شبكة قدس الإخبارية

عائلة الشهيد البردويل: حكاية الإبعاد من القدس إلى غزّة

محمود غانم

القدس المحتلة - خاص قدس الإخبارية: عائلة الشهيد محمد ناصر جودت البردويل أرادت أن توصل صوتها، لكنّ صوت ألمهم كان خافتًا ومقتولًا، لم يسمعه أحد، هي ليست عائلة شهيد بل عائلة جريح واثنين من المبعدين أيضًا، لم تكتف المعاناة هنا، حيث أصيب رب الأسرة بجلطة في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وعلى إثرها بترت قدمه اليمنى.

إبعاد إلى غزة

عائلة البردويل من القدس، تم إبعادها إلى قطاع غزة عام 2008، بعد هدم الاحتلال لمنزلهم، وعقب محاولات عديدة لطردهم من منزلهم من قبل عملاء الاحتلال، وضمه لصالح أملاك الاحتلال الإسرائيلي، حيث انتقلوا إلى الضفة ولم يلبثوا قليلًا حتى أبعدوا إلى منزل عم الشهيد في حي الشيخ رضوان بغزة، وبدأت رحلة الإبعاد.

ويبدأ والد الشهيد محمد مسترجعًا ذكرياته الجميلة في القدس قائلاً، "كنت أعيش في منزل بمساحة 400 متر بالقرب من مستوطنة "معاليه أدوميم" في حي العيزرية بالقدس المحتلة، وأعمل في تل أبيب بمهنة التجارة وفي صحة جيدة، وأعيل أفراد الأسرة"، متمنياً أن يعود إلى منزله بالقدس والصلاة في الأقصى.

وأضاف والد الشهيد الذي سكن القدس لعشرين عامًا، "تعرض منزلنا في عام 2006 للملاحقة والتفتيش والمضايقة المتكررة من قبل الاحتلال للسيطرة عليه، وتهجرّنا منه بالقوة، إضافة إلى ملاحقة أبنائي الثلاثة والتعرض لهم".

وأوضح في حديثه لـ"قُدس الإخبارية"، بعد هدم منزلنا وتجريفه بالقدس، انتقلنا إلى بيتونيا برام الله، واصفاً تلك الأيام بالمريرة، حيث تم مناشدة المسؤولين والقيادات للعودة إلى منزلنا، ولكن باءت جميعها بالفشل قائلين لنا، "لسنا قادرين على فعل شيء، لعدم سيطرتنا على القدس".

ملاحقة واعتقال

وبحسب رواية والد الشهيد فان "ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي، استمرت للعائلة حيث مواصلة اقتحام للبيت، حتى طردهم منه، وتم إبعادهم إلى غزة، قائلاً، "تعرضت للسجن في سجون الاحتلال عدة مرات متفاوتة، تحت حجج واهية".

"وتم إبعاد أبنائي الثلاثة إلى غزة، بتهمة القيام بعمليات وتشكيل مجموعات في الضفة والقدس كما يدعى الاحتلال، وإن إبعادنا إلى غزة جاء بهدف قطع جذورنا من مدينة القدس، وعدم مواصلتنا في الدفاع عن حقنا والمطالبة باسترجاع منزلنا"، يقول البردويل.

وأضاف، "أصبت بثلاث جلطات خلال فترة مكوثي في سجون الاحتلال، من شدة الضرب والعنف الذي تعرضت له، حيث على إثر هذه الجلطة تم بتر قدمي اليمني خلال انتقالي إلى غزة".

ويسرد والد الشهيد روايته المليئة بالألم، عندما جاء نبأ استشهاد ابنه في عام 9/9/2010 في أول أيام عيد الفطر على يد مسؤول منطقة العيزرية لدى الاحتلال كابتن ميري، وبمساعدة من جنود الاحتلال، بعد ملاحقته وفشل الاحتلال في سجنه.

ذكريات الشهداء لا تموت، بل تولد باسستشهادهم، لذا وصف والد الشهيد نجله بأنه "كان محبوبا من العائلة ويلبي جميع ما نحتاجه، ولديه عزيمة وإصرار في الدفاع عن أرضه مهما كلفه الثمن من ملاحقة وتهديد".

مطاردة فاغتيال

من جهتها قالت والدة الشهيد، "مش راح أعوض الأيام الي عشتها مع ابني الشهيد من أخلاق وطيبة وحبه لأرضه ووطنه فلسطين الذي عاش واستشهد من أجله".

وأضافت في حديثها لـ"قُدس الإخبارية"، "ابني استشهد في الضفة، ونحن موجودين في قطاع غزة، وبعد مناشدات وأسبوع من احتجازه لدى الاحتلال، تمكنا من دفنه في غزة، وحين وداعه لم أتمالك نفسي وسقطت دموع الألم".

واستذكرت والدة الشهيد موقف لابنها الشهيد قائلة، "حينما ذهبنا لإجراء عملية لوالده في نابلس والتقيت به، حيث كان مطارداً هناك في حينها، وأوصاني بعدم معرفة أحد طريقه حتى لا يكشف الاحتلال مكان وجوده ويعتقله".

وبحسب والدته "كنا نعيش في منزلنا بحي العيزرية بالقدس براحة واستقرار، ولكن فقدنا هذه الذكريات الجميلة بعد إبعادنا إلى قطاع غزة، حيث نسكن مؤقتاً في منزل شقيق زوجي، دون وجود مأوى لنا".

"خلال مجيئنا إلى غزة عام 2008، لم نتلق مساعدة من أي جهة، خاصة أن زوجي مريض بحاجة إلى توفير علاج مستمر، إضافة إلى أن أبنائي الثلاثة لا يستطيعون توفير قوت أبنائهم، لعدم امتلاكهم أي فرصة عمل"، تقول والدة الشهيد البردويل.

وأضافت "لم نتلق راتب شهيد من الحكومة، وكل ما حصلنا عليه هو الوعود، مختلقين لنا  الحجج، بعدم وجود أوراق ثبوتية لذلك، متسائلة ً كيف نوفر لهم أوراقا بعدما هدم الاحتلال لمنزلنا وفقدنا كل شيء".

ودعت الجهات المسؤولة إلى توفير راتب لنجلها الشهيد كحق واجب، وإعادة راتب الشؤون الذي تم قطعه قبل سنوات بحجة وجود معاش لابني المبعد، فيما أعرب والد الشهيد عن أمله في توفير علاج للمرض الذي يعاني منه نظراً لارتفاع تكاليفه، معرباً عن أمله في توفير كرسي كهربائي، لمساعدته على المشي والحركة بسلامة، خاصة بعد بتر قدمه".

بدوره، أكد مدير مؤسسة الشهداء والجرحى أبو جودة النحال على أن المؤسسة على متابعة مستمرة لملف الشهداء في قطاع غزة، وفقاً للقانون ووجود الأوراق الثبوتية.

وأضاف النحال أن عائلة الشهيد البردويل لم تتلقى راتب شهيد، لابنها لعدم توفر الأوراق الثبوتية لاستشهاده ووجود غموض في ملفها، خاصة أن الشهيد لم يستشهد في غزة، لافتاً إلى أنه في حال توفرها ستحل المشكلة فوراً وتمكنهم من استلام راتب شهيد لابنهم.

ودعا النحال عائلة الشهيد البردويل إلى توفر الأوراق الثبوتية واصطحابها إلى المؤسسة، حتى تتمكن من متابعة القضية وحل مشكلتهم في قطاع غزة.