شكلت المواجهات والاحتجاجات الفلسطينية في رحاب المسجد الأقصى وساحاته في النصف الثاني من شهر رمضان، كابحا حقيقيا أمام الاحتلال وقطعان مستوطنيه، لعدم تنفيذ مخططات الاقتحام ومسيرات الأعلام وذبح القرابين
رغم أن المواجهة الأخيرة التي شهدتها رحاب الأقصى وساحاته، لم تستمر لأكثر من أسبوع، ولم يتخللها اشتباكات عسكرية، أو عمليات مسلحة، بل اقتصرت على فعل شعبي جماهيري فلسطيني كبير، أسندته المقاومة بتحذيرات جدية للاحتلال، لكن حجم الإحباط الذي ساد أروقته، ظهر واضحا، ولعله مبالغا فيه، أكثر من مرات سابقة.
أعادت الهجمات الفدائية الفلسطينية الأخيرة إلى أذهان الإسرائيليين ما شهدته الضفة الغربية منذ سنوات عديدة، حين غدت ساحة مواجهة حقيقية لجيش الاحتلال مع تهديدات المقاومة المسلحة، التي خاضت معها حرب استنزاف مضنية
لم تكن الأزمة الحكومية الإسرائيلية، التي قد تفضي إلى انهيارها وسقوطها، وليدة اللحظة، أو بفعل استقالة رئيسة الائتلاف، أو حالة التربص القائمة بين المعارضة والموالاة، رغم أنها الأسباب المباشرة لها.
ما زالت المؤسسة الأمنية والعسكرية لدى الاحتلال منشغلة فعلا بالعثور على طريقة ما، أو طرق متعددة، للتعامل مع ظاهرة الهجمات الفلسطينية التي سببت إرباكا حقيقيا لديها، وأعادت تموضعها بصورة قسرية
أمام الفشل الإسرائيلي الذي لا تخطئه العين في مواجهة الهجمات الفدائية الأخيرة، ازدادت الدعوات لتنفيذ نسخة مجددة من عملية "السور الواقي" التي نفذها الاحتلال في الضفة الغربية، عقب إخفاقه في وقف الهجمات الاستشهادية.
شكلت الهجمات الفلسطينية الأربعة الأخيرة، التي تم تتويجها بعملية (تل أبيب) في الساعات الأخيرة، نموذجا لعله الأوضح لتركيز المقاومة على الجبهة الداخلية للاحتلال، باعتبارها قلعة محصنة لحماية الإسرائيليين، وأوجدت بينهم شعورا ملؤه اليأس والإحباط
ما زال الإسرائيليون منشغلين بتبعات عمليات (تل أبيب) والخضيرة وبئر السبع، ولا سيما أنها تضاف إلى تسع هجمات وقعت خلال الأسابيع الماضية، معظمها وقعت دون سابق إنذار، وبدافع إسلامي بارز، ما قد يدفع أجهزة أمن الاحتلال للتركيز على أنشطة مكافحة العمليات من خلال تكثيف استخباراتها
تخرج هذه السطور إلى حيز النشر، في حين يشهد النقب المحتل ما اصطلح على تسميتها "قمة النقب"، التي جمعت وزراء خارجية الاحتلال وأمريكا، بجانب المغرب ومصر والبحرين والإمارات، وهي الدول التي طبّعت العلاقات مع الاحتلال، في لقاء سيكون شاهدا على التحول في العلاقات العربية الإسرائيلية الذي بدأ أواخر 2020.
شهدت الأسابيع الأخيرة، حالة من تبادل الضربات الإسرائيلية الإيرانية، وصلت ذروتها في استهداف مقر الموساد في أربيل شمال العراق، رداً على ضرب مصنع للطائرات بدون طيار بمدينة كرمنشاه الإيرانية، مما يجعلنا أمام جملة من السيناريوهات المتوقعة لاستشراف هذه المواجهة المتصاعدة.
في ظل ما تتعرض له مدينة القدس والمسجد الأقصى من هجمة إسرائيلية، تستهدف البشر والحجر والشجر، وتحاول تغيير الجغرافيا كما حاولت عبثاً تغيير التاريخ، يسعى الاحتلال جاهدا لاستغلال الثورة الإعلامية والفضائيات ومنصات التواصل لترسيخ وجوده في المدينة المقدسة
جاءت الخطوة الفلسطينية في غزة بتأسيس هيئة وطنية جامعة، من أجل الدفاع عن أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل عام 1948، في التوقيت الصحيح، للعمل على دعمهم في وجه الهجمة الشرسة المتصاعدة التي يشنها الاحتلال ضدهم، وآخرها محاولات تطبيق قانون "القومية" العنصري