شبكة قدس الإخبارية

صوت السنابل من خلف القضبان: دقوا ناقوس الخطر

شذى حمّاد

الخليل - خاص قدس الإخبارية: مؤشر المذياع يشير إلى الموجة 90.1، ولكن لا صوت يأتي عبره كما اعتاد أهالي جنوب الخليل، لا شيء سوى الصمت منذ شهور طويلة.

31 آب 2016، الساعة تخطت منتصف الليل وما زال جزء من طاقم راديو السنابل يتابع عمله الإذاعي، ينقل لأهالي مدينة دورا مستجدات مداهمة قوات الاحتلال للمدينة، ودفعها بتعزيزات عسكرية إضافة لجرافات إلى المنطقة، دون أن يعلم طاقم السنابل أنه سيصبح الحدث بعد دقائق معدودة.

اعتقال طاقم السنابل

صدام عمرو من إذاعة السنابل يروي لـ قدس الإخبارية، أن ثلاث فرق من قوات الاحتلال حاصرت منازل كل من حامد نمورة، منتصر نصار، ونضال عمرو، وبعد تأكدها من وجودهم داخل الإذاعة، قامت بمحاصرتها فاقتحامها، "صادروا أجهزة الإذاعة بعد تدميرها واعتقلوا الطاقم، ليخرجوا تاركين خلفهم خسارة تفوق 50 ألف دولار".

تركت قوات الاحتلال أمرا معلقا على باب الإذاعة ينصل على إغلاقها لمدة ثلاثة شهور، بعد أن جردتها من معداتها وطاقمها الكامل، إذ اعتقلت كل من: منتصر نصار، نضال عمرو، حامد نمورة، أحمد دراويش، محمد عمران.

إذاعة السنابل التي تأسست عام 2013، تسكت مجبرة لأول مرة، لا أغانٍ وطنية ملتزمة تتردد على أثيرها، وها أصوت مذيعيها التي حفظها أهالي الخليل يُغيب داخل سجون الاحتلال.

يقول صدام، "الإذاعة كانت تقدم برامج اجتماعية وسياسية مختلفة، أهمها البرنامج الاجتماعي مع المواطن الذي كان يقدمه منتصر، إضافة لنشرات إخبارية على رأس كل ساعة".

السنابل لن تعود إلا بعودتهم

رغم أن قرار إغلاق الإذاعة انتهى، إلا أن الاحتلال لم يعد الأجهزة التي صادرها، ولم يفرج حتى الآن عن طاقم الإذاعة الذي يخضع لمحاكمة بتهمة "التحريض"، "حتى لو تم إعادة الأجهزة، فلن تصلح للعمل فقد تم تدميرها خلال عملية مصادرتها، فقد تعمد الجنود على خلعها وتحطيمها (..) كما لم تعود الإذاعة للعمل إلا بعودة طاقمها وتحرره من سجون الاحتلال"، يعلق صدام.

تسعة شهور وطاقم السنابل ما زال معتقلا في سجون الاحتلال، وتهمته الوحيدة صوت إذاعته، فيما يؤكد صدام كما عائلات الأسرى الخمسة على أن المؤسسات الحقوقية وعلى رأسها نقابة الصحافيين لم تقم بأي دور يذكر، رغم أن الاحتلال يحاكم الطاقم على ممارسة دوره الإعلامي، ولم يوجه له تهم غير ذلك.

ويضيف، أن نيابة الاحتلال طالبت بإصدار حكم عالٍ قد يصل إلى ثلاث سنوات، فيما قد يصل حكم مدير الإذاعة أحمد الدراويش (22عاما) إلى أربع سنوات، وهو أصغر الأفراد في الطاقم، يتابع صدام، "أشتاق لهم كثيرا وخاصة في شهر رمضان، إذ كان لنا في الإذاعة الكثير من الذكريات معا".

رسالتهم من داخل السجن 

طاقم إذاعة السنابل بعث رسالة من داخل سجن عوفر في 15 أيار 2017، حذر فيها مخططات الاحتلال الساعة لتكميم صوت الصحفي الفلسطيني، فقضية طاقم السنابل سيستعملها الاحتلال كمفتاح لفتح ملفات أخرى لللصحفيين والمؤسسات الإعلامية في فلسطين.

وجاء في الرسالة، "ما ينتظرنا من مخطط التضييق والإقصاء يستدعي منا دق ناقوس الخطر لما هو قادم بحق الصحفيين والمؤسسات الإعلامية الفلسطينية (..) ما حدث ويحدث في قضية اعتقالنا نحن طاقم إذاعة السنابل ظلم جائر ونية مبيتة لضرب المؤسسة الإعلامية الفلسطينية في عمقها".

وأكد الطاقم في رسالته، على أن الاحتلال يحاكمهم على البرامج الإخبارية وفحوها والأغاني الوطنية التي تعود لعام 1967، التي بثتها الإذاعة، إضافة لاستخدام مصطلح "الشهيد".

"ما لا تعلمونه جميعا-سيما الزملاء الصحفيين أن نيابة الاحتلال تطالب المحكمة الإسرائيلية بتنفيذ عقوبة السجن ثلاث سنوات بحقنا(..) نقول أننا بوابة العبور لطريق اعتقال الصحفيين وتقييد حريتهم، ما يعني أن أي صحفي سيعمل لاحقا سيواجه ذات المصير الذي سنؤول إليه (..)"

التحريض تهمتهم

المحامي أشرف أبو سنينة محامي الصحفيين منتصر نصار ونضال عمرو، بين لـ قدس الإخبارية، أن محاكم الاحتلال تسعى لإصدر حكم عال على طاقم السنابل، بعد أن أبلغت نيابة الاحتلال الطاقم أنها "ستربي الصحفيين الفلسطينيين بدءا بهم".

وأكد على أن  هذه المرة الأولى التي تمر عليه قضية تحت ادعاء "التحريض على فيسبوك والإذاعة" يتعامل معها الاحتلال بهذا الحزم، مصرا على إنزال أقصى عقاب يمكن أن ينزله على الطاقم، ويضيف أبو سنينة أن اعتقال الصحفيين بالعادة كان يتم بربطها بقضايا أخرى، إلا أن هذه المرة الأولى التي يكون بها الاحتلال واضحا تماما ويحاكم على خلفية عملهم الصحفي بعد اتهامهم "بالتحريض".

وبين أن نيابة الاحتلال قدمت للمحكمة الإسرائيلية تسجيلات صوتية لبرامج الإذاعة وتصوير لمنشورات تم نشرها على صفحة الإذاعة والصفحات الشخصية للطاقم، فيما لم يعط الطاقم أي فرصة للدفاع عن نفسه أو الإدلاء بما لديه.

ولفت أبو سنينة إلى أن مع نهاية عام 2017 قد تصدر محكمة الاحتلال حكمها بحق طاقم السنابل، الذي يمارس عليهم ومذ اعتقاله ضغطا نفسيا كبيرا، ويبين أبو سنينة أن الأسير الصحفي منتصر نصار أصيب بمرض السكري جراء ما يعايشه من ضغط، وعدم معرفته ماذا ينتظره والطاقم بالأيام القادمة.

فيما يقول والدة منتصر لـ قدس الإخبارية، إن لائحة الموجهة إلى نجله وباقي طاقم السنابل تتضمن تهمة "التحريض من الدرجة الأولى"، وقد عقدت محكمة الاحتلال 17 جلسة قضائية حتى الآن، فيما ستكون الجلسة المقبلة في  19 تموز المقبل.

وبين أن بعد الجلسة الثانية لمحاكمتهم قرر قاضي محكمة الاحتلال الإفراج عن طاقم الإذاعة بشرطة دفع غرامة بقيمة أربعة آلاف شيقل، إلا أن المدعي العام الإسرائيلي رفض ذلك وقد استأنف القرار.

45 يوما كان قد مضى على زواج منتصر (28 عاما) حينما تم اعتقاله، "منتصر أصابه مرض السكري بسبب الظلم الذي وقع عليه، فهو يحاسب على عمله الصحفي، وهي سابقة خطيرة لم نشهدها من قبل".

وأضاف، "نحن عائلات الصحفيين الخمسة مستغربون جدا من دور نقابة الصحفيين الضعيف، فلا تحرك لهم حتى الآن ونحن نأسف لذلك ونتمى أن يكون لها وللمؤسسات الحقوقية دورا حقيقا وفعالا".

فيما يقول محمد عمرو شقيق الأسير الصحفي نضال لـ قدس الإخبارية، "10 شهور على اعتقال نضال (25عاما) طاقم السنابل ولا يوجد أي مستجدات حتى الآن على قضيتهم، سوى التأجيل المستمر"، مشيرا إلى تخوف العائلة من إصدار الاحتلال الحكم الذي تطالبه نيابته باعتقالهم مدة ثلاث سنوات.