وقعت معركة جزيرة "ايو جيما Iwo Jima" بتاريخ 19 شباط عام 1945بين الولايات المتحدة الأمريكية واليابان..
الجزيرة المذكورة مساحتها لم تتجاوز 21 كيلومترا مربعا، وتقع بين خط جزيرة جوام والعاصمة اليابانية طوكيو.. وكانت تشكل الجزيرة عرقلة لأي تقدم للقوات الجوية الأمريكية..
أدرك اليابانيون أهمية الجزيرة، ولذلك وضعوا فيها 21 ألف جندي للتصدي لأي إنزال أمريكي عليها، ولكن تدمير الأسطول الياباني جعل المهمة مستحيلة وانتحارية، إذ تُركت الجزيرة معزولة بلا ماء أو طعام ودواء..
قرر الجنرال الياباني Tadamichi Kuribayashi القتال فيها حتى الموت، وكان يخاطب جنوده قائلا :"قبل أن تموت اقتل 10 جنود".
علم الجنرال أن خطط الدفاع عن الجزيرة بالخنادق الاعتيادية ستفشل سريعا، لذلك قرر بناء شبكة من الأنفاق تحت الأرض تحتوي على نقاط اتصال وتحكم، ومستودعات ذخائر ومستشفيات، وقام بربط أجزاء الجزيرة مع بعضها قدر الإمكان وقسم وحداته.. فمكث داخل هذه الأنفاق 21 ألف جندي في 18 كيلو متر من الأنفاق تحت الأرض في حرارة تزيد عن 40 مئوية..
استخدم الأمريكيون سياسة الأرض المحروقة ضد الجزيرة.. وقصفوها جوا وبحرا دون رد من اليابانيين، وكانوا يتوقعون ان تتم السيطرة على الجزيرة خلال 5 أيام فقط بسبب صغر حجمها.
وما إن حصل الإنزال الأمريكي على شواطئ الجزيرة، وتوغل الجنود الأمريكيون قليلا في اليابسة، حتى وقعوا بمصيدة القوات اليابانية، فأبيد أكثر من 60% من القوات الأولى التي نزلت للشاطئ..
استمرت المعارك في الجزيرة مدة 36 يوما، قتل خلالها أكثر من 6 آلاف جندي أمريكي وأصيب 20 ألفا آخرون، فيما قُتل من اليابانيين ما يقرب من 20 ألف، وأُسر ألف فقط..
قبيل السيطرة على آخر تحصين لليابانيين، قرر الجنرال Tadamichi Kuribayashi تنفيذ الهجوم الأخير على القوات الأمريكية، فاخذ من تبقى من قواته وهاجم خيام الجنود الأمريكيين وهم نيام وقام بقتلهم، وقُتل الجنرال ومعه جنوده، ولم يُعثر على جثمانه قط، حيث قام بإزالة رتبه العسكرية التي تدل على انه قائد حتى لا يتعرف عليه الأمريكيون.. لأنه من العار أن تؤسر جثته وفق عقيدته القتالية.
ورغم سيطرة الأمريكيين على الجزيرة في 26 آذار من عام 1945، إلا أن العشرات من الجنود اليابانيين بقوا في الكهوف الصغيرة والأنفاق غير المكتشفة.
وقام هؤلاء الجنود على مدار الشهور اللاحقة بسرقة الطعام من الأمريكيين، حتى تم محاصرة كثير منهم من قبل الجيش الأمريكي ونسف الكهوف عليهم ودفنهم أحياء لرفضهم الاستسلام، واستخدام اللهب الحارق والدخان والبنزين لمحاولة إخراجهم من الكهوف.. وفي شهر حزيران أو تموز استسلم 67 مقاتلا بسبب سوء التغذية ونقص الهواء وفيتامين سي الخاص بالشمس في ظروف صحية صعبة جدا.
واستسلم آخر جنديين يابانيين على الجزيرة للقوات الأمريكية بعد أربعة سنوات على انتهاء الحرب العالمية الثانية أي في 6 كانون أول عام 1949 وهما Yamakage Kufuku و Matsudo Linsoki .
هذه المعركة ببعض تفاصيلها المذكورة وثقت بشكل سينمائي بديع من خلال فيلمين للمخرج والممثل الأمريكي الشهير "كلينت إيستوود"، الفيلم الأول "Letters from Iwo Jima" والثاني "Flags of our Fathers" ولكنني أنصح بمشاهدة الأول قبل الثاني.