شبكة قدس الإخبارية

أمهات الأسرى يقدن الحرب

شذى حمّاد
رام الله - خاص قدس الإخبارية: محتضنة صورة أبنائها الأربعة، تجوب لطيفة أبو حميد فعاليات التضامن مع الأسرى بأمعاء فارغة تماما منذ 17 نيسان، وبروح ممتلئة بالكرامة. لطيفة أبو حميد (69 عاما) من مخيم الأمعري، والدة أربعة أسرى معتقلين في سجون الاحتلال منذ أكثر من 10 سنوات، وهم: ناصر محكوم بالسجن سبع مؤبدات و50 عاما، نصر المحكوم السجن المؤبد خمس مرات، شريف محكوم بالسجن أربع مؤدات، ومحمد المحكوم بالسجن مؤبدين و30 عاما. الأبناء الأربعة للطيفة أعلنوا خوضهم معركة الكرامة منذ انطلاقها في 17 نيسان الجاري، لانتزاع مجموعة من الحقوق والمطالبات الأساسية للأسرى في سجون الاحتلال، فيما أعلنت لطيفة أيضا إضرابها عن الطعام لتساند بأمعاء الخاوية أبنائها وكافة الأسرى في سجون الاحتلال. ورغم أن لطيفة تعاني من تعب وارهاق وضعف عام إلا أنها لم تذبل حتى الآن، وتواصل المشاركة بكافة الفعاليات التضامنية مع الأسرى والتي تنظم في مدينة رام الله، فمنذ ساعات الصباح ترتدي ثوبها المطرز وتلف كوفيتها حول عنقها ثم تبدأ تجوب الفعاليات وخيام الاعتصام وهي ترفع صورة أبناءها الأربعة معتزة فخورة بهم، كما اليوم الأول منذ اعتقالهم في سجون الاحتلال. تقول لطيفة لـ قدس الإخبارية، "اتخذت قرار الإضراب عن الطعام ليس تضامنا مع أولادي فقط، بل مع كل الأسرى في سجون الاحتلال، مع الأشبال والمرضى والنساء (..) أنا مضربة تضامنا مع كل أسير في سجون الاحتلال" ليست المرة الأولى التي يخوض أبناء لطيفة معركة الإضراب عن الطعام، فطيلة سنوات اعتقالهم لم يوفتوا معركة واحدة إلا وخاضوها، فيما كانت هي سندا ومشجعا لهم دائما، ولطالما أيضا أعلنت إضرابها لمساندتهم. وتعلق لطيفة، "انتصار الأسرى في معركتهم معلقا على الحراك الشعبي وخاصة أهالي الأسرى وذلك بتشكيلهم فعاليات ومسيرات يومية تتوجه إلى الحواجز ونقاط الاحتكاك مع الاحتلال (..) فنجاح الحراك الشعبي يضمن نجاح الأسرى في إضرابهم حتى انتزاع حقوقهم". ولطيفة هي أم الشهيد عبد المنعم أبو حميد الملقب بـ "صائد الشاباك" بعد تنفيذه وفدائيين آخرين عملية اغتيال لضابط شاباك في 18 كانون أول 1993 بعد ثلاثة أيام من اقتحام منزلهم في مخيم الأمعري والعبث في محتوياته، وتركه استدعاء للتحقيق لعبد المنعم. في خيمة الأسرى المقامة وسط رام الله، تنهض لطيفة عن كرسيها لتؤدي صلاة العصر في زاوية الخيمة حيث أدت قبل ساعات صلاة الظهر، "لا أهتم إذا سيؤثر هذا الإضراب على صحتي، فأنا لست أفضل من أبنائي وباقي الأسرى في سجون الاحتلال (..) أنا أم لا أستيطع الأكل والشرب وأبنائي مضربين عن الطعام ولا يعلم بوضعهم إلا الله". ولا تخفي لطيفة قلقها وخوفها على أبناءها وحدوث تدهور على صحتهم إذا طالت معركتهم بالإضراب عن الطعام، "كافة الأسرى في سجون الاحتلال يعانون أمراض صحية وأوجاع، فابني محمد يعاني من آلام مستمرة في ظهره، وشريف يعاني من ارتفاع الكولسترول". وفي رسالتها إلى أمهات الأسرى، طالبت لطيفة، أن لا يكن ضعيفات يكتفين بالقلق والحزن والبكاء بل عليهن أن يكن محركا للفعاليات الشعبية، "يوجد سبعة آلاف أسير في سجون الاحتلال، لو واحد فقط من كل عائلة شارك في فعالية، لكان الحراك أقوى وفعالا أكثر (..) وكلما كان التضامن الشعبي قوي كلما ساهم ذلك في اختصار معركة الاضراب عن الطعام والضغط على الاحتلال لتحقيق مطالب الأسرى بشكل أسرع". إلى جانب لطيفة، تجلس سميرة (60 عاما) والدة الأسيرين محمد ورامز ابراش وهي تحتضن صورة ابنيها المنقطة أخبارهم عنها تمام، فالاحتلال لا يسمح لها بزيارتهما في سجن عسقلان إلا مرة واحد كل ستة شهور، وذلك ضمن عقاب  يفرضه على الأسيرين منذ زيارتها لهما قبل ستة شهور. الأسير محمد محكوم بالسجن المؤبد ثلاث مرات و30 عاما يعاني من تدهور في حالته الصحية باستمرار وخاصة أنه فقد ساق وإحدى عينيه إثر إلقاء الاحتلال قذيفة اتجاهه قبل 15 عاما، وتبين والدته أن يعاني من تقرحات في ساقيه كما يعاني من التهاب رئوي إضافة إلى أنه بات يفقد حاسة السمع شيئا فشيء. أما عن رامز المحكوم بالسجن مدى الحياة، فتروي سميرة أنه يعاني من التهاب رئوي، والتهابات في معدته إضافة معاناته من "رفة" مستمرة بالقلب. وتعلق سميرة أمالها على الإضراب الذي تتضمن مطالبه تحقيق الرعاية الصحية اللازمة للأسرى المرضى من ضمنهم ابناءها الاثنين، "محمد ورامز معتقلين منذ 15 عاما ولم يتلقوا العلاج اللازم حتى الآن، وتكتفي مصلحة سجون الاحتلال بتقديم المسكنات لهم وهو ما أدى لتراجع حالتهم الصحية". وتضيف، "من ضمن مطالبات الأسرى إلغاء المنع الأمني عن أهاليهم وهذا ما أتأمل به أيضا، فأنا لا أزور أبنائي إلا مرتين في العام رغم أنهما مريضين ما يبقيني في حالة قلق وخوف كبير عليهما". وسميرة هي والدة الشهيد الفتى صابر ابراش الذي ارتقى عام 2000، "استشهد ابن لي، والآن انتظر استشهاد محمد أو رامز الذين يعانيا في سجون الاحتلال". وناشدت سميرة الشارع الفلسطيني لاستنهاض والوقوف مع الأسرى في معركتهم، "حراك الشارع مهم جدا لرفع معنويات الأسرى والضغط على الاحتلال حتى انتزاع الأسرى حقوقهم وانتصارهم في معركتهم". أما أم الأسير رأفت القروي الذي يقضي حكما بالسجن 15 عاما، فتبين لـ قدس الإخبارية، أن نجلها مضربا عن الطعام في سجن النقب منذ 17 نيسان حيث انقطعت أخباره عنها بالكامل، "أتأمل أن يكون بخير وصحته جيدة". وطالبت والدة القروي مؤسسات السلطة الفلسطينية بشكل خاص في تكثيف جهودها المساندة للأسرى في معركتهم، "أناشد أهالي الأسرى أيضا على بذل كافة جهودهم في الوقوف مع أبناءهم، فهذا يومنا ويجب أن نكون بجانب بعضنا البعض حتى انتصار ابناءنا". وأضافت، "الأسرى يستمدون قوتهم من أمهاتهم بشكل خاص، لذلك علينا أن نكون على قدر المسؤولية وأن نقود حراك الشارع ونتصدر كافة الفعاليات التضامنية".