جاءت الخطوة الفلسطينية في غزة بتأسيس هيئة وطنية جامعة، من أجل الدفاع عن أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل عام 1948، في التوقيت الصحيح، للعمل على دعمهم في وجه الهجمة الشرسة المتصاعدة التي يشنها الاحتلال ضدهم، وآخرها محاولات تطبيق قانون "القومية" العنصري، وسن القوانين والإجراءات التي تستهدفهم، إضافة لأوامر الملاحقة، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي في النقب والمثلث والجليل، تحت عناوين التشجير والتطوير.
يأتي إعلان هذه الهيئة في وقت يشن الاحتلال حربا شعواء ضد فلسطينيي الـ48، وهم من تبقوا من أهل الأرض الأصليين الذين طردهم الصهاينة من أراضيهم عام 1948 خلال مرحلة النكبة، وبعد أن كانت سياسات التمييز العنصري تتم بصمت ضدهم، بعيدا عن الإعلام، فقد انتقل التمييز الآن لوسائل الإعلام، وعلى مرأى ومسمع منها.
يعاني فلسطينيو الـ48 التمييز العنصري في التعليم والصحة والعمل، وشكلت هذه السياسات رفضا لوجودهم، لأنها عنصرية وانتقائية، وتجسيدا لنظام الأبارتهايد، وحافزا لمزيد من مظاهر التمييز ضدهم بصورة سافرة، سواء بتقلد الوظائف، والحصول على موازنات البلديات، والحق بالتعليم، حتى أن منظمات حقوق الإنسان اعتبرت أننا أمام توجه متصاعد من سلطات الاحتلال نحو فصل حقيقي بين العرب واليهود في المساحات العامة، بشكل يذكر بجنوب إفريقيا حين سادها نظام الأبارتهايد.
في الوقت ذاته فإن 90% من التجمعات اليهودية تعيش منفصلة عن العرب على أساس عرقي، وهناك مئات التجمعات اليهودية توظف لجانا لمنع الفلسطينيين من العيش معهم بحجة أنهم غير مناسبين اجتماعيا، حتى من يعيشون في المدن الكبيرة المختلطة، كالقدس وحيفا وعكا واللد ويافا، يعيشون في ظل نظام فصل جزئي، حيث يسكن اليهود والفلسطينيون في أحياء منفصلة.
ليس مفاجئا وجود تأييد كبير بين الإسرائيليين اليهود للفصل العنصري على غرار نظام الأبارتهايد ضد العرب، حيث أظهر استطلاع إسرائيلي أن 74% منهم ينزعجون من سماع اللغة العربية، وهي اللغة الأم لخُمس السكان، وأن 88% سوف يقلقون إن أحب ابنهم فتاة عربية.
ينتهج الاحتلال سياسة عنصرية سافرة ضد الفلسطينيين الحاملين لجنسيته، حيث يحظر عليهم شراء أو استئجار الممتلكات الخاصة بالوكالة اليهودية، أو الصندوق القومي اليهودي، وعند صدور حكم قضائي بالسماح لهم بالشراء، يبقى القرار نظريًا، حتى أصدر 50 حاخاما فتوى ضد اليهود الذين يؤجرون ويبيعون البيوت للفلسطينيين.
الخلاصة أن تشكيل هذه الهيئة الوطنية لدعم فلسطينيي الـ48، يأتي بعد اضطلاع الكنيست بدور كبير في تقنين المظاهر العنصرية ضد الفلسطينيين، من خلال إقراره العديد من القوانين العنصرية الموجّهة ضدهم، زادت على 65 قانونا وتشريعا، ومنها: قانون المواطنة، وقانون النكبة، وقانون الجنسية الإسرائيلية، وقانون مصادرة الأراضي، وقانون منع الأذان، وغيرها.