فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: ياسمينة الضفةّ "لمى مروان موسى" شمعةٌ أطفأتها نفسٌ خبيثة لتشعلها شرارةً في خواطرنا..لتُمركزها غصةً في حناجرنا..ياسمينةٌ رافق عبقها والديها لستة أعوامٍ..الآن قررّ الاعتزال عطرها..غفت أوراقها..وببساطةٍ غادرت حديقتها.
انتهت مسيرتها.. وتبخّرت قواها..ما ذنبها؟..إنّها فلسطينيةٌ على شكل نقطةٍ سوداءٍ تنغز بقلب صهيونيٍ حاقد..شاء للحظةٍ أن يفرّغ شحنة شرّه..قرّر أن يعبث بملامح رقصتها.. ويحجّم خطوتها.
مَن هو؟..إنّي أساله والحزن في قلبي ينتفض ويسابقني ليصرخ في وجهه..مَن أنت؟؟..مَن كنت حين دارت بخفّةٍ عجلاتك فوق تفاصيلٍ ناعمةٍ ليّنة..حين أقدمتَ على إطلاق صفّارة الجرم بم أحسست! وماذا شعرت؟..أيّ ثقةٍ هذه التي حملتك بكلّ ثقلك..بكلّ حجم مركبتك لتستوقف انسياب براءتها في الطرقات؟!..لتعبث بخصلات شعرها!؟
أيليق بياسمينة ضفّتنا أن ينكسر فيها العود..أن تنتزع شذاها؟!..وتبدّل إلى قاتمٍ أحمرٍ بياضها؟!..أيّ ديانةٍ تنتمي إليها؟..بل أيّ كتابٍ يعترف بك؟
مجتمعك بقباحته يذكر أن للطفولة حقّ..باستثناء لمى.. أليس كذلك؟!..حساباتك لم تدرِج اسمها بخانة الطفولة؟ أتدرك ما يعني أن تتمايل هي في مشيتها وتتقدّم أنت لتخبرها أن عقارب الزمن في يديها ستتوقف.
أيّها الجاهل الأحمق..لو فكرت هنيهةً لزار خيالك ردائها..لأتى على عجلٍ ليريك كيف هي مراسم العيد..وكيف راقصتْ لمى هذا الثوب في منامها.. خبّأتْه في خزانتها مصطحبةً تذمّرها من تأخيرٍ لا يتلائم ورقّة لهفتها..هي ترى أنّ العيد بموعده قد طال..انتظرت لكن محطة القطار بزحمةٍ استعجلت رحيلها.
ها هو سيحلّ بوشاحٍ أسودٍ ليس بأناقة لمى ولا كعشقها للمواعيد..أتعي ما فعلت؟ إنك بدّدت طابور سوارها..فسقطتْ حبّةً حبّة..ليت قرارك أنصت لاصطفافها قبل أن ترتطم أرضاً.. لأيقنتَ كم روحها وكل ترتيباتها تعلّقتْ بزركشات العيد.
رحلت هي..وحزينٌ هو..كم كان يتوق لظفائرها تتمايل بسلاسةٍ فتدغدغ خاصرة أرجوحته؟..كم كانت ستبدو متألّقة صورتهما معاً..ليتك تعي ما فعلت!..وأيّ قلوبٍ فرّقت!
إسمع يا هذا..سأتمتم لك سراً.. كل تكبيراتنا..من ساعتنا هذه حتى صباح عيدنا هي لعناتٌ ستتبعك..ستطاردك حتى في عمق نومك..هي رصاصٌ متراصٌ ينتظر أن يخترقك.. مهما ابتعدت لن ينسى ملامحك..حتماً سيزمجر ذات يومٍ في دهاليز حنجرتك..لن تهدأ نبرته قبل أن يدمّر الدقائق في ساعة يدك..هيا اغرب عن كلماتي..فرغم ردائتها أنت لا تستحقها..دعني أحادث مَن قدرها أشعل في قلمي القهر.
أضحانا ليس بأجمل من عيدك لمى..إنّك نورٌ أُضيف إلى نور السماء..ونحن عبيد لا نزيد في الأرض إلا ظلمتها..
اسمحي لذنوبنا..لتقصيرنا.. . لتمزّق العروبة فينا..أن ننحي أمام طهرك..نقبّل نعشك..ونقرّ أنّك ياسمينةٌ إن خلتْ دنيانا منها لن تقلّدها في النقصان آخرتنا.
قبلاتي لك..لغفوتك الهادئة.. لقدميك الناعمتين..رحلتِ جسداً..لكن روحك خالدة عالقة هنا في صدورنا..يا صغيرةً بعظمتك..إطمئني فالله يهيّأ لك عيداً لو رجوناه ليلاً نهاراً لما شهدنا شبيهاً له.