الخليل - خاص قدس الإخبارية: بين أزقة مخيم العروب المشحون بالغضب ضد المحتل ولد محمود عبد الرحمن أبو سل 20 عاماً، نشأ على حب الأرض ، قاوم الاحتلال منذ ريعان شبابه ودافع عن المخيم ولم يستسلم لأسر ولا لجراح.
حكاية الألم التي عاشتها عائلة عبد الرحمن لم تتوقف على محمود فقد عانت من أعتقال اخوته أدهم، وأحمد الذي لا يزال معتقلًا في سجون الاحتلال، والعائلة لا تنسى مشاهد الاقتحام المتكرر لمنزلها، ولا الرعب الذي يصاحب الاقتحامات من تفجير الأبواب وتكسير النوافذ وتخريب ممتلكات المنزل.
حكايات من الإصابات والاعتقالاتتروي لنا والدة محمود حكاية معاناته مع الاحتلال فتقول: "بدات حكاية محمود مع الاعتقال والإصابة منذ عامه الرابع عشر، فقد كان ملازم الشباب الثأر مما جعله محط غضب الاحتلال تكمل " الأيام الصعبة التي قضيناها كانت في اعتقاله الأول عام 2011 ، فقد حاصرت قوة من جيش الاحتلال المنزل وقامت باعتقاله وتخريب اثاث المنزل وتكسيره ، ومعاناة الفراق كانت الأصعب فقد حكمه الاحتلال ستة أشهر .
وتوجز في حديث لـ قدس الإخبارية "لم ينتهي مشوار محمود بعد الاعتقال او يردعه فلازمه إصراره على المضي في حماية المخيم، وبعد ثلاثة شهور من خروجه من سجون الاحتلال أُعيد اعتقاله للمرة الثانية وأصدرت محكمة الاحتلال بحقه السجن لمدة 14 شهراً".
وتضيف والدته، "بعد 23 يوما من خروجه من الأسر، وتحديدا خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، أصيب محمود برصاصة قناص من جنود الاحتلال في ركبته ما أسفر عن إصابته بجراح خطيرة أفقدته القدرة على الحركة، ما استدعى لتسفيره للأردن لتلقي العلاج المناسب، حيث مكث في الأدن 8 شهور".
وتكمل، "أثناء العودة أوقفنا جنود الاحتلال على الحدود مع الأردن، وأقتادوا ابني محمود إلى جهة غير معلومة، كان يوماً صعباً، بقيت انتظره لعدة ساعات من ساعات الصباح حتى مغيب الشمس ولم يعد، حتى جاء ضابط المخابرات ليخبرني بأن محمود رهن الاعتقال وهو موجود في مركز تحقيق عوفر.
تقول الوالدة: "أنهمرت عيوني بالبكاء، صفعتُ الجنديّ على صدره دفعني بكل قوة إلى الخارج وطلب مني المغادرة"، مشيرة إلى أنه وبعد عدة أيام من التحقيق أصدرت محكمة الاحتلال حكماً بحقه بالاعتقال مدة 22 شهراً للمرة الثالثة، وبعد خروجه بفترة ليست طويلة أعادت قوات الاحتلال اعتقاله لمدة 24 شهرا جديدة للمرة الرابعة، وبعد خروجه بفترة قصيرة أصيب في كاحل قدمه برصاصة قناص إسرائيلي خلال مواجهات في المخيم.
حارس المخيم وعينه الساهرةفي حديث مع أحد أصدقاء الأسير الجريح محمود أبو سل قال: "محمود من الشباب الجدعان في المخيم، رغم إصابته واعتقاله لأكثر من مرة لم يثنه ذلك عن حب الوطن والتضحية من أجل الدفاع عن المخيم وهجمات الاحتلال تجاهه ولازال نفسه طويلا".
ويكمل "اعتقل 4 مرات و4 إصابات خطرة بالإضافة لعدد غير محصور من الإصابات بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، ورغم كل ذلك نراه في صفوف الشباب الثائر المدافع عن المخيم".
يروي لنا قصة إصابته الأخيرة في أحداث انتفاضة العاصمة فيقول: "أطلق جنود الاحتلال النار صوبه بشكل مباشر فأصابوه برصاصتين، أحداهى الرصاصات اخترقت هاتفه وأصابت فخذ رجله اليمنى، والرصاصة الأخرى أصابت الحوض ولم ينجح الأطباء من استخراجها".
ويكمل في حديث لـ قدس الإخبارية: "الله إلي نجاه، محمود وصل للمستشفى وكان قد فقد معظم دمه، الرصاصة التي اخترقت الهاتف وأصابت جسمه تسبب ببتر جزئي في أحد الشرايين الرئيسية، والرصاصة التي أصابت حوضه تسببت ببتر كامل لأحد الشرايين، وبذل الأطباء جهودا جبارة لإعادة ضخ الدم لقلبه مما عزز فرص نجاته رغم وصوله للمستشفى شبه ميت".
خرج محمود العصي على الكسر من إصابته الأخيرة أكثر صلابة، صحيح أنه فقد القدرة على الحركة، غير أنه يقول "إن الإصابة لن تكون عائقا في أداء مهمته بحماية المخيم، وإنه لن يرضخ لتهديدات ضابط مخابرات الاحتلال في المخيم، الذي توعد شباب المخيم وفتيانه بتحويلهم إلى معاقين كمحمود واعتقالهم، وأنه لن يبقي داخل المخيم سوى الشوخ والنساء والأطفال.