فلسطين المحتلة – خاص قدس الإخبارية: في خطوةٍ جديدة تعطي الضوء الأخضر لاستحداث أزمةٍ في سوق الدواجن بالضفة المحتلة، قررت وزارة الزراعة الفلسطينية السماح باستيراد الدجاج اللاحم من "إسرائيل" خلال شهر آذار.
القرار أثار استغراب ائتلاف جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني، التي طالبت بوقفه والعمل على دعم مربي الثروة الحيوانية وتعزيز صمودهم بوسائل الحماية كافة.
ويشهد السوق الفلسطيني بالآونة الأخيرة، انخفاضًا في كميات الدجاج مما سبب ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الدجاج اللاحم، نظرًا للأحوال الجويّة وانخفاض درجات الحرارة مؤخرًا، وعوامل أخرى.
وتساءل الائتلاف خلال بيان صحفي "لماذا لا تقوم وزارة الزراعة الإسرائيلية باستيراد الدواجن واطباق البيض من السوق الفلسطيني عندما تنخفض الأسعار لدينا وترتفع لديهم إذا كان هذا الإجراء ينقذ".
لماذا قلّت الدواجن من السوق؟!
مدير عام التسويق في وزارة الزراعة طارق أبو لبن، قال إن ما أدى لانخفاض متضاعف في كميات الدجاج في السوق، سببه إصابة مزارع إنتاج بيض التفريغ الإسرائيلية وأخرى أوروبية بإنفلونزا الطيور، لتقلّ الكميات الموردة إلى السوق الفلسطيني من بيض التفريغ وانعكس بدوره بانخفاض كميات الصوص المورّد إلى المزارع الفلسطينية في شهري كانون الثاني وشباط، مما ينذر بانخفاضٍ في كميات الدجاج اللاحم في السوق الفلسطيني في الأسابيع الأولى من شهر آذار".
وبرّر أبو لبن خلال حديث مع قدس الإخبارية، القرار الحكومي الذي يقضي بالسماح بالاستيراد من دولة الاحتلال، بأنّه اتُخذ بشكل احترازي مشروط بالموافقة الخطية للدائرة المعنية في وزارة الزراعة للتدخل وقت الحاجة عندما تنقص كميات الدجاج في السوق الفلسطيني بشكل حقيقي وفعلي، أو عند ارتفاع أسعار الدجاج لأعلى مما هو متفق عليه بين المزارعين والحكومة، وذلك بهدف حماية السوق والمستهلك.
من ناحيته، أوضح المهندس الزراعي من اتحاد لجان العمل الزراعي، عمر الطيطي أن انخفاض كميات الإنتاج من الدجاج في فصل الشتاء هو أمر متكرر يحدث سنويا بسبب نفوق أعداد كبيرة من الدواجن لعدم جاهزية المزارع بالبنى التحتية اللازمة ما يتيح لهم الاستمرار بالإنتاج في فصل الشتاء، مضيفًا أن "70٪ من الدجاج يتم انتاجه من قبل المزارعين الصغار، وبسبب سوء أوضاعهم الاقتصادية يتوقفون عن الإنتاج من بين شهر كانون أول حتى شهر آذار".
"لا يوجد رقابة على التجار"
وأوضح الطيطي لـ قدس الإخبارية أن اتخاذ قرار استيراد الدجاج من الاحتلال من قبل وزارة الزراعة يأتي للحد من عمليات التهريب المستمرة للدواجن من "إسرائيل"، كما أنه لا أحد يستطيع استيراد الدجاج سوى كبار التجار المسيطرين على أسعار الدواجن في السوق، والذي تبلغ نسبتهم 30٪ وهم ينتجون دواجن تسد حاجة الضفة الغربية".
وبحسب الطيطي، فان التاجر يحصل على تصريح لاستيراد خمسة آلاف طير من "إسرائيل"، إلا أنه قد يهرب بالمقابل 20 ألف طير مستخدمًا ذات التصريح، مضيفًا "الدجاج المهرب لا يكون مطابق لمعايير الاستيراد ومطابقته للاستخدام الآدمي، أو يكون دجاج "الطريف" حيث لا يسمح بتسويقه في السوق الإسرائيلي فيباع إلى الفلسطينيين".
وأضاف، "لا يوجد رقابة على المسالخ والتجار، كما أنه لا رقابة على المداخل والمعابر ما يؤدي لدخول كميات كبيرة من الدجاج المُهرب، الذي يشتريه التاجر بسعر قليل، إلا أنه يباع بالسوق بسعر الدجاج المحلي وربما أكثر".
وأكد على أن قرار وزارة الزراعة لن يحد من تهريب الدواجن، إنما هو بطبيعة الحال، قائم ومستمر بتراخيص أو دون تراخيص فلا يوجد ضبط على المعابر ولا يجود رقابة على المسالخ، كما لا يوجد تخطيط للسوق، " التهريب يتم من المستوطنات، ففي إحدى المستوطنات تنتج كل 35 يوما ما يقارب 100 ألف طير ويتم إغراق السوق في الخليل بهم".
متى تتدخل وزارة الزراعة؟
من جهته، قال مدير عام التسويق في وزارة الزراعة طارق أبو لبن، إنه ما دامت أسعار الدجاج ضمن الحدود الحالية العادلة دون أي استغلال من قبل أي طرف، سيبقى القرار مجمد غير مفعّل، لافتاً أن ما يتم السعي إليه الآن هو عودة الأسعار لما يجب أن تكون، دون دخول الدجاج المهرب من المستوطنات والمنشآت غير المعروفة وبدون رقابة وزارة الزراعة وهو ما أدى إلى انحدار الأسعار إلى دون تكلفة الإنتاج مؤخرًا.
وأوضح أبو لبن، أن هناك معيارين لتدخل وزارة الزراعة وهما بمثابة خط أحمر لا يمكن تجاوزهم على أن يتم أخذ مصلحة المزارع في المقام الأول، مشيراً إلى أن المعيارين يتمثل أولهما بانخفاض ملحوظ بالكميات الموردة إلى السوق، وهنا تتدخل الوزارة لتوفير الحد الأدنى من الكميات الذي يحتاجه السوق.
أما المعيار الثاني فيرتبط بعملية العرض والطلب، فما دام سعر كيلو الدجاج لا يتعدى 15 شيقلًا فلا تتخذ الوزارة أي خطوة، يقول أبو لبن، "الوزارة تتدخل في إدخال كميات محدودة من الدجاج إلى السوق مع ضمان أن لا ينخفض سعر الدجاج عن 15 شيقلًا، حتى لا يؤثر على المزارع".
وأشار إلى أن تكلفة الإنتاج تراوح التسعة شواقل لكيلو الغرام الواحد من الدجاج بريشه وقد تصل إلى 9 شواقل ونصف، وتباع في السوق بعشرة شواقل وقد تباع أحيانًا بعشرة شواقل ونصف، و"هذا هامش ربحي قليل ومناسب للمزارع يبقي على مزرعته، ويحافظ على الأمن الغذائي الفلسطيني من مصادر البروتين الحيواني".
ويصل السعر النهائي للمستهلك 15 شيقلًا، بحيث تكون هذه الأسعار في الإطار العادل، يوزع التكاليف والهوامش التسويقية ما بين جميع الأطراف، إلا أن أسعار الدواجن تراوحت في بعض المناطق بين 18-20 شيقلًا، ويعلق أبو لبن على ذلك، "هذا تغول واستغلال لمستهلكين في ظل انخفاض مرحلي محدود".
ماذا يطلب المزارعون؟
"وكان من باب أولى أن تقدم وزارة الزراعة بدلًا من اتخاذ قرارٍ بالسماح باستيراد مشروط من "إسرائيل"، على دعم المزارعين من خلال تطوير مزارع تربية الدجاج التقليدية لتنتج في جميع الفصول والمواسم"، يقول المهندس الزراعي من اتحاد لجان العمل الزراعي، عمر الطيطي.
ولفت الطيطي، إلى أن 70٪ من الدجاج في الأسواق الفلسطينية يأتي من خلال الانتاج المحلي للمزارع، موضحًا أنه يتم انتاج سنويًا من الدجاج في الضفة الغربية 38 مليون طير، فيما تستهلك شهريا ٣مليون طير، "قاربنا على الاكتفاء من الدجاج اللاحم، إلا أن هذا القرار سيشكل ضغط على صغار ومتوسطي المزارعين".
بينما يعلّق أكرم ياسين طبيب بيطري وصاحب مزرعة دجاج في نابلس، بقوله إن "قرار الوزارة هو دمار للمزارعين، على الرغم أن السعر الحالي هو مناسب للمزارع والمستهلك، إلا أن المجتمع اعتاد على السعر القديم ويرفض التأقلم مع الارتفاع الجديد".
وطالب ياسين بالسماح باستيراد الصوص بدل استيراد الدجاج، حيث وصل ثمن الصوص الواحد إلى أربعة شواقل، ولكن إذا سمحت الوزارة باستيراد الصوص فقد يصل إلى شيكلين، وهنا سيتوفر هامش ربح قليل للمزارع، "معادلة بيع الصوص بسعر مرتفع، فيما ينخفض سعر الدجاج فهذا يمثل دمار للمزارعين".