قدس الإخبارية: داخل قاعة التجمع الوطني لأسر الشهداء، جلس أبناء عدد ممن قدموا أرواحهم لأجل فلسطين.
ضجت القاعة بأصوات الحضور، لكن سرعان ما خفت مع دخول سيدة مسنة، مرتدية ثوبا فلسطينيا مزركش..
لم تصل من فورها إلى مقعدها في الصف الأول، التقطت أنفاسها عدة مرات خلال عبورها القاعة، وعكازها الرمادي يتولى أمر جسدها المنهك قدر الإمكان..
هي أم الإخوة، وهذا ليس لقبا لها، إنما هو اسمها في الهوية الشخصية، أطلقه عليه أباها، أتت إلى أبناء الشهداء لتوزع عليهم أجهزة لوحية تعينهم في دراستهم وتعليمهم.. ومجيئها رغم تعب السنين، ليس سوى تلبية لطلب ابنها الأسير عصام الفروخ الذي يقضي حكما بالسجن مدى الحياة.
الحضور رحب بها وبمبادرة ابنها، بعض أبناء الشهداء تقدموا نحوها وانحنوا برؤوسهم لتقبيل يدها، لكنها ما برحت تسحبها. زوجات الشهداء وقفن جوارها.. بعضهن تقدم ليقبلن رأسها مع كثير من عبارات الشكر والدعاء لابنها عصام بالحرية هو وبقية الأسرى في سجون الاحتلال.
اسمها، يثير الاستغراب في كثير من الأحيان، وعنه تقول "هكذا أسماني والدي، هو لا يعلم أن أم الإخوة فقدت نصفهم".
لها خمسة أبناء، قدمت ثلاثة منهم لله كما تقول، ناصر استشهد في رام الله عام 1986 خلال محاولته إنقاذ صديقه المصاب برصاص جنود الاحتلال. وقضى ياسر حرقا في حادث داخل أحد المطاعم في العاصمة الأردنية عمان بعد أن صدر بحقه قرار من قبل الاحتلال بإبعاده عقب نيله حريته من معتقلات الاحتلال.
أما عصام، فبعد أكثر من ثلاث سنوات من الملاحقة من مكان لآخر في رام الله، اعتقله الاحتلال فجر 12/7/2003، بعد دخوله بيت العائلة خلسة لرؤية أمه التي راحت تعد له الزوادة.. في تلك الأثناء حاصر الجنود المنزل وطلبوا منه تسليم نفسه، لكنه رفض، فاقتحم الجنود المنزل واقتادوه إلى سجن عوفر.
هي تكبر وابنها يكبر معها، وعيناها تذرف الدمع، حين روت قصة حكم عصام الذي وصل لسبع سنوات أول الأمر، ولكن مع مرور السنوات الأربع الأولى على سجنه، عقدت له جلسة جديدة، حكم فيها بالسجن مدى الحياة إثر اتهامه بقتل جندي إسرائيلي.
أم الإخوة الثمانينية، لم تزر ابنها منذ خمس سنوات تقريبا، وهو الأسير منذ 14 عاما ويقبع في سجن "هداريم". صحة الأم لم تعد تساعدها على تحمل إجراءات الاحتلال خلال الزيارة، من التفتيش المذل، والانتظار الطويل على بوابات السجن، والمشي لمسافات طويلة.
يقوم الاحتلال بكل هذا وغيره، دون أدنى مراعاة لظروف كبار السن من أهالي الأسرى، ما يجعل أم عصام وغيرها من الأمهات والآباء غير قادرين على زيارة أبنائهم إذا كان ظرفهم الصحي سيء جدا.
عصام له عائلته الصغيرة، ضمنها ابنته الوحيدة يافا، تشير جدتها بيدها على طول الحفيدة اليوم التي باتت صبية، وقد حرمها الاحتلال من أبيها وعمرها سنة فقط.
تفرح أم عصام، لكون ابنها يصر على التواصل مع عائلات الأسرى والشهداء والجرحى، فهو يسعى بين الحين والآخر على تقديم الهدايا لهم كمساندة نوعية قد تساهم بشيء ما لمستقبل الأبناء
المصدر: الوكالة الرسمية (وفا)