ترجمات عبرية - قدس الإخبارية: تأتي محاولة ليبرمان لمخاطبة المجتمع الفلسطيني مباشرةً في الوقت المناسب لإسرائيل في ظل غياب الضغط الدولي وانقسام المجتمع الفلسطيني، لكن محاولته ستفشل، تمامًا مثل الخطة المشابهة لها قبل 40 عامًا.
إن خطة وزير دفاع حكومة الاحتلال أفيغدور ليبرمان في تجنب السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس والانخراط في محادثات مباشرة مع شخصيات فلسطينية بارزة تثير الدهشة في رام الله.
تساءل مسؤولون فلسطينيون يوم الثلاثاء إذا ما كان ليبرمان وفريقه قد أدوا واجباتهم قبل الاتفاق على خطتهم وإعلانها يوم الأربعاء.
لم يرد مساعدو عباس بشكلٍ رسمي على المبادرة، وجاءت معظم الانتقادات عليها من قبل نشطاء أقل شأنًا في منظمة التحرير، فقد وصفها بعضهم بأنها محاولة إسرائيلية أخرى يائسة لإيجاد قيادة فلسطينية بديلة.
د. أحمد مجدلاني، مستشار عباس وعضو تنفيذي في منظمة التحرير وعضو في لجنة التنسيق مع المجتمع الاسرائيلي، اقترح أن يقوم ليبرمان بالبحث في خطة إسرائيل "روابط القُرى" والتي تعود إلى أكثر من 30 عام.
في عام 1976، قرر المستشار في الشؤون العربية في الضفة الغربية البروفيسور مناحيم ميلسون ، بالإضافة إلى رئيس الجيش في الخليل ايغال كارمون تأسيس قيادة فلسطينية تتعاون مع إسرائيل، فقد حظروا الانتخابات في المدن الفلسطينية ووضعوا خطة "روابط القرى" بدلًا منها، وذلك بنية إضعاف منظمة التحرير التي كانت تعتبرها الدول العربية والمجتمع الدولي الممثلَ الرسمي للشعب الفلسطيني.
وفقًا لمجدلاني، يحاول نتنياهو وليبرمان تجديد الخطة في محاولة يائسة منهم لإيجاد بديل عن القيادة الفلسطينية الحالية، حيث يقول: "إن هذا نهجٌ عنصريٌّ واستعماري ينظر للفلسطينيين على أنهم أغبياء ومنعدمي احترام الذات، يراهم كأنهم لا يمتلكون طموحات لتحديد مصيرهم واستقلالهم، ويمكن شراؤهم بامتيازات اقتصادية."
بغض النظر عن الموقف الفلسطيني الرسمي، إن مبادرة ليبرمان التي تنوي مخاطبة المجتمع الفلسطيني مباشرةً من خلال إشراك ناشطين وأكاديميين اجتماعيين تأتي في الوقت المناسب لإسرائيل، فليس هناك ضغط دولي حقيقي لاستئناف عملية السلام في الوقت الحالي، كما ليس من المتوقع أن تساهم المبادرة الفرنسية بذلك ايضًا.
بالنسبة للجانب الفلسطيني، إن الانقسام والصراع على السلطة بين منظمة التحرير وحركة حماس، إلى جانب حالة الضعف والحروب التي يعاني منها العالم العربي، لا يصب إلا في صالح الموقف الإسرائيلي، لن يتفاجأ أحدٌ من الجانب الفلسطيني إذا تم الترحيب بخطة ليبرمان من قبل جماعات فلسطينية معينة وصغيرة، يمكن للمبادرة أن تخدم المصالح الإسرائيلية لفترة من الزمن، متيحةً بذلك الفرصة لإسرائيل لاعتبار هذا الأمر نجاحًا قد حققَته.
لكن ينبغى على إسرائيل أن تدرك بأن هذه الخطة عقيمة، حيث أنها في أحسن الأحوال قد تساهم في التغطية على حقيقة الاحتلال لبعض الوقت، لكنها لن تقود إلى تسوية حقيقية وثابتة، لقد أثبتت محاولات الوصول للسلام الاقتصادي والتخفيف من المخاوف الإنسانية عدم قدرتها على تقديم حلول دائمة، فتوفير لقمة العيش لا يمكن أن يحل بديلًا عن الاستقلال وتحديد المصير.
لم يقبل الفلسطينيون بالقيادة التي حاولت إسرائيل التسويق لها في السبعينيات، أي عندما كانوا لا يزالون يعانون من هزيمة 1976، وليس من المتوقع أن يقبلوا بها الآن، خاصةً إذا كانت قيادة مطبوعٌ عليها ختم الموافقة من قبل وزارة الدفاع الإسرائيلية.
يستطيع ليبرمان تجنب عباس والقيادة الفلسطينية الحالية، كما فعل الكثير قبله من الإسرائيليين، لكنه لا يستطيع تجاوز تطلعات الفلسطينيين لإقامة دولة فلسطينية، تحاول إسرائيل جرّهم إلى سياسة "العصا والجزرة"، والتي يمكن وصفها بشكلٍ أفضل بهذا الشكل: "قرد فلسطيني في قفص، ومدرِّب إسرائيلي معه سوط وموزة".
لقد عانى هذا الجيل بما فيه الكفاية من الاحتلال والاتفاقيات غير الدائمة، بدلًا من الاستثمار بخططٍ لتجنب عباس واللجوء إلى أساليب فشلت قبل ذلك مرارًا وتكرارًا، من الأفضل أن تبحث إسرائيل عن سياسة جديدة، سياسة تنظر إلى الفلسطينيين كشعب له حقوقه وحرياته، ليس كحفنةٍ من المشاغبين الذين يجب ترويضهم.
المصدر: هآرتس/ ترجمة: نسرين الخطيب