شبكة قدس الإخبارية

الاحتلال يطوّر ضباطه لقيادة مناطق فلسطينية، هل يحضر لأمرٍ ما؟

مصطفى البنا

فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: كشف تقرير أمني إسرائيلي، عن سعي جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" لتطوير أساليبه وكفاءة ضبّاطه في جمع المعلومات، وتأهيلهم لقيادة مناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة لتجنيد العملاء لصالحه.

ويذكر التقرير الذي نشره موقع "والا" العبري، أن ضباط "الشاباك" يهتمون بالتفاصيل الصغيرة والكبيرة داخل التجمعات الفلسطينية، التي تساعده للحصول على معلوماتٍ مهمة لاحقًا، تمكنه من الكشف عن مخططات لعمليات فدائية.

وذكر الموقع مثالًا على ذلك، تلقي أحد ضباط "الشاباك" وهو مسؤول عن منطقة في الخليل، اتصالًا من أحد عملائه للحصول على تقرير حول الأوضاع في قريته، وتتضمن المعلومات، شراء شاب ينتمي لحركة حماس عددًا من الهواتف النقّالة، برغم فقره الشديد، وهو ما يثير شكوك ضابط "الشاباك" الذي يطلب متابعة الشاب للحصول على تفاصيل أخرى.

وبعد تحويل اسم الشاب المستهدف إلى دائرة المتابعات الإلكترونية في "الشاباك"، يتبيّن أن الشاب يمكث أوقاتًا طويلة في المسجد بعد الصلوات، وأنه حلق مع 3 من رفاقه لحاهم بشكل مفاجئ، وهو ما دفع الضابط إلى التوقيع على قرار اعتقالهم، ليتضح بعد التحقيق معهم، نيّتهم تنفيذ عمليات والاختباء داخل كهوف شرق الخليل.

أكاديمية اللغات

وركز التقرير الأمني على ما يسمى "أكاديمية اللغات"، والتي يجري فيها تأهيل ضباط "الشاباك" ليتحولوا مستقبلًا إلى مسؤولي مناطق، حيث يعتاد الضباط في الأكاديمية على سماع أغانٍ عربية كأغاني المطربة اللبنانية الشهيرة فيروز، وغيرها في محاولةٍ لتمكينهم من تقمّص الدور كاملًا.

وأشار التقرير إلى أن الأكاديمية تضم مرشحين مفترضين من "الشاباك" وأذرع أمن الاحتلال المختلفة، يتعلمون اللغة العربية ومعلوماتٍ عن الإسلام وثقافةُ وعادات وتقاليد الفلسطينيين، إلى جانب عادات ومصطلحات الشبان الفلسطينية المستخدمة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يجعلهم قادرين على التعامل معهم والتعرف إليهم أكثر، من خلال معرفة عاداتهم.

وبيّن التقرير أن نسبة إلمام الضبّاط في الأكاديمية باللغة العربية، من أهم العوامل التي تزكّيهم لتسلّم مسؤولية المناطق، إذ تعتبر العربية "رأس الحربة في تأهيل الضباط للمناصب العليا"، وإلى جانبها يتم تعليم الضباط على اللكنات العربية المحلية في المناطق، إذ إن التعمق في تعلم العربية ومعرفة لكنات المناطق ولهجاتها، يساعد الضبّاط على إقناع العملاء المفترضين على الوقوع في فخ "الشاباك"، سواء أكانوا من حفّار الأنفاق في غزة أو رجال أعمال في الضفة الغربية، على حد زعم التقرير.

كما ويتعلم الضبّاط سورًا وآيات من القرآن الكريم، "تساهم في إثراء معلوماتهم للانخراط في المجتمع الفلسطيني"، حيث يُشرح للضباط كما يتحدث التقرير "أن قراءة سورة الفاتحة يتم في عدة مناسبات لدى الفلسطينيين كعقد القرآن بين الزوجين، أو حين تنوي مجموعة ما تنفيذ عملية فدائية بنيّة طلب التوفيق".

تطويرٌ للأساليب

الخبير الأمني اللواء ركن واصف عريقات، لفت إلى أن "المعلومات التي وردت في التقرير ليست بجديدة، لكن الاحتلال دخل في مرحلة تطوير أساليبه للسيطرة والتغلغل في المجتمعات الفلسطينية ووسائل إسقاط الشبان ومنع عملياتهم الفدائية"، فمنذ احتلال فلسطين ومخابرات الاحتلال تعمل على تأهيل ضبّاطها ورفع خبراتهم وكفاءتهم للتعامل مع المجتمع الفلسطيني والسيطرة عليه، على حد قوله.

وأضاف عريقات في اتصالٍ مع قدس الإخبارية، إلى "أن ضباط الاحتلال يخضعون في هذا الإطار إلى دوراتٍ مكثفة جدًا ويصرف عليهم مبالغ كثيرة، ويتخصصون في مجالات منها الاقتصاد والزراعة والعمالة، وغيرها من المجالات التي تمس بمناحي الحياة الفلسطينية"، بما يمكنهم من جمع المعلومات وبث الإشاعات وممارسة الحرب النفسية ضد الفلسطينيين.

وفي حين يشير إلى قِدم ممارسة الاحتلال لأساليبه هذه ضد الفلسطينيين، إلا أنه لم يستبعد أن يكون تطوير هذه الأساليب، في إطار تحضيراتٍ لإعادة نموذج الإدارة المدنية في الضفة الغربية.

ويذهب عريقات إلى أن التطور في التفكير والذهنية الفلسطينية، التي أصبحت تبحث في وسائل جديدة لجمع المعلومات عن الاحتلال وابتكار وسائل مقاومة جديدة ضده، أجبرت الاحتلال على العمل لتطوير أساليب أجهزته الاستخباراتية والأمنية من أجل التصدّي لهذا التطور الفلسطيني، الذي ظهر واضحًا جليًّا من خلال عمليات الشبان خلال انتفاضة القدس.

ويعتبر جهاز "الشاباك" الذي تأسس عام 1949، أصغر أجهزة الاحتلال الاستخباراتية، ويتخصص في محاربة فصائل المقاومة الفلسطينية والسعي لإحباط عملياتها ضد الاحتلال، ورغم نشاطه المكثّف إلا أن العديد من الشبان الفلسطينيين تمكنوا من تنفيذ عملياتٍ فدائية ناجحة منذ اندلاع انتفاضة القدس في أكتوبر/تشرين أول 2016، قتلوا خلالها جنودًا ومستوطنين إسرائيليين، ما شكّل فشلًا ذريعًا للشاباك الذي لم يتمكن من تعقبّهم أو توقّع عملياتهم رغم تلميحاتهم الواضحة بنيّتهم تنفيذ هذه العمليات.