شبكة قدس الإخبارية

معلمو الحكومة.. استجابوا للرئيس فمن يستجيب لمطالبهم؟

رشا حرز الله

رام الله - قدس الإخبارية - رشا حرز الله: في الثالث عشر من آذار المنصرم، كان خطاب الرئيس محمود عباس هو الحكم الفصل الذي أنهى قرابة شهر من إضراب المعلمين، حيث تضمنت مبادرته تطبيق الاتفاق الموقع بين الحكومة واتحاد المعلمين لعام 2013 كاملا.

ومن بين ما تضمنته المبادرة منح المعلمين علاوة بنسبة 10% موزعة على العامين 2017 و2018، ودراسة وضع الإداريين، وتصحيح أوضاع الاتحاد العام للمعلمين وفق أسس ديمقراطية، وأن ما تم الاتفاق عليه حول المتأخرات يدفع على أربع دفعات قبل الأول من أيلول 2016.

استجاب المعلمون للمبادرة، وانتظمت العملية التعليمية من جديد، وفي العاشر من آب الماضي، جرى توقيع الاتفاق رسميا. غير أن بذور الأزمة نبتت من جديد، وبات شبح الإضراب الذي يلوّح به "حراك المعلمين الموحد" يربك المسيرة التعليمية، ويهدد مصير مئات آلاف الطلبة في المدارس الحكومية.

ويتهم الحراك حكومة الوفاق الوطني بالمماطلة والتسويف في تنفيذ بنود الاتفاق، وعدم تلبية جميع مطالبهم، وإنهاء قضاياهم العالقة لغاية الآن.

وزارة التربية والتعليم من جانبها رأت في الأمر تخريبا للعملية التعليمية، لحسابات ومصالح شخصية، مؤكدة على لسان مدير دائرة الإعلام التربوي في الوزارة عبد الحكيم أبو جاموس، أن بنود الاتفاق نفذت بالكامل.

منسقة الحراك في محافظة رام الله والبيرة ابتسام الربيعي، قالت إن المعلمين علّقوا إضرابهم سابقا، وخفضوا سقف مطالبهم، استجابة لمبادرة الرئيس محمود عباس، الذي وعد خلاله بتطبيق الاتفاق الموقع بين الحكومة واتحاد المعلمين عام 2013 كاملا.

وأضافت أن الحكومة التزمت بدفع مستحقات المعلمين على دفعات، لكن ليست هذه كل المطالب، فالحكومة تجاهلت دفع غلاء المعيشة بأثر رجعي، كذلك إلغاء أدنى مربوط الدرجة من تاريخ التعيين، وفتح الدرجات لكافة العاملين في سلك التربية والتعليم، واعتماد التعليم كمهنة، وبالتالي حصول المعلم على حقوقه كافة، بالإضافة إلى دراسة فعالية التأمين الذي ندفع عليه مبالغ دون الحصول على خدمات، بالإضافة إلى علاوة المخاطرة.

وأشارت إلى أنه من المفترض تشكيل لجنة لدراسة أوضاع الإداريين العاملين في سلك التربية والتعليم، وتسوية أوضاعهم، غير أن ذلك ظلت حبرا على ورق، وبقيت قضاياهم عالقة، ناهيك عن تجاهل تحسين قانون التقاعد، وتخفيض سنوات العمل للمرأة بحيث تصل إلى 15 عاما، بينما 20 عاما للرجل، بشكل يضمن للمعلم حياة كريمة.

وبحسب الربيعي، فإن مطلب المعلمين الآن أن تقوم الحكومة بسحب التنبيهات بحق 16 ألف معلم ضمن موعد محدد، من المشاركين والداعين للإضراب الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة، كذلك عدم ممارسة النقل التعسفي بحقهم، وأن تكفّ الحكومة والأجهزة الأمنية عن ملاحقة أعضاء الحراك.

الناطق باسم حراك المعلمين الموحد محمد حمايل، قال إن المعلمين طالبوا أيضا بتعديل النظام الداخلي لاتحاد المعلمين الذي يشترط لمن يريد الترشح، أن يكون لديه منصب قيادي في الاتحاد، كذلك أن يكون قد انتسب مدة لا تقل عن 10 سنوات، منوها إلى أن هناك معلمين لم ينتسبوا للاتحاد بسبب عدم رضاهم عن أدائه.

وقال إن عدم تعديل النظام الداخلي دفع المعلمين، لتشكيل نقابة تجمعهم، وأودعت أوراقها لدى وزارة الاختصاص وهي وزارة العمل، وعقدت مؤتمرها التأسيسي بشكل قانوني، لكنها هوجمت من قبل الاتحاد.

وأضاف "لم يتم التوجه لنا بالحوار، بل ظلت الحكومة تدير ظهرها للمعلم الفلسطيني، وتأجيل الأزمة لا يحلها"، مشيرا إلى أن فعاليات احتجاجية قادمة سيعلن عنها الحراك قريبا.

رئيس الهيئة الإدارية لنقابة المعلمين الفلسطينيين صامد صنوبر، قال إن النقابة ورغم قانونيتها، لكنها لا تمارس أية أنشطة أو فعاليات حاليا، حتى تكون جاهزة بشكل تام، مضيفا: "ما أوصلنا لهذه المرحلة هو التضييق الممارس علينا".

بيد أن عضو الأمانة العامة لاتحاد المعلمين حلمي حمدان، نفى هذه الادعاءات، واصفا هذه الأزمة بأنها مفتعلة، خاصة بعد أن تم إنجاز بنود اتفاق 2013 كاملة، مشيرا إلى أن الاتحاد شكّل مجلسا تنسيقيا بالتعاون مع الاتحادات والنقابات المعنية بالقطاع العام، لبدء اتخاذ خطوات قانونية من أجل تطبيق سلم الرواتب، ودراسة قانون التقاعد وغلاء المعيشة.

وقال إن فتح باب التدرج طبّق على المعلمين ومدراء المدارس، وتم منحهم الدراجات التي يستحقونها، فيما لم يطبق على حملة شهادة الدبلوم والإداريين، لحين إصدار الرئيس مرسوما بذلك، والذي سيتم خلال الفترة المقبلة.

وفيما يتعلق بتعديل النظام الداخلي للاتحاد، نوه حمدان إلى أن المعلمين شكلوا نقابة بدعوى أن الاتحاد لم يعدل على نظامه الداخلي، لكننا أبلغناهم أن أي تعديل لا يتم إلا من خلال عقد المؤتمر ويخضع لإجراءات ديمقراطية، كما فتحنا باب الترشح والانتساب للجميع، ومن حقهم أن يشاركوا بالعملية الانتخابية وتصويب أوضاع الاتحاد.

وقال: "ستتم مساواة الإداريين من أصل معلم، بالمعلمين من حيث علاوة طبيعة العمل، ابتداء من 1/1/2017، كذلك الحال بالنسبة للإداري من أصل إداري، كما سيتم دفع مبلغ مقطوع شهريا بقيمة 300 شيقل يرتفع مع بداية 2018 إلى 400 شيقل".

وأضاف حمدان "ستساهم وزارة التربية والتعليم في دعم مشروع القيمة الشرائية من خلال بطاقة تمييز المعلم، الذي يحمل عضوية الاتحاد، كما أن المعلم سيحصل بموجبها على خصم من القطاعات التي يتم الاتفاق معها، وهذا سيوفر عليه الكثير".

ويرى حمدان أن لا مبرر للإضراب وتعطيل المدارس، وأن الأمانة العامة عندما كانت تأخذ قرارا بالإضراب تكون قد استنفذت جميع الحلول، متسائلا: في السابق كان لدى المعلمين مطالب، والآن تم تنفيذها فلماذا الإضراب؟.

وتعتبر وزارة التربية والتعليم أن الإضراب ليس قانونيا، لأن الحكومة التزمت بتنفيذ بنود الاتفاق المالية والإدارية، التي ضمنها الرئيس محمود عباس، كما ضمن الأمور الإدارية الأخرى التي سيتم تطبيقها العام المقبل طبقا لنص الاتفاق.

وقال أبو جاموس إنه تم فتح باب الدرجات لحملة البكالوريوس، وحصلوا على مستحقاتهم المتأخرة، كما سيتم فتح باب الدرجات لحملة شهادة الدبلوم، ورفع علاوة طبيعة العمل لتصل إلى 50%، وهذا ما طالبوا به سابقا.

واعتبر أبو جاموس أن الإضراب يأتي خارج نطاق الاتحاد العام للمعلمين، الذي هو الممثل الشرعي والوحيد للمعلمين، وقال: بإمكانهم (المعلمين) اختيار من يمثلهم في الانتخابات القادمة، معتبرا أن حراك المعلمين ونقابتهم غير قانونية.

في المقابل، يرى رئيس وحدة المناصرة المحلية والإقليمية في مؤسسة الحق عصام عابدين، أن تحرك المعلمين وخطواتهم الاحتجاجية قانونية، بعد أن حاولوا تشكيل نقابة تجمعهم وتم منعهم من ذلك، وهو ما رآه مخالفا للقوانين الدولية، ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاجتماعية في مادته الثامنة.

وأشار إلى أن من شروط تشكيل نقابة أن تودع أوراقها لدى الجهة المختصة، وعقد مؤتمرها التأسيسي، كما وبحسب اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم، فإن المادة الثانية منها تحظر موضوع التراخيص في تكوين النقابات، وتؤكد حق العمال في تكوين النقابات التي يختارونها ويحق الانضمام لها بشرط التقيد بلوائحها الداخلية.

وبحسب عابدين، فإن المادة الثالثة تشير إلى أن السلطات العامة تمتنع عن أي تدخل من شأنه أن يقيد هذا الحق وأن يعوق من ممارساته المشروعة.

وفي الوقت الذي عبر فيه مدير دائرة الإعلام التربوي في الوزارة عبد الحكيم أبو جاموس عن استهجانه من الدعوة للإضراب، سيما أن الحكومة نفذت جميع الشروط والمطالب، أكد أن الوزارة ترى في هذا الإجراء أنه غير قانوني، ويخالف تعليمات وزارة العمل، وقانون الخدمة المدنية والقانون الأساسي الفلسطيني، الذي ينص على حق أطفال فلسطين في التعليم.

وقال إن الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي وستطبق القانون بحق كل من يتغيب عن العمل، وستنفذ إجراءات مالية وإدارية، منها الخصم من الراتب وأي عقوبات أخرى يسمح بها القانون لضمان انتظام العملية التعليمية.

وأضاف "نحن نحتاج الآن إلى التكاتف في هذه الأوقات من قبل الطلبة، وأولياء أمورهم، ومن المعلمين، للمحافظة على سير العملية التعليمية".

وكانت وزارة العمل قد أصدرت بيانا في وقت سابق، أكدت فيه أن الدعوات للإضراب غير قانونية، ولا تنسجم مع القوانين الفلسطينية، ومخالفة لما نص عليه القرار بقانون رقم 5 للعام 2008 المنظم للإضراب في القطاع العام، الأمر الذي يستوجب التوقف عنها فورا، باعتبارها تعطيلا غير مبرر وغير قانوني للعملية التعليمية.