رام الله - قدس الإخبارية: كشف تقرير لائتلاف من أجل النزاهة "أمان" عن استمرار وجود خروقات في آليات التعيين في بعض الوظائف العليا التي تنتهجها الحكومة برئاسة رامي الحمد الله والسلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى استمرار التعيينات بمراسيم صادرة عن الرئيس محمود عباس خلافا للمادة 69 من القانون الأساسي المعدل.
وأشار الباحثون خلال جلسة نقاش نظمها الائتلاف حول التعيينات في الوظائف العليا على وجود نقص في القوانين الناظمة لإجراءات التعيين، وعدم وجود نصوص لإشغال الوظائف العليا، لافتين أن ذلك يفتح الباب أمام الاعتبارات السياسية والجهوية والعائلية والجغرافية عند التعيين.
وأوصى الباحثون بالإسراع في معالجة مكامن الخلل؛ بالاستناد إلى مبدأ التنافس والمساواة وتكافؤ الفرص وإيجاد آلية رسمية للرقابة على شروط شغل الوظائف العليا، باعتبار أن ذلك يمثل أحد أركان الحكومة المنفتحة.
وبعث الائتلاف رسالةً إلى مجلس الوزراء أطلعه فيها على نتائج جلسة النقاش التي عقدها مع مجموعة من المؤسسات والشخصيات الوطنية على إثر التعيينات التي تمت في الوظائف العليا مؤخرًا.
خروقات
من جهته، قال مستشار مجلس إدارة ا عزمي الشعيبي في افتتاح الجلسة "إن عقد هذا اللقاء جاء بعد دراسة مستفيضة أجراها الائتلاف حول التعيينات في الوظائف العليا والحساسة"، موضحا وجود خروقات في آليات التعيين في شغل الوظائف العليا وعدم استكمال إعداد شروط شغل تلك الوظائف وإعلان المؤهلات العلمية والخبرات العملية المطلوبة لشاغليها، إضافة إلى عدم وضوح آليات احتساب الراتب والامتيازات؛ فضلًا عن عدم وجود آلية رسمية للرقابة على الالتزام بالشروط المذكورة كوجود لجنة عليا للرقابة على الوظائف.
واعتبر الشعيبي أن عدم الالتزام بالشروط المذكورة وغيابها عن بعض الوظائف وعدم وضوح آليات التعيين ساهم في خلق صراعات بين الأشخاص أنفسهم على هذه المواقع ما خلق حالة من الشخصنة التي وصفها بالآفة التي تزيد من حدة الصراع على السلطة.
ضبط الممارسة
من جهته، اعتبر رئيس قسم المناصرة في مؤسسة "الحق" عصام عابدين أن مشكلة التعيينات في الوظائف العليا كانت وما زالت تفتقر الى أسس ومعايير واضحة وشفافية على المستوى القانوني فضلًا عن غياب الاجراءات وضعف آليات الرقابة التي زادت الوضع سوءً.
وأوضح عابدين أن ذلك فتح الباب واسعًا أمام تجاوزات؛ تمثلت بالواسطة والمحسوبية، نتج عنها عدم القدرة على استيعاب التعديلات الجوهرية التي طرأت على القانون وترجمتها في قانون الخدمة المدنية.
واتفق أستاذ الفلسفة السياسة في جامعة بيرزيت جورج جقمان مع عابدين أن جزءً كبيرًا من المشكلة يتعلق في الممارسة المبنية على نواقص القانون والتشريعات والإجراءات المتبعة.
التعيينات السياسية
من جانبه، اعتبر أستاذ العلوم السياسة في جامعة بيرزيت علي الجرباوي أن المشكلة لا تقتصر على غياب القانون الناظم وإنما في التعيينات السياسية التي طغت على شغل هذه الوظائف.
وأكد الجرباوي على أن الشروط الأساسية التي تحددها بطاقة الوصف الوظيفي قد لا تسري على التعيينات الخاصة كالمحافظين الذين يعينون من قبل الرئيس خلافًا للقانون الأساسي الذي أعطى هذه الصلاحية للحكومة.
في ذات السياق، ربط نائب الأمين العام للجبهة الديموقراطية قيس عبد الكريم التجاوزات المختلفة في هذا الموضوع بطبيعة النظام السياسي الذي إما أن يقوم على أساس احتكار الحزب الحاكم للمواقع، أو على أسس مهنية مبنية على الكفاءة والحاجة.
ولفت عبد الكريم إلى أنه وعلى الرغم من النزعة السياسية للموضوع إلا أن هناك عددًا من الاجراءات التي قد تحد من سوء الظاهرة؛ أهمها التمييز بين الوظائف العليا العادية والسياسية.
فصل سلطة الرئيس
في سياق متصل، أشار النائب في المجلس التشريعي أيمن دراغمة إلى وجود خيارين لضبط الممارسات الحالية المتعلقة بإشغال الوظائف العليا أولها: الدعوة إلى تحسين الوضع القائم أو ما يوصف بـ "الترقيع"، وثانيهما هدم بنية النظام القائم بهدف البدء من جديد على أسس سليمة.
ولفت دراغمة إلى أن المشكلة تكمن في التوجه الواضح نحو الوظيفة السياسية والمسح السياسي، والتي يتطلب وقفها فصل سلطة الرئيس عن سلطة الحكومة في ظل غياب الجهة الرقابية التي تتمثل بالمجلس التشريعي.
أما مدير مركز الديمقراطية وحقوق العاملين حسن البرغوثي فاقترح إنشاء مكاتب تشغيل للقطاع الخاص والوظيفة الحكومية تستقبل فيه الطلبات بناءً على الاحتياجات فقط، مع ربط المكاتب بهيئات الرقابة الإدارية والمالية ما يساهم في إيقاف المحسوبية والواسطة.
وأشار المدير التنفيذي لائتلاف أمان مجدي أبو زيد إلى أهمية التطرق لهذا الموضوع لما يشكله من خطورة وما يخلقه من نقمة وحنق في الأوساط المجتمعية، لافتًا إلى الاجراءات التي اتخذتها بعض الدول للحد من سلطة الجانب السياسي للتعيينات.
وأشار إلى أن أهم تلك الإجراءات هو تحديد نسبة أو عدد الوظائف التي يحق تعيينها من قبل الرئيس والحكومة بهدف تخفيف الضغط على هاتين الجهتين وإغلاق الباب أمام محاولات التوسط لديها.
بينما قال المدير العام في ديوان الرقابة المالية والادارية شحادة علاونة إن الديوان يمارس رقابته على التعيينات في الوظائف العليا وأكثر ما يقيسه هو وجود إطار قانوني متكامل يسهل الدور الرقابي المذكور.
وأقر علاونة بوجود تحديات منها عدم اكتمال الوصف الوظيفي وشرط المؤهل العلمي الذي يخضع أحيانا لسلطة تقديرية؛ كما أن الاجراءات المعمول بها لا تراعي التراتب الزمني من ناحية الخبرة والاهلية ولا تحدد سقفا أعلى للمدة التي يمكن فيها شغل الوظيفة.