فلسطين المحتلة- قُدس الإخبارية: تلقى عددٌ من موظفي بعض المؤسسات الحقوقية الفلسطينية تهديدات بالقتل من أشخاص مجهولين، بالرغم من اقامة بعضهم بعواصم أوروبية حول العالم
ففي الخامس والعشرين من شباط الماضي، تلقت "ندى كسوانسون"، وهي محامية فلسطينية تعمل في منظمة الحق الفلسطينية كحلقة وصل دائمة مع محكمة العدل الدولية في لاهاي، حيث تقيم بهولندا برفقة زوجها وطفلتها، مكالمة هاتفية من شخصٍ يُدعى "أبو نبيل"، كما هدّد العائلة بالسويد بأنهم لن يروا ندى مطلقًا إذا لم تتوقف عن عملها.
يُعرف عن نفسه باسم "أبو نبيل"، لكن العربية ليست لغته الأم، يعمل في مجال مطاردة الناس وتهديدهم بالقتل، ويبدو أنه يتلقى راتبًا مقابل هذا العمل، حيث يعمل مع فريقٍ متكامل ومجهز بأجهزة تكنولوجية متقدمة لتعقب الناس.
قبل أسبوعين من المكالمة التهديدية، قدمت كسوان وموظف من مؤسسة الميزان لحقوق الإنسان في غزة تقريرًا ضخمًا للمحكمة بعنوان "الجمعة السوداء" في رفح، والتي توافق الأول من آب لعام 2014، ويعد التقرير جزءًا من الوثائق التي تنتظر فحصًا أوليًا من المحكمة لتحديد إذا ما كان يجب بدء التحقيق في احتمالية ارتكاب جرائم حرب في حرب 2014 التي شنتها "إسرائيل" ضد قطاع غزة.
ولكن بعد أيام قليلة من اتصال "أبو نبيل"، اتصلت امرأة بندى مدعيةً بأنها كانت تعمل في وزارة الصحة الهولندية وطلبت من ندى المشاركة في دراسة حول فيروس زيكا، فأعطتها ندى عنوانها المنزلي ليتصل بعد ذلك "أبو نبيل" بهاتفها الأرضي ويخبرها بأنه من أجهزة المخابرات الفلسطينية وأن حياتها وحياة مدير مؤسسة الحق، شعوان جبارين، في خطر، وتبين لاحقًا أنه لم يكن هناك أي دراسة عن فيروس زيكا.
استمرت المكالمات الهاتفية والتهديدات، مما اضطر ندى لتغيير رقم هاتفها وعدم إدراجه في السجلات، استعملت هاتف زوجها لإجراء الاتصالات، لكن في اللحظة التي أجرت مكالمة لزملائها في رام الله، تم معرفة رقمها وعادت التهديدات، اختُرق جهاز الكمبيوتر الخاص بها وتم تعطيله، كما وتم إرسال باقة ورد من أمستردام إلى منزلها، وتحمل الباقة بطاقة بتوقيع "أبو نبيل"، وجدت الشرطة أن أحدهم كان يحاول شراء الباقة عبر الإنترنت باستخدام بطاقة ائتمان من لوكسمبورغ لكنه لم يستطع، فظهر المشتري شخصيًا في محل الورود لكن كاميرات المراقبة لم تحدد هويته.
بالإضافة إلى ذلك، تم توزيع منشورات في صناديق البريد في الحي الذي تقطن به، تحمل هذه المنشورات اسم مؤسسة الحق، وتطلب من أهالي الحي تقديم تبرعات مختلفة للاجئين في هولندا، والأمر المفاجئ أن العنوان المُعطَى لاستقبال التبرعات كان عنوان منزلها، مما أثار حنق الجيران.
في العاشر من آب، تلقى زميل ندى من مؤسسة الميزان بريدًا إلكترونيًا به 6 صور لمنزله في أوروبا، ويحتوي البريد على تهديدات بالقتل له ولعائلته.
طالت تهديدات القتل موظفين في ثلاث مؤسسات حقوقية فلسطينية تعمل على محاكمة "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، وهذه المؤسسات هي "الميزان والحق والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان".
أختُرقت عناوين بريدهم الإلكتروني، ومنذ فبراير يتلقى هؤلاء الموظفون فيضًا من الرسائل التي تهدف لخلق نزاع بينهم وبين مدرائهم ونشر إشاعات وتقديم عروض وهمية للعمل في أوروبا مع اللاجئين، لم تقتصر المكالمات الهاتفية عليهم فقط، بل طالت المؤسسات الخارجية التي تقدم تبرعات للمؤسسات الفلسطينية المذكورة أعلاه، وطالبتهم بوقف تبرعاتهم ودعمهم لهذه المؤسسات بسبب فسادها.
يقود المدعي العام في لاهاي، والمتخصص في الجرائم الدولية سايمون مينكس، التحقيقَ في التهديدات التي تتلقاها ندى، الاستنتاج الأولي الذي وصل إليه يُفضي إلى أن من يقف وراء التهديدات والمضايقات ليسوا أفرادًا لوحدهم، بينما تُفسّر المنظمات الفلسطينية التهديدات التي تتلقاها بأنها دليلٌ على أن الإجراءات العامة والقانونية التي تقوم بها لمحاكمة "إسرائيل" في لاهاي تربك وتثير قلق المعنيين بها.
المصدر: هآرتس .. ترجمة: نسرين الخطيب