ترجمات خاصة - قدس الإخبارية: نشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية عبر صفحتها على موقع فيسبوك، مقطع فيديو قصير، يقلب الحقائق التاريخية، ويسخر من الحضارات العالمية القديمة، وتدعي الوزارة أنه لتثقيف الناس حول "التاريخ اليهودي".
تبدأ أحداث الفيلم بزوجين يهوديين يعشان في منزل حضاري يرمز إلى فلسطين المحتلة، ليعانوا بعدها على فتراتٍ متتالية من سلسلة اقتحامات لهذا المنزل من قبل الآشوريين، البابليين، الرومان، الصليبيين والعثمانيين، ويتدخل الانتداب البريطاني أخيرًا ليعلن أن المنزل أصبح ملكهم الزوجين، ثم في نهاية الفيلم يظهر فلسطينيَين اثنين على باب المنزل.
واجه مقطع الفيديو انتقاداتٍ واسعة بسبب المغالطات التاريخية والعنصرية التي يحتويها، حيث بدا الزوجان بلباسٍ حضاريّ، بينما ظهر غير اليهود ككائنات بربرية بدائية.
لكن السبب الأساسي في موجة الغضب ضد المقطع هو تصويره للفلسطينيين على أنهم شعب غير شرعي أتى في مرحلة متأخرة من التاريخ بعد تأسيس "دولة إسرائيل".
ويتعارض الفيديو بكل تأكيد مع الحقائق الموثقة حول نكبة الفلسطينيين عام 1948، حين تم تهجير ما يقارب 90 بالمائة من الفلسطينيين من أراضيهم، لتوطين اليهود مكانهم.
يذكر أن هذا الفيديو ليس الأول من نوعه في الترويج لأهداف حكومة الاحتلال، ففي وقتٍ سابق، نشر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، مقطعًا يصف فيه إزالة المستوطنات غير القانونية من الضفة الغربية المحتلة بـ"التطهير العرقي"، وقوبل هذا المقطع بانتقادات وغضب على الصعيد الدبلوماسي أيضًا.
وفي عام 2011، شارك نائب وزير الخارجية سابقًا داني أيالون في مقطع فيديو اجتماعي يرفض الإجماع الدولي على عدم شرعية المستوطنات (على خلفية موسيقى جاز).
لا يمثل الفيديو الأخير إحراجًا في العلاقات العامة للحكومة "الإسرائيلية" فحسب، بل يشير إلى موقفها السياسي المثير للقلق في تبنِّي موقف رافض بشكلٍ صريح للتاريخ والهوية الفلسطينية ووجودهم في الأرض، مما يقتل حل الدولتين.
وفيما يتعلق باختيار حكومة الاحتلال لهذا التوقيت بالذات لنشر الفيديو، فإن تعليقات نائب وزير خارجية الاحتلال الحالي، تسيبي هوتوفلي، تجيب على هذا التساؤل، حينما أفاد بأن الهدف من نشر الفيديو هو للوقاية من الحملات الفلسطينية المستمرة لقطع الصلة بين "الإسرائيليين" وتراثهم التاريخي، والتي ستصل ذروتها عام 2017، على حد تعبيره.
ويأتي ذلك بالتزامن مع عام 2017، الذي تمر فيه الذكرى الـخمسون لاحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة، مما سيسلط الضوء على ملايين الفلسطينيين المهجَّرين، والذين يعيشون تحت سطوة نظام الفصل العنصري، إلى جانب آلاف المستوطنين الذين يعيشون على أرضهم المسلوبة.
إضافةً إلى ذلك، سيصادف خلال 2017، العام المائة منذ وعد بلفور الذي تعهدت به الحكومة البريطانية للحركة الصهيونية بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، في حين ترى حكومة الاحتلال هذه الذكرى كحجر الزاوية في شرعيتها المزعومة، فإنها تمثل جريمة تاريخية بحق الفلسطينيين.
ويرفض هوتوفلي بشكلٍ قاطع، تمامًا مثل أعضاء الكبينيت الإسرائيلي الآخرين، فكرة إقامة دولة فلسطينية بحيث تعتزم "إسرائيل" إلى الاستيلاء على أراضي الضفة الغربية المحتلة بالكامل، وهذا بالضبط ما طرحه ودافع عنه عضو من حزب الليكود في لندن الشهر الماضي.
على الرغم من حصول مقطع الفيديو على ما يقارب المليون مشاهدة على الفيسبوك، إلا أن هذه الأرقام لا تمثل نجاحه، فالفيديو غير مقنع لأي أحد، وتعرض لحملة انتقادات واسعة.
المصدر| Independent
ترجمة | نسرين الخطيب