شبكة قدس الإخبارية

معلومات جديدة عن الشهيد التونسي الزواري تكشفها زوجته

هيئة التحرير

تونس - قدس الإخبارية: كشفت ماجدة صالح زوجة الشهيد القسامي المهندس التونسي محمد الزواري، عن تعرضها لملاحقة من قبل شخص غريب كان راقب منزلها قبل اغتيال زوجها، يشتبه بعلاقته بالموساد الإسرائيلي.

وذكرت ماجدة في مقابلة مع موقع "الرسالة نت"، اليوم الأحد، أنّ شخصا كان يراقب منزلها باستمرار قبل استشهاد زوجها بشهر، ثم اختفى فجأة أثناء عملية الاغتيال، وظهر بعد ذلك ليعاود ملاحقتها.

وقالت صالح إنها نجحت في تصوير الشخص وأبلغت عنه الجهات الأمنية في تونس والتي تلكأت بداية الأمر ثم تحركت بعد نداءات عدة، وجرى اعتقاله ومواجهته، وأفرج عنه لاحقا.

وأكدّت أن هذا الشخص عاد لمراقبتها مرة أخرى بعد الإفراج عنه، مشيرة إلى أن منزلها تعرض لمراقبة شديدة من نساء يرتدين النقاب إلى جانب جهات مجهولة قبل استشهاد محمد بأسابيع.

وكشفت أنّ الصحفية التي تورطت في عملية اغتيال الزواري  مها بن حمود اعترفت مؤخرا في التحقيقات التي أجريت معها في العاصمة تونس، بأنها كانت على علم بأن محمد سيتم اغتياله، وليس كما أدّعت عدم معرفتها بذلك مسبقا.

وأضافت زوجة الشهيد أنّ التحقيقات تسير ببطء شديد وعلى نحو غير مطمئن، مشيرة إلى أن الأجهزة الأمنية التونسية لا تزال تحتفظ بأجهزة ومعدات وبيانات صادرتها من منزلها فور عملية الاغتيال ولم ترجعها لهذه اللحظة.

وفي أول لقاء صحفي مع جريدة فلسطينية تتحدث الزوجة السورية الأصل التي تزوجت الشهيد محمد الزواري مؤسس سلاح  الطائرات بدون طيار في كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس، عن ذكريات الرجل "الغامض" وتكشف عن جوانب من حياته الاجتماعية الخاصة، وأسرار ملف اغتياله وذلك للمرة الأولى.

واستحضرت ماجدة ذكرياتها مع زوجها وكيف كان يقضي وقته في عيد الأضحى المبارك الذي مرّ عليها لأول مرة من دونه، فتتذكره بصوتها الشجي المصحوب بالدموع قائلة "اشتقت إليه وسألته أين أنت يا مراد إني أحتاجك أكثر من أي وقت مضى".

وتشير إلى أن الشهيد كان مواظبًا على تأدية صلاة العيد ثم يعود للبيت ويصلي ركعتين مجددا، قبل أن يشرع بذبح أضحيته تلك السنة التي دأب بالمحافظة عليها كل عام، وخاصة في عامه الأخير الذي حرص فيه على ذبح ثمانية أضاحي بعضها تصدقًا عن روح أخواله وأعمامه.

وتروي رفيقة الدرب ماجدة ذكريات زوجها وعاداته التي دأب عليها كل عيد، فهو كان كما أهل قريته في صفاقس التونسية يفضل بعد ذبح الأضحية تجهيز اللحم لطهيه بأشكال مختلفة من "الكبة واللحمة والشحم"، عادات تنفرد فيها القرية عن بقية القرى التونسية التي تبدأ بالشوي مباشرة.

"مراد" وهو الاسم الحركي الذي اختاره لنفسه قبل الهروب من تونس إبان نظام بن علي، وفضّلته زوجته بمناداته به لآخر يوم في حياته، فتقول "كان كتومًا ويحب العزلة وقليل الكلام، ويفضل الجلوس في بيته أيام العيد، لكنه في الأعوام الأخيرة عندما عاد لتونس حرص على زيارة أرحامه".

وطيلة عشرين عاما من الإبعاد عن بلده كان يخفي حنينه إلى أهله وأمه عن زوجته، فمرات قليلة تلك التي غدرته دموعه أمامها كان آخرها قبل استشهاده بعامين "بكى فأبكاني وكان مجروحًا للغاية لكنه لم يفصح لي عن السبب آنذاك"، كما تروي.

ورغم ذلك كان ذلك الرجل الخجول يحتفظ بمواقف الضحك والمرح في عيد الأضحى، فهو كما تروي زوجته التي تصفه بـ"العاطفي" "كان يترك أضحيته قبل ذبحها لتهرول ثم يجري خلفها ويمسك بها، بغية إضحاك أهله وأحباءه، وكان يسعده ذلك"، تقول ماجدة.

وعادت ماجدة بالذاكرة إلى سنوات عاشت فيها مع ذلك "العاطفي الحنون" الذي لم يحزنها يومًا، رغم محاولتها المتكررة استفزازه ليغضب لكنها فشلت.

وتذكر زوجته موقفًا وهي تحاوله إغضابه عندما قدمت له قهوة ذات مساء وهو يعمل على الحاسوب، فتسببت بمسح ما فيه من محتويات، "فهربت منه خوفا من غضب حتمي فتقول، فاجئني بابتسامته وقال لي لا عليك لعل الله أراد لي خيرا".

وتروي أحد المواقف الطريفة مع زوجها وهي تضحك، "وعندما كنت أحدثه كثيرا كان يقول لي خذي مئة دولار واسكتي".

ومرت ماجدة سريعا على صفحات حياتها الأخيرة بصبحة "رفيق الروح"، فقبل استشهاده بـ4 أيام عرضت عليه إعادة تجديد دهان البيت، هنا تدخل الشهيد ليعرض عليها عرضًا آخر"ما رأيك لو تصدقنا بهذه الأموال وتأتيك يوم القيامة جبال من الحسنات"، وتضيف: "دائما كان يذكرني أن الدنيا فانية".

"عمره ما زعلني ومرات أنا بزعل وبضايق فيقول لي الدنيا فانية وقلوبنا يجب ألا تحمل في الهم، وخلّي أملك بربك كبير". تقول زوجته.

وتستذكر ماجدة حرصه عليها خاصة عندما أوصى أحد أصدقائه عليها في الفترة الأخيرة وخاصة بعد عودته من لبنان، وبدء تلقيه تهديدات، "هنا بدأ يهيأني لمفهوم الشهادة، حيث بدا مرتكبا بعد سفره الأخير".

هنا تقودنا ماجدة إلى آخر صفحة في حياتها مع زوجها التي استمرت معه عشرين عامًا دونما أن ترزق منه بأبناء، فتذكر قصة الفطور الأخير الذي أعدته له قبل استشهاده بساعات وقبلة طبعها قبل أن يرحل رحيله الأبدي.

وتضيف ماجدة "دعاني لأفطر معه فأبيت لانتظاري والدته التي كانت في منزل شقيقه، فناولني ملعقة من السلطة، وكانت آخر ما تناولته منه، ثم قرر المغادرة وقبل نزوله من البيت أدار وجهه لي وطبع قبلة على جبيني وكانت تلك آخر لحظاتي معه"، ثم تصمت بتنهيدة مصحوبة بالدموع "ليتني أفطرت معه ليتني عانقته عناقًا طويلا ليتني سافرت معه حيث ذهب".

وبعد خروج الشهيد بدقائق سمعت صوت إطلاق نار كثيف، "فنزلت إلى فناء المنزل وجدته غارقا في دماءه، لقد بكيت وهللت وكبرت، وكان في قلبي يقين أن مراد شهيد، رغم كل الإساءات التي طالته حتى من المقربين إليه، وكنت آخر من رآه حيا وشاهده لحظة الاغتيال".

هنا تكشف ماجدة أسرارا من ملف القضية تذكر للمرة الأولى فهي تشير إلى أن العميلة الصحفية التي جرى القبض عليها وهي مها بن حمود اعترفت مؤخرا بأنها كانت على علم بأنه سيجري اغتيال الزواري وأن الأمر كان مكشوفا لها من الموساد.

وتشير ماجدة إلى أن الأمن التونسي داهم منزلها لحظة عملية الاغتيال وصادر كل مقتنيات زوجها دون أن يرجع شيئا منه، وأبقى زوجها ثلاثة ساعات ونصف في السيارة بعد الاغتيال، ثم بعد ذلك استجوبها مع شقيقه لساعات طويلة في البرد طيلة الليل، وبعد هذا كله أجبر العائلة بشكل فوري وعلى وجه السرعة بدفن الشهيد دون أي مراسم تذكر، حتى أنهم  رفضوا تأجيل عملية الدفن إلى حين مجيء أقاربه كما هي العادة في المجتمع التونسي.

ثم تكشف أن منقبات وشخص كان يراقب المنزل طيلة شهر كامل قبل اغتيال الشهيد، وكان يراقبها تحديدا، "فكنت اعتقد أنه يريد سرقة المنزل"، ولكن تفاجأت أن نفس الشخص عاد ليلاحقها أمام منزلها بعد عملية الاغتيال.

وجرى إخطار الأجهزة الأمنية التي تحركت بعد مناشدات كثيرة لاعتقاله، ثم أفرج عنه بعد فترة ولا يزال يلاحقها، وفق تأكيدها.

وأمام هذه المعطيات من تجاهل الامن التونسي للتحقيقات الجارية حول اغتياله وما صاحب عملية الاغتيال من مواقف أمنية تونسية، بدأت زوجة الشهيد بالشك حول وجود مؤامرة للتخلص من محمد خاصة وأنه الشخص الوحيد الذي رفضت السلطات إعطاء زوجته السورية جنسية أو إقامة أسوة بالسوريات الأخريات المتزوجات في تونس.

ولا تزال ماجدة تناشد حقها بالإقامة في بلد تقول إنها ستبقى فيه برا بوالدة محمد، وترفض مغادرته رغم كل المضايقات التي تتعرض لها هناك.

المصدر: الرسالة نت