رام الله - خاص قدس الإخبارية: "لا أعترف بمحكمتكم، ومن يجب أن يحاكم هم جنودكم، أما هذا الحكم فهو شرف لي"، صرخ مجد زيادة (١٨عاما) بوجه قاضي محكمة الاحتلال عام ٢٠٠٢، بعد أن نطق بحكمه على مجد بالسجن ٣٠ عاما.
١٥ عاما مرت وذات العبارة التي أثارت جنون محكمة الاحتلال حينها، ما زال صداها يتردد في أروقتها وداخل رأس القضاة أنفسهم الذين أعادوا فتح ملف مجد معترفين أن محاكمته تخللها إجراءات خاطئة - مقصودة أو غير مقصودة - لتصدر محكمة الاحتلال قراراها في ٢٧ آذار بتخفيض حكم مجد إلى ٢٠ عاما.
إلا أن لطيفة والدة مجد غابت قبل أن تسمع خبرا عن مجد يسعد قلبها، فقبل العامين توفيت دون أن تودع نجلها الأسير الذي لم تره ولم تسمع صوته حتى قبل وفاتها بسنوات عديدة.
الأسير مجد أدين وزملاء آخرون بتشكيل خلية عسكرية نفذت عددا من عمليات إطلاق النار، وقد أصدرت محاكم الاحتلال حكما بالسجن ١٥ عاما على رفاق مجد، فيما نال هو الحكم الأكبر.
المحاميان عنان عودة ولبيب حبيب عملا بشكل مكثف خلال العاميين الماضيين على ملف الأسير مجد باحثين عن الثغرات والخروقات القانونية التي تتيح لهم إعادة فتح الملف في المحاكم الإسرائيلية مجددا.
فيبين عنان عودة لـ"قدس الإخبارية"، أنه وفي عام ٢٠٠٢ أدانت محكمة الاحتلال الأسير مجد زيادة بلائحة اتهام تضمنت ١٦ تهمة لم يعترف بأي منها، وخلال تداولات الملف انخفضت التهم إلى ثمانية، إلا أن المحكمة قررت الحكم عليه بالسجن ٣٠ عاما.
وبعد نطق محكمة الاحتلال بالحكم على مجد، تم التقدم بطلب استئناف للنيابة الإسرائيلية العامة التي لم تنظر بحينها إلى لائحة الاتهام المعدلة، ورفضت الاستئناف بناء على لائحة الاتهام الأولى، كما يؤكد المحامي عودة.
وبناء على المعطيات التي توصل إليها المحاميان، قررا التقدم إلى المحكمة العسكرية الإسرائيلية بطلب إعادة محاكمة مجد أو إعادة الاستئناف، "بعد مداولات طويلة استمرت عاما ونصف، وافقت النيابة الإسرائيلية إلغاء الاستئناف وإعادته مجددا لإدراكهم الأخطاء الكبيرة في ملف مجد" قال عودة.
وبين أنه جرى مداولات عديدة مع النيابة الإسرائيلية لتخفيض حكم مجد إلا أنها أصرت على تخفيضه لـ ٢٠ عاما، "حاولنا تخفيضه إلى ١٥ ومساواته بشركائه بالقضية، إلا أنه بحكم الظروف ومرور الزمن كان ذلك مستحيلا".
ولفت عودة إلى أنه في الانتفاضة الثانية وما رافقها من اعتقالات كبيرة لمنفذي العمليات الفدائية، وإهمال الجهات المتابعة، استغلت محكمة الاحتلال هذه الظروف لإصدار أحكاما جائرة غير مستندة على القانون بهدف تخويف الفلسطينيين.
وبالرغم من ذلك، يؤكد عودة على أن إعادة فتح ملفات الأسرى وعرضها على محاكم الاحتلال مجددا ليس بالأمر السهل، بل تمر بإجراءات صعبة للغاية وبحاجة لمرجع قانوني قوي ووجود خلل جوهري في الملف، فالحكم العالي بالسجن ليس بسبب مقنع للقضاء الإسرائيلي.
وأضاف أنه بين يديه ومحامين آخرين العديد من الملفات المشابهة لملف الأسير مجد ولكنها بحاجة لكثير من الدراسة قبل التقدم بها للمحاكم الإسرائيلية مجددا.
وبين أن الأسرى يترددون في اتخاذ قرار إعادة فتح ملفهم في محاكم الاحتلال، لما يرافقها من تكاليف مالية عالية لا يستطيعون دفعها، مطالبا المؤسسات والجهات المعنية بالاهتمام بهذا الجانب ومساندة الأسرى.
محمود زيادة والد مجد قال لـ"قدس الإخبارية": "إن مجد والعائلة كانوا ينتظرون ١٥ عاما أخرى تمضي حتى يتحرر مجد ويعود إليهم، إلا أنه وبصدور هذا القرار فقد بقي أمام مجد خمس سنوات، "خمس سنوات ليست بالسهلة أيضا، ولكنها خففت عنا وعن مجد الكثير (..) فنحن نفكر دائما متى سيخرج مجد وهل سيكون له فرصة ليمارس حياته؟!".
وأضاف أن "قضية مجد تسلط الضوء مجددا على ملف الأسرى وأسرهم وهو ما يستوجب تضافر الجهود للوقوف معهم، وتابع: "نحن لا نزرع أوهاما ولا نعلق آمالنا على قضاء الاحتلال، ملف مجد كان فيه أخطاء قانونية، نحن لا نقدم طلبات استرحام.. وبناء عليه اضطروا لإعادة النظر بالحكم الذي استند لاتهامات غير حقيقية".
وأضاف، "والدته توفت قهرا وكمدا على اعتقال مجد وكانت تنتظر أن تعيش ليوم الفرج بتحرره (..)، نتمنى كباقي أهالي الأسرى أن نستقبل أبناءنا المعتقلين قبل أن نغادر الحياة".