبال أي مشروع وطني على أراضيهم بشرط ألا يكون مضرا بالبيئة والصحة، ويعلق مصلح، "نحن أهالي ارتاح مستعدون أن نكون حرس وحماة لأي مشروع وطني يقام على أراضينا بشرط ألا يلحق أضراراً صحية بنا".
ويقيم الاحتلال على أراضي ضاحية ارتاح من الجهة الغربية مصنع جشوري الذي يبث السموم في المنطقة، كما يؤكد الأهالي، فيما سيصبح لديهم اليوم من الجهة الجنوبية بتهديد آخر هو مصنع "سند"، ويقول: "أصبحنا محاطين بجو فاسد وسام وقاتل".