فلسطين المحتلة - قدس الإخبارية: تهجير الفلسطينيين وبناء المستوطنات، نمط تتبعه سلطات الاحتلال منذ عقود، إلا أن تصاعده في الآونة الأخيرة قد يُقحِم كيان الاحتلال في ورطة دبلوماسية.
يقول بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية: "إن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي يؤدي إلى تآكُل عملية السلام"، ووصف البيان الممارسات الإسرائيلية الأخيرة بأنها "أحدث الأمثلة على ما يبدو جليا أنه تصاعد مستمر للنشاط الاستيطاني الذي يُضعف من احتمالية حل الدولتين".
وأضاف أن عملية بناء المستوطنات وهدم منازل الفلسطينيين هي "جزء من عملية مصادرة الأرض والتوسع المستمر في المستوطنات وتشريع البؤر الاستيطانية ومنع التنمية الفلسطينية، وإن هذه الممارسات تهدد بترسيخ واقع حيث الصراع والاحتلال الدائم".
يفيد البيان في نهايته بأن النمط الذي تتبعه حكومة نتنياهو في الممارسات الاستفزازية وذات النتائج العكسية يثير تساؤلات خطيرة حول التزام إسرائيل بالوصول إلى تسوية سلمية عن طريق المفاوضات مع الفلسطينيين.
إن التساؤلات التي تحدث عنها الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربي في البيان مألوفة وشائعة، حيث صدرت تقارير في الأسابيع الماضية تنص على خطط بناء وحدات السكنية الاستيطانية باستمرار وعلى مراحل مختلفة من التخطيط، بالإضافة إلى خطة لتشريع بناء بؤرة استيطانية على نحوٍ ارتجاعي قرب رام الله.
وكما أشار مكتب وزارة الخارجية، تشهد المنشآت الفلسطينية عمليات هدم متصاعدة في الضفة الغربية والقدس المحتلة، ووفقًا لما أفاده آخر مؤتمر للأمم المتحدة، هدمت السلطات الاسرائيلية 684مبنى يعود للفلسطينيين منذ بداية 2016 وحتى الأول من آب، مما أدى إلى تهجير ما يقار 990نسمة، في حين تم هدم 531 مبنى في عام 2015 كاملًا.
ترى الحكومات الغربية أن بناء المستوطنات وهدم المنازل الفلسطينية يُعتبر مشكلةً بشكلٍ أساسي لأن هذه الطريقة تُعرقل إقامة الدولة الفلسطينية.
وحسب المادة الرابعة من اتفاقية جنيف، يُحظَر إنشاء المستعمرات المدنية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة كما وتحُد الاتفاقية من هدم الممتلكات إلا في حالة "الضرورة العسكرية".
في الحقيقة، وبغض النظر عن الأضرار التي لحقة بعملية السلام التي تغط فعليًا في غيبوبة، وبعيدًا عن انتهاكات الاحتلال المتعمدة للقانون الإنساني الدولي، إن هدمها للممتلكات الفلسطينية واستمرار بنائها للمستوطنات غير القانونية جزءٌ من الصورة الكاملة الأكبر.
إنهما صورتان بمثابة وجهان لعملة واحدة: الفصل العنصري في الضفة الغربية، حيث تعيش مجموعة واحدة من الناس –الإسرائيليون المحميون من قبل جيش الاحتلال- في رفاهية منفصلة، أما المجموعة الأخرى –الفلسطينيون- فيتم طردها والتحكم بها ومهاجمتها بوحشية من قبل جيش الاحتلال نفسه.
هذا ليس بالأمر الجديد، فقد قامت سلطات الاحتلال بهدم أكثر من 1100 منزل فلسطيني في السنوات العشر الماضية، وهذه الإحصائية لا تتضمن المنشآت الأخرى التي هدمتها مثل المحلات التجارية والمدارس والمصانع.
لكن يمكننا توسيع وجهة نظرنا بما أن عمليات الهدم وبناء المستوطنات مستمرة وثابتة على مدار الاستعمار الاستيطاني لفلسطين، خلال السنوات الخمس الأولى من قيام الكيان الإسرائيلي، تم بناء 95% من المستوطنات اليهودية الجديدة على ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين بعد طردهم.
أكثر من 400 قرية فلسطينية دُمرت خلال النكبة، وبعدها تم تقسيم الأراضي التي تقع عليها تلك القرى إلى كيبوتسات، أما الأحياء الفلسطينية التي تقع في المدن الأثرية والتاريخية، مثل القدس وعكا وحيفا، فقد سكنها اليهود والاسرائيليون بعد طرد سكانها منها، وهذا ما نسميه بسياسية التهجير والبناء.
لا تزال هذه السياسة مستمرة، حتى أن منازل الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية معرضة للخطر من قبل هذا النظام البيروقراطي الذي يتعامى عن عرق أولئك الذين يهدم ويدمر ممتلكاتهم، في حين أنهم يعُون تمامًا آثار قيام "دولة يهودية" على سكانها غير اليهود.
أحيانًا يُطلق على هذه المستوطنات: "حقائق على الأرض" وأحيانٌ أخرى يطلق عليها: "تنمية"، تُبنى الجاليات اليهودية في النقب على حساب تمزيق المجتمعات الفلسطينية، والشيء نفسه يحدث جنوبي الضفة الغربية، في القدس الشرقية هذا الأسبوع؛ شهدت عائلة فلسطينية تدمير منزلهم للمرة السادسة خلال 10 سنوات.
إن تصاعُد عمليات الهدم، واستمرار بناء المستوطنات، ليس انحرافاتٍ عن ما هو مقرر لسلطات الاحتلال، بل صورة مصغرة لما يشهده الفلسطينيون منذ ما يقارب 70 عامًا على يد الاستعمار الاستيطاني الصهيوني.
المصدر: موقع ميدل إيست آي/ ترجمة: نسرين الخطيب