القدس المحتلة - خاص قدس الإخبارية: منذ سبعة عقود وحتى يومنا هذا، لا يتوانى الاحتلال الإسرائيلي عن استعمال كافة الوسائل التي تحاول جاهدة دون جدوى ترسيخ قصة تاريخية ملفقة لهم في أرض فلسطين المحتلة، طمسوا وزوروا الكثير من الحقائق وحاولوا تغيير معالم بعض الأماكن وحتى أسمائها.
وفي المدينة المقدسة، وحتى آخر تعداد عام 1945 كانت المدينة تضم 70 قرية، حافظت معظمها على أسمائها التي تؤكد على عروبة المكان وتواصل الاسم من الزمن الكنعاني في بعض القرى وحتى يومنا هذا، لتواجه من بعدها خطر الاحتلال ومحاولته تهويد الأسماء وتغييرها. وهنا نستعرض بعض هذه القرى وسبب تسميتها.
قرية شعفاط: تدور حول اسم هذه القرية الواقعة في الشمال الشرقي من مدينة القدس الكثير من القصص والتأويلات، فحتى زمن قريب كان يعتقد البعض أن اسم القرية شعفاط سمي على اسم الحاكم الروماني يهوشفاط، وهو اعتقاد خاطئ يروج له الاحتلال وضحده الكثير من المؤرخين.
والحقيقة أن اسم شعفاط كما كتب في السجل العثماني الموجود اليوم في تركيا هو "شعفات" وهو جمع لكلمة عربية هي "شعفة" وتعني رأس الجبل، والشعف أيضا يعني ما علا من الأرض وارتفع وهو مطابق لوصف قرية شعفاط على أرض الواقع.
قرية قلنديا: هذه القرية العريقة ارتبطت بأذهان معظمنا اليوم بحاجز قلنديا العكسري الذي يقع على أرضها ويفصل بين القدس ورام الله، قلنديا والتي تقع شمال القدس يعتقد أن اسمها يعود لأصل كردي، إذ أن جيش الفتح الصلاحي ضم قبائل من الأكراد سكنوا المكان، ومما يزيد ترجيح هذا الرأي عدم وجود هذا الاسم خلال العصر الصليبي الذي سبق مجيء الجيش الصلاحي للمكان.
أما الاعتقاد الآخر بأن يكون الاسم قلنديا اسماً لاتينياً حيث ورد في اللغة اللاتينية باسم "kalendie".
قرية العيزرية: تقع شرق القدس وسميت قديماً ببيت عَنيا وتعني بيت الفقر والبؤس، ثم سميت لاحقاً إلعيزرية نسبة إلى إلعازر، أي أن الهمزة والألف أصليتان في اسم القرية إلا أنهما سقطتا مع مرور السنوات والأيام، وحتى اليوم يوجد في القرية مسجد سيدنا العزير، ودير يحمل اسم إلعازر.
قرية العيسوية: تقع أيضاً في الجانب الشرقي من مدينة القدس، وتعود ياء النسب فيها إلى عيسى، ويعتقد سكان القرية أنها سميت نسبة لعيسى عليه السلام، ولكن عدم وجود أي كنيسة أو دير في القرية يشكك في هذه الرواية، ويرجح رواية أن تكون العيسوية سميت نسبةً للملك المعظم عيسى والذي كان في المنطقة عام 1227 م تقريباً.
قرية الرام: جاءت تسمية هذه القرية الواقعة شمال القدس في السجلات العثمانية باسم رامة مع هاء التأنيث، وتعني في اللغة الآرامية اليهودية القديمة التلة، أو ما ارتفع من الأرض، وجاءت من جذر الكلمة روم وتعنى العلو أو الارتفاع، وهو مطابق أيضاً لوصف جغرافية القرية على أرض الواقع، ومع السنوات سقطت الهاء ووضعوا لها ال التعريف لتصبح قرية الرام.
قرية الطور: ورد اسم قرية الطور التي تقع في الجانب الشرقي من القدس في السجلات العثمانية "طور زيتا"، ومع مرور السنوات سقطت كلمة زيتا وأضافوا لها أل التعريف لتصبح الطور، وتعني في الآرامية القديمة "الجبل"، أي طور زيتا كانت تعني جبل الزيتون وهذا الاسم بقي حتى اليوم بعد تعريبه.
قرية عناتا: يعود أصل اسم هذه القرية القديم إلى الزمن الكنعاني، إذ سميت في الفترة الكنعانية باسم عناتوت نسبة إلى عنات وهي آلهة كان يعبدها الكنعانيون، ثم تحول الاسم إلى عناتو في العصر البيزنطي، وأصبحت في الآرامية السريانية عناتيا، ولاحقاً لصعوبة اللفظ سقطت الياء وأصبحت عناتا، وبقي اسمها من زمن الكنعانين وحتى يومنا هذا على اسمها عناتا.
قرية كفر عقب: تقع هذه القرية شمال مدينة القدس، ويعود أصل اسمها إلى العربية "كَفر" بفتح الكاف وتعني كفرت الشي أي أغطيته وسترته، وهو وصف مطابقٌ لطبيعة القرية إذ يدل على الطريق الصخري الصاعد أعلى الجبل هناك.
الواضح وما لا يخفى على أحد أن معظم أسماء قرى مدينة القدس تعود لأصل كنعانيٍ أو سريانيٍ أو آرامي، وهو ما يؤكد عروبة هذه القرى أصلاً وتسميةً، وهو ما يدفع الاحتلال في الكثير من الاوقات لمحاولة تغيير هذه الأسماء أو تحريفها، بعد أن حافظت على اسمها لآلاف السنوات.
كتبت هذه المادة بناء على بحثٍ أعده دكتور اللغة العربية ناصر الدين أبو خضير بعنوان أسماء قرى القدس.