ميار أنهيت تدقيق قصتي الأخيرة، نشرتها على صفحتي الشخصية، وفكرت بتناول كأس شاي ثقيل يشبه لون شعري كما كانت تقول أمي. جهزت الابريق ثم خرجت لأقطف النعنع. رغم كآبة أيام الخريف أنعشتني النسائم الباردة
في عتمة الليل ، صوت عواء بعيد، صوت صراصير، تفوح رائحة العشب المبلل بالندى لتمتزج برائحة الطلاء. تنير أضواء الدورية كل شيء باللون البرتقالي. وسعيد قد انتهى من توزيع زجاجات الطلاءعلبنا.
لاح بنوره الصباح، فلم يعد الوقت كافيا للتلكؤ أو الحيرة. ما كنت أتوقعه وأخشى حدوثه قد حدث، لا يجب أن أتردد لحظة.فأنا كما تعرف أدرك عواقب التردد في الأمور التي تحتاج إلى حسم ، وأعلم تماما مصير المتردد وما النهايات التي يؤدي إليها التردد.
أيام عدة لم أَره خلالها، عرفت أنه في البيت ولا يخرج أبداً، ما به؟ ماذا حل به؟ ولماذا هذا الاعتكاف؟ هذه العزلة؟ يقول أحد رفاقي أنه زاره وكان في حال سيئة جداً "ضايع وسرحان" هكذا قال عنه، ظلت هذه العبارة
حين بدأت قشرة الاسمنت تتساقط قطعا كبيرة وتتفتت على الدرج الملتف من أعلى لأسفل فتاتا صغيرا ، كانت المجندة الصهيونية تلعن حظها. وما جعل المشهد أكثر غرابة أإنها كانت تلعن انسانيتها في أسفل الباب المغلق.
الآن وبعد أيام على رحيله وخسارته، أكتب عن رجل تحتضنه الآن الأرض التي أحبها وأحبته، عن رجل لم يبلغ عمري الآن سنوات اعتقاله ولن يبلغ بعد عمر سنوات نضاله.