في سبعينات القرن الماضي قررت إدارة سجون الاحتلال منع الأذان الذي بدأ الأسرى بالصدح به، بدايةً في سجن بئر السبع، حيث اتفق أسرى الجماعة الإسلامية بقسم 1 (أوهلي كيدار) بأن يصدحوا بالأذان من قلب الخيم المعتمة، لكن إدارة السجن هددت باتخاذ إجراءات صارمة وعقوبات جماعية مؤلمة لكل القسم في حال لم يستجيبوا الأسرى للقرار بمنع الأذان.
أبلغ الأسرى مديرية السجون بأن الأذان سيقام ويصدح به مهما كلف ذلك من ثمن، وبالفعل طبق الجانبان ما تعهدا به تماماً، وبدأت معركة الدفاع عن ذكر "الله أكبر" فجر اليوم التالي عندما صدح الشيخ محمد أبو طير بالأذان الأول، وإذ بإدارة السجن تباشر برش القسم بالغاز المسيل للدموع، وكان التركيز برش الغاز على الوجه، وبالتحديد على الغرفة التي كان يؤذن منها الشيخ أبو مصعب محمد أبو طير فرج الله كربه حيث فقد وعيه ووقع على الأرض.
وعندما كان يصحو من فقدان وعيه يكمل الأذان من النقطة التي وقف عندها، وبقي يصحا ويؤذن ثم يرش بالغاز ثم يفقد وعيه ثم يفيق حتى أنهى الأذان، وقد تكررت هذه الحرب (حرب الإرادات) مدة شهرين كاملين لا يؤذن في القسم، إلا ويتم رشهم بالغاز المسيل للدموع، وبقي التحدي ماثلاً والاستشعار بالمسؤولية تجاه الأذان وإقامة الصلاة على مدار الشهرين وأسرى الجماعة الإسلامية يعتبرون أنفسهم على ثغرة من الثغور حتى فهمت مديرية السجون أن منع الأذان دونه حياة الأسرى وأن إصرارهم على موقفهم عبادة وهوية وانتماء فتراجعت مديرية السجون ورضخت لمطالبهم بعدم اعتراض الصدح في الأذان في سجن بئر السبع ومن ثم امتد إلى باقي السجون وأصبح أمراً واقعاً لا تجرؤ أي إدارة سجن على منعه.
مرة ثانية حاولت إدارة سجن جنيد عام 1993م معاودة الكرة من خلال منع الأذان بصوت عالٍ، فكانت ردة الفعل قوية والرسالة بالغة من خلال إقامة الأذان بشكل جماعي وبصوت مرتفع جداً، الأمر الذي قهر الإدارة وأجبرها على التراجع عن القرار.
من هذه التجارب التي حاول فيها الاحتلال بكل ما يملك ضد ثلة من الأسرى المجردين من كل وسائل القوة، إلا إيمانهم وإرادتهم في الدفاع عن دينهم وحريتهم وانتمائهم لوطنهم، استطاعوا أن يصدوا همجية الاحتلال ويمنعوه من تحقيق أهدافه، فكيف بالشعب كل الشعب سيقبل بتمرير جريمة منع الأذان ؟