لأن الاحتلال سيستغل الإعلان ليسرّع وتيرة كل عدوانه في القدس، سيصبح التهديد بتهجير أهل حي البستان والضغط على سائر سلوان مضاعفاً، وستصبح وتيرة طرد أهالي الشيخ جراح كذلك، والاستيلاء على عقارات البلدة القديمة؛ أما الأقصى فسيعود الاحتلال إلى محاولة فرض التقسيم المكاني وفرض الهيمنة بعد أن بات معززاً بالـ "مشروعية" الأمريكية هذه المرة.
أمام ذلك لدينا خياران: الأول أن نبادر إلى معركة تمنع الاحتلال من قطف هذه الفرصة قبل حتى أن يبدأ بمحاولة استثمارها؛ والثاني أن نفشل في تقدير ما سيحصل فننتظر الاحتلال ليقطف الثمار فنخوض معاركنا واحدة واحدة عندما تُفرض علينا؛ فسيخوضها أبناء حي البستان واحداً واحداً مع هدم كل منزل، وكذلك في الشيخ جراح والبلدة القديمة وغيرها.
لا يخفى على عاقل أن الخيار الأول هو الأفعل والأجدى، فهو يحمينا أولاً من إمكانية وصول التداعيات إلينا ويسمح لنا ثانياً بأن نضرب قبضة الاحتلال على المدينة فتفقد أتزانها وإحكامها ما يعزز من قدرتنا على الصمود والمواصلة؛ هي فائدة مركبة إذن نجنيها إذا ما اغتنمنا فرصة المبادرة.
تطبيق الخيار الأول يتطلب الإدراك وتقدير المآلات؛ يتطلب حداً أدنى من الحكمة التي تخبر صاحبها بأن الوقاية خير من العلاج، وأن يتّٓعِظ من درسِ "أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض" الذي لطالما كررناه لكنه قلما وجد طريقه إلى سلوكنا، الآن فرصتنا المفتوحة لتطبيق هذه الدروس وقطف جدواها.
للسيادة ركنان: الحق والقوة، والاحتلال سلٓبَنا القوة لكن حقنا ما زال قائماً ناصعاً، وبقرار ترامب الأخير هو يأتي بمزيد من القوة مستثمراً في ضعف المحيط ليحاول أن يٓسلبنا الحق.
كيف يمكن أن تتفوق القوة على الحق؟ حينما تنجح في إخافة أصحابه وإقناعهم بالاستسلام، فهي أحكمت قبضتها ولم يَعُد من جدوى للقتال من أجل الحق، فالأجدى له أن يستسلم. بيٓدنا إذن أن نستسلم، وبيدنا أن نمنع القوة من سلب الحق في المقابل باليقين والإصرار والثبات والعناد، بالاصطدام بالقوة مرة بعد مرة دونما استسلام إلى أن تتفتت وتفنى...
ماذا سنختار؟ الأمر بين أيدينا.