شبكة قدس الإخبارية

الاحتلال يستعين بالقانون والقوة لـ"تجنيد المسيحيين".. ما الجديد؟

أحمد يوسف

الناصرة – خاص قُدس الإخبارية: تحاول دولة الاحتلال جاهدة لدفع الفلسطينيين بالداخل المحتل من أبناء الطائفة المسيحية، إلى التجنيد بجيش الاحتلال أو ما تسمى بـ"الخدمة العسكرية"، مستخدمة في أحدث محاولاتها القانون لقمع الحراك الرافض بشدة لهذه المحاولات من قبل الطائفة المسيحية.

وفي هذا السياق، صادق الكنيست الإسرائيلي أمس الثلاثاء بالقراءة الأولى على مشروع قانون بفرض عقوبة السجن لمدة تصل إلى سبع سنوات، بحق كل من "يحرض" أبناء الطائفة المسيحية في الأراضي المحتلة عام 1948 على رفض "الخدمة العسكرية"، ليتبقى على تمرير القانون المصادقة عليه بالقراءتين الثانية والثالثة.

ويلزم القانون الإسرائيلي كل شاب يهودي ودرزي بلغ الثامنة عشرة بالخدمة في الجيش، لكن المسلمين والمسيحيين معفيون من ذلك، إذ تنضم أعداد متفاوتة منهم "طوعا" لهذه الخدمة.

ويشمل كتاب القوانين الإسرائيلي قانوناً يعاقب بالسجن الفعلي كل من يحرض جندياً على ترك الجيش، لكنه يتحدث عن الجنود الملزمين الخدمة العسكرية، ما يعني أن المسيحيين ليسوا منهم، وهو ما دفع حركة "إم تيرتسو" اليمينية لطرح هذا المشروع، وقد تم إقرار مسودته الأسبوع الماضي أثناء تغيب النواب الفلسطينيين بالكنيست بسبب عطلة العيد.

ويؤكد عزمي حكيم الرئيس السابق لمجلس الطائقة العربية الأرثوذكسية بالناصرة، أن القانون سيمر دون شك في ظل التركيبة الحالية للكنيست الإسرائيلي، "ليكون بمثابة قانون آخر تدوس به حكومة الاحتلال وبرلمانه على آخر مؤشرات الديمقراطية الزائفة التي يزعمونها منذ 1967"، حسب تعبيره.

وقال حكيم في حديث لـ قُدس الإخبارية، إن مشروع القانون عنصري وتمييزي بالكامل ولا يمكن القبول به، إذ يشير إلى معاقبة كل من "يحرض" المسيحيين وحدهم على رفض التجنيد، متسائلا عن سبب عدم فرض العقوبة ذاتها ضد اليهود المتدينيين "الحريديم" الرافضين للخدمة العسكرية، رغم أن الحاخامات يحرضون بشكل يومي الشبان "الحريديم" على عدم التجنيد.

[caption id="attachment_96481" align="aligncenter" width="1192"]عزمي حكيم عزمي حكيم[/caption]

ورأى أن هذا القانون نتيجة طبيعية لدولة يقودها نتنياهو (رئيس الحكومة) وليبرمان (وزير الجيش) وبنيت (وزير المعارف)، وأنه يهدف لشق الصف الفلسطيني في الداخل المحتل، ومحاولات عزل المسيحيين والاستفراد بهم.

وأعرب حكيم عن أسفه لما قال إنه صمت الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني بشقيها الجنوبي والشمالي على ضغوطات الاحتلال ومحاولاته لإجبار أبناء الطائفة المسيحية على التجنيد بالجيش، داعيا الفلسطينيين من أبناء الطائفة المسلمة لرفع أصواتهم عاليا ضد مشروع تجنيد المسيحيين، لإفشال المخططات الإسرائيلية "التي تستهدف الطائفة الأقل انضماما للجيش الإسرائيلي".

1397029852_ferwanamain

وبين حكيم وهو من أهم الرافضين لمشروع تجنيد المسيحيين، أن سلطات الاحتلال كانت قد بدأت منذ زمن خطواتها الضاغطة على الرافضين لتجنيد المسيحيين تمهيدا للوصول إلى مثل هذا القانون، مشيرا إلى تعرضه للتحقيق عدة مرات لدى جهازي المخابرات والشرطة التابعين للاحتلال، ورفع قضيتين ضده تطالبانه بغرامتين تزيدان عن 150 ألف شيكل.

وبدأ جيش الاحتلال منتصف عام 2014 بإرسال أوامر بالتجنيد الاختياري الى "المجندين المحتملين" من ابناء الطائفة المسيحية.

وقال الناطق بلسان الجيش أفيخاي أدرعي حينها، إن هذه الأوامر ستعتبر بمثابة "دعوة لأبناء الشبيبة لفحص إمكانية التجند الاختياري، وبالتالي التعرف على الإمكانيات المتنوعة الموجودة أمام المجند لجيش الاحتلال"، منوها أن عدم الانصياع إلى هذه الأوامر لا يعتبر مخالفة قانونية.

ولقي هذا المشروع رفضا واحتجاجات وصلت إلى الميدان في الداخل المحتل، قادتها شخصيات دينية مسيحية ونشطاء، باستثناء بعض الشخصيات التي أعلنت تأييدها للتجنيد، مثل الكاهن جبرائيل نداف الذي يبذل جهودا حثيثة لإقناع المسيحيين بالأمر.

[caption id="attachment_96482" align="aligncenter" width="461"]جبرائيل نداف علاقاته قوية بقادة الاحتلال جبرائيل نداف علاقاته قوية بقادة الاحتلال[/caption]

لكن حكيم يؤكد في الوقت ذاته أن مثل هذه المواقف فردية ومحدودة، مضيفا، "عندما كنت في رئاسة مجلس الطائفة الأرثوذكسية بالناصرة رفضت التجنيد بلسان 20 ألف مسيحي فلسطيني هناك، كلهم كانوا يجمعون على هذا الموقف".

وشدد مرة أخرى على أن القضايا المرفوعة والقوانين التي ستسن والعقوبات التي ستفرض لن تدفع الفلسطينيين المسيحيين للقبول بمحاولات تجنيدهم.

يذكر أنه، وحسب إحصائية لجيش الاحتلال، فإن عدد المسيحيين الذين يخدمون بجيش الاحتلال في ذلك الوقت يبلغ 150 مسيحيا، وأن عدد المسيحيين الذين ينضمون للجيش سنويا يبلغ 50 شخصا.