قليلة هي الأخبار السارة القادمة من فلسطين هذه الأيام، فالوطن يعيش حالة من المجهول لا مثيل لها، والوطن يضج بالثغرات والغلاء وربطه بعربة الاحتلال، ولجان التحقيق الكثيرة والفخمة وربطات العنق تسيطر على حالتنا العصية على الكسر رغم ما ورد من ويلات وسيتبع من بيع.
سيدتي اللاجئة، يخيم التكلس على عقول الفصائل الفلسطينية ويتساوى أمين الديمقراطية مع مشعل التغيير في الميزان وكلاهما سيمضي العمر في الخلود، وحزب الفلاحين والفقراء ارتدى ربطات عنق مستوردة من أرقى مصانع التمويل ، وغولدا مائير مطمئنة للأبد بسبب خلودنا الأزلي في الصمت والإنصات.
في الطريق بين الحياة والعمل أرى قبة الصخرة من على تلال بلدة العبيدية تداعب أطياف مفتاح العودة، وبعيدا عن دجل الرومانسية أواصل الصعود من واد النار الذي وجد الناس فيه ميناس مقتولة فيتحول الواد إلى جورة عناب جديدة لنا لا لهم، ومع استمرار مشوار الفتاوي التي لا أساس لها من المنطق ولم يرد عنها في الديانات السماوية من ديباجتهم غير التكفير والظلام، وربما قريبا سنشهد الإعلان عن مسابقات جمال الأظافر واللحى وميس منكوحة، والحسرة على من يستمع للبرامج الصباحية عبر الإذاعات المحلية .
تختفي الملايين من الدولارات بين ليلة وضحاها، وتتحول المسيرات والمظاهرات إلى جثث هامدة ملقية على صفحات الفيس بوك، وقصف المسجد الأقصى من قبل المستوطنين أصبح ظاهرة يومية ووجبة دسمة للحكومة تقدمه للمواطنين الفلسطينيين على طبق من الشجب والإدانة والاستنكار.
بالطبع، دكانة المفاوضات مفتوحة لمن أراد ذلك سبيلا في منزل نتنياهو، ونحن المقهورون نبقى نرجمهم من خلال بالفوتوشوب ليل نهار، وكروش المطبعين تأخذ الأطفال إلى مباراة كرة قدم لشطب العودة والحرية والاستقلال من كراريس رسمهم، فيوحدنا عساف دقائق معدودة أمام التلفاز ويفرقنا القادة طوال الوقت ، ونخجل من قفص التاج الصدري الذي يبني الوطن بعدما هدموا خريطة فلسطين يوم استقبلوا حسين، وتنفيذية منظمة التحرير مشغولة بالاستعداد لعرس الكلام في ذكرى النكبة.
خمسة وستون عاما من المتاجرة والشحن والبيع واللعب بعواطف الشعوب وأكاذيب المقاومة والممانعة والإعفاء عن مناضلي الأقصى والدولة الكاملة السيادة وحقوق الإنسان والمرأة، خمسة وستون عاما وعيوننا ترنو إلى فلسطين من النهر إلى البحر ومن المحيط للخليج ولم نقبل بغيرها بديل، فمرحبا بك بين اهلك وزيتونك وياسمين الشهداء الذي سنفنى ونحن ندافع عنه.