شبكة قدس الإخبارية

الشهيد أحمد جرار.. العملية والانسحاب والمطاردة ثم الاستشهاد

هيئة التحرير

فلسطين المحتلة - خاص قدس الإخبارية: في ليلة التاسع من يناير الماضي، نصب الفدائي أحمد نصر جرار برفقة مجموعة من المقاومين كمينا محكما لأحد عرابي الاستيطان في الضفة الغربية، والذي يطلق عليه المستوطنون اسم "ملك حفات جلعاد" وأمطروه بوابل من الرصاص القاتل، وما هي إلا دقائق حتى أعلنت وسائل الإعلام الإسرائيلية مقتل الحاخام "رزيئيل شيبح" على يد مسلحين فلسطينيين، نفذوا العملية بالقرب من نابلس وانسحبوا من المكان.

ساعات طويلة، شنت خلالها قوات الاحتلال عشرات عمليات الدهم والتمشيط في محيط المنطقة الغربية لمدينة نابلس، مسرح العملية، ولم تتمكن من العثور على أثر للمنفذين، فوسعت قوات الاحتلال من دائرة التمشيط والدهم، وغيرت أسلوبها، فانتقلت عمليات البحث من إلى داخل مدينة نابلس، واستمرت لعدة أيام، ولم يخطر في بال جيش الاحتلال أن المنفذين قد خرجوا من المنطقة كلها بسلام.

أثناء كل ذلك، عمدت قوات الاحتلال إلى مصادر عشرات التسجيلات التي تحصدها كاميرات المراقبة على في معظم مناطق نابلس، لتجد فيها ضالتها، فتتجه الأنظار لخارج مدينة نابلس نحو الشمال، وفي كل منطقة كانت قوات الاحتلال تصل إليها مستفيدة من تسجيلات الكاميرات التي صادرتها، كانت تقدم على مصادرة المزيد من التسجيلات، تى وصلت عمليات البحث إلى مدينة جنين جمال الضفة الغربية المحتلة، وتحصر قوات الاحتلال جهودها في المدينة.

بحسب مصادر صحفية إسرائيلية، فإن قوات الاحتلال حصلت على معلومة سرية حول هوية أعضاء الخلية التي نفذت العملية فأعدت العدة في ليلة الثامن عشر من الشهر ذاته، وخرجت قوة خاصة من جيش الاحتلال في محاولة للوصول لمنفذي العملية بعد ورود معلومات عن مكان وجودهم، فما إن وصلت القوة الخاصة للدائرة التي يتحصن فيها المقاومون حتى اشتبكت مع أحد المقاومين هو الشهيد أحمد جرار ابن عم أحمد نصر جرار، الذي باغت قوات الاحتلال بوابل من من الرصاص فأوقع اثنين منهم مضرجين بدمائهم، قبل أن يكمل الاشتباك مع قوات الاحتلال التي وصلت لمكان الاشتباك الأول ويستشهد.

سارعت قوات الاحتلال للإعلان عن تمكنها من اغتيال منفذ عملية نابلس، أحمد نصر جرار، لتدرك فيما بعد أنها وقعت في خديعة دبرتها الخلية، فكان الاشتباك للتغطية على انسحاب أحمد نصر جرار الذي خرج سالما من العملية، فجن جنون جيش الاحتلال منذ ذلك الحين، وفرض تغطية أمنية شاملة على محافظة جنين بأكملها لملاحقة أحمد نصر.

خلال تلك الفترة، شنت قوات الاحتلال 3 عمليات واسعة في بلدة برقين بحثا عن أحمد، غير أنه كان في كل مرة يتمكن من الانسحاب دون أن يترك أثرا، ما زاد من جنون جيش الاحتلال، خصوصا في ظل الانتقادات التي وجهها العديد من المحللين السياسيين والأمنيين لجيش الاحتلال حول الفشل المتكرر الذي كانت تنتهي به كل عملية.

حارة تلو أخرى، وقرية تلو أخرى، شنت فيها قوات الاحتلال عمليات واسعة بمشاركة مختلف الفرق العسكرية بكامل عتادها مدعومة بآليات عسكرية ثقيلة، وفي كل مرة كان جيش الاحتلال يعلن انتهاء العملية ويخرج وهو يجر وراءه الخيبة والفشل.

هذا الثبات واليقظة التي كان يتمتع بها المطارد أحمد نصر جرار، والفشل المتسلسل الذي كان يمنى به جيش الاحتلال في عمليات المطاردة لقائد الخلية التي نفذت عملية نابلس، دفع جيش الاحتلال إلى اللجوء إلى التكنولوجيا علها تكون أكثر نجاعة من قواته التي أقرت بفشلها، فطيرت قوات الاحتلال العديد من المناطيد والطائرات الاستخبارية العسكرية لمراقبة كل صغيرة وكبيرة في منطقة جنين بحثا عن الشبح أحمد جرار، واستمرت على هذا الحال لعدة أيام.

وفي فجر اليوم الثلاثاء، حاصرت قوات الاحتلال مبنى في بلدة اليامون في محافظة جنين، قالت إن المطارد جرار يتحصن فيه، وشرعت بهدمه بواسطة جرافات عسكرية ثقيلة، وما هي إلا دقائق حتى أعلن جيش الاحتلال استشهاد المطارد أحمد جرار الذي أذاقها الذل والهوان على مدار شهر كامل.

العديد من المحللين والخبراء العسكريين الإسرائيليين أكدوا على أن الوصول أخيرا للمطارد أحمد نصر جرار وتصفيته، لا يغير شيئا من القصة، فصورة النصر التي رسمها على مدار الشهر لا تستطيع "إسرائيل" محوها بإراقة دمه، فالفكرة التي دفعت أحمد للخروج لتنفيذ عمليته أصبحت اليوم أكثر رسوخا في عقول وقلوب الآلاف، وما التفاعل الذي واكب عمليات المطاردة وحتى الاستشهاد مع أحمد وفعاله بالاحتلال إلا دليل على أن الجذوة لا تنتطفئ بارتقاء أسطورة مقاومة أذاقت الاحتلال صنوف العذاب.