سوريا - قدس الإخبارية: بعد أن لفظه كل الجوار العربي وغير العربي عاد الشاب الفلسطيني باسل عزام (22 عاما) من أهالي مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين إلى سوريا التي فر منها خوفا من ملاحقة قوات النظام ليلقى نحبه تحت وطأة القصف الجوي الروسي المتواصل على مدينة إدلب شمال سوريا أول أمس.
وكان باسل قد وصل الأراضي التركية قبل عدة أشهر ليتفاجأ بمنعه من دخولها عبر مطار "أتاتورك" بحجة عدم حصوله على تأشيرة دخول ليعلن عن إضرابه عن الطعام مطالبا بحريته والسماح له بدخول تركيا التي كان ينوي مغادرتها إلى السويد ليلتحق بعائلته التي كانت قد فرت من سوريا قبل عدة سنوات، حيث استمر احتجازه في المطار لأكثر من 4 أشهر.
وبعد عدة أيام من الإضراب خلال احتجازه في مطار اسطنبول، أبلغته السلطات التركية أنها وافقت على تسوية وضعه والسماح له بدخول تركيا، غير أنه وبعد عدة ساعات اكتشف أنها كذبت عليه ليتم قذفه داخل إحدى المناطق الحدودية مع سوريا، بحسب رواية أحد أقارب الشاب باسل، وفي سوريا وصل باسل لمدينة إدلب التي أعلن عن استشهاده فيها تحت وطأة القصف الروسي للمدينة.
رفض الخدمة
يقول تيسير أحد أقارب الشهيد: "إن باسل كان اقتيد بالإجبار إلى الخدمة العسكرية الإلزامية في صفوف جيش التحرير الفلسطيني الذي يقاتل بجانب قوات النظام السوري ضد المعارضة السورية، كما عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا الذين لم يستطيعوا الفرار قبل تبليغهم بوقت الالتحاق وتعميم أسمائهم على المخارج البرية والجوية في سوريا، ولم يكن لديهم خيارات تمكنهم من تجنب الانضمام لجيش التحرير، كونه ومنذ بدايات تأزم الوضع في سوريا يجري استخدامهم من قبل النظام للقتال على جبهات متعددة، بعيدة عن فلسطين أو عن حماية المخيمات والتجمعات الفلسطينية في سوريا".
وأضاف تيسير، أن "لباسل شقيق استشهد منذ عدة سنوات أثناء خدمته في جيش التحرير الفلسطيني، وبعد مضي عدة أشهر من التحاقه بجيش التحرير، أُرسله جيش التحرير إلى عدة مناطق ساخنة تشهد مواجهات ساخنة جلها مع المعارضة السورية المسلحة من بينها داريا ودوما، حيث استشهد عدد من رفاقه أثر الاشتباكات، لم يرد القتال إلى جانب النظام، كون المعركة بعيدة عن فلسطين الذي كان يؤمن بها باسل، وفي نهاية المطاف نجح باسل في الفرار إلى لبنان التي دخلها وبقي فيها بشكل قانوني كونه لا يحمل وثائق سفر أو إثباتات شخصية، وفشل في تسوية وضعه لدى الأمن العام اللبناني، وعاش فيها فترة تجاوزت العامين خائفاً من أن يجري اعتقاله من السلطات اللبنانية لهذا السبب ويتم ترحيله إلى سوريا".
مناشدات لم تجد سامعا
وكان باسل قد نشر مناشدة صوتية مسجلة قال فيها إنه وبشقّ الأنفس استطاع استخراج جواز سفر فلسطيني عن طريق السفارة الفلسطينية في لبنان ليسّوي وضعه، ويتوجه الى روسيا بعد حصوله على فيزا سفر إلى هناك، فكانت الرحلة "ترانزيت" من مطار اسطنبول بفارق 7 ساعات نام خلالها باسل داخل المطار ليستيقظ ويكتشف أن جوازه وأوراقه وجميع المال الذي كان يحمله قد سرقوا، لتقوم السلطات التركية بترحيله بالقوة في اليوم التالي من حيث جاء .. إلى لبنان".
وأوضح باسل في مناشدته الصوتية أنه وبعد وصوله مجدداً لمطار بيروت عائدا بالقوة من تركيا، قام الأمن العام اللبناني بإرجاعه لغرفة الاحتجاز في المطار، وجرى اقتياده إلى الطيارة عند الثالثة فجرا ليتم إرساله إلى تركيا مجددا، حيث احتجزته السلطات التركية من جديد في غرفة الترحيل في مطار اسطنبول لمدة فاقت عن 4 أشهر، كان يخضع خلالها لجلسات تحقيق للسؤال حول سبب ترحيله من لبنان إلى تركيا مجددا".
ويشير تيسير، إلى أنه "وخلال فترة احتجازه أطلق باسل عدة مناشدات للسفارة الفلسطينية ولمختلف الجهات الفلسطينية والحقوقيّة الأخرى، لكنها لم تلق آذانا صاغية ولم يجد من يساعده، لشرع في إضراب مفتوح عن الطعام بهدف الضغط على السلطات التركية للسماح له بالدخول إلى تركيا، حيث تدهورت حالة باسل الصحية ونقل إلى أثرها إلى المشفى عدة مرات مقيدا بيد شرطي مرافق له في كل مرة، وفي كل مرة كان يتم إعادته مجددا إلى غرفة الاحتجاز في المطار".
ويضيف "في اليوم العاشر من إضرابه عن الطعام، أبلغ باسل أن السلطات التركية وافقت على تسوية وضعه وإدخاله إلى تركيا، شرط أن يفك إضرابه عن الطعام، ليتفاجىء في اليوم التالي أن السلطات التركية قد كذبت عليه وقامت بقذفه إلى معبر باب الهوى الحدودي وجرى إدخاله إلى سوريا، لا إلى داخل تركيا".
[caption id="attachment_98257" align="aligncenter" width="494"]
السفارة تكذب
في اتصال هاتفي لشبكة قدس بالسفارة الفلسطينية في أنقرة نفى القنصل الفلسطيني في تركيا الذي رفض إعطاء اسمه أن يكون باسل قد جرى ترحيله من المطار إلى داخل الأراضي السورية، مدعيا بأن السفارة نجحت بالتواسط لدى السلطات التركية لإدخال باسل من مطار اسطنبول لداخل الأراضي التركية، لكنهم تفاجؤوا أنه قرر وبشكل ذاتي مغادرة تركيا إلى الأراضي السورية بعد عشرة أيام من دخوله تركيا، نافياً قذفه من قبل السلطات التركية لداخل الحدود السورية، قائلا: "إن السلطات التركية لا ترحل أحدا إلا بناء على طلب الشخص نفسه".
وأشار القنصل إلى أن "السفارة تفاجأت أن باسل طلب مغادر تركيا إلى سوريا بناء على أوراق موقع عليها من قبله"، الأمر الذي اعتبرته عائلة باسل كاذبا جملة وتفصيلا متهمة السفارة الفلسطينية في تركيا بالتنصل من تحمل المسؤولية عن الانتهاك الكبير الذي حصل بحق باسل".
وكشفت العائلة عن أن باسل قد جرى خديعته بتوقيعه على أوراق باللغة التركية ظن أنها تخص إجراءات تسوية الوضع ليبقى في تركيا، مشيرة إلى أن السفارة الفلسطينية في تركيا كانت قد رفضت عرضا من السلطات التركية بإدخال باسل للأراضي التركية على كفالة السفارة.
واتهمت عائلة باسل، السفارة الفلسطينية ومنظمة التحرير وممثلية حركة حماس ومؤسساتها الأهلية والحقوقية المنتشرة في تركيا بالتقصير والتنصل من المسؤولية تجاه ما جرى مع باسل.
وأضافت العائلة، "حماس كما جميع الأطراف الفلسطينية تقوم ببناء علاقات مع الدول والجهات الرسمية وغير الرسمية بدون جدوى، نرى صورهم برفقة أردوغان ووزير الخارجية التركي وغيرهم من المسؤولين الأتراك وكأن الأمر بناء علاقات بهدف بناء العلاقات فقط دون أي نفع يعود علينا كفلسطينين، للأسف تواصلنا مع عدّة مسؤولين في الحركة، لكن لم يجب أحد منهم على رسائلنا، الجميع يمثل علينا لا يمثلنا".
يذكر أنه وبحسب مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا فإن حوالي 165 مجندا فلسطينيا استشهدوا أثناء قتالهم في سوريا بعد تلقيهم أوامر للقتال إلى جانب قوات النظام منذ اندلاع الأحداث في سوريا.