غزة - قُدس الإخبارية: يستقبل الفلسطيني حماد دلول الذكرى الثانية لبدء الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة بكثير من الإحباط والغضب بعد أن ظلت وعود إعادة إعمار منزله مجرد حبر على ورق. ويقول الأربعيني دلول، إن كل يوم مر ثقيلا طوال العامين الماضيين وهو يترقب وعائلته عبثا ظهور أفق لإعادة بناء منزلهم الذي دمر كليا في الهجوم الإسرائيلي، مضيفا، "لا يوجد لدينا سوى الغضب بعد أن نفذ صبرنا في تحمل انتظار العودة لمنزلنا مجددا، ووجدنا كل ما تلقيناه من عود مجرد أوهام".
وتقضي عائلة دلول نهارها بين أنقاض منزلها المدمر في حي التفاح شرق غزة، أملا باستقبال من يحمل لها بشرى بدء الإعمار، ثم يؤوي أفراد العائلة السبعة ليلا إلى منزل صغير يستأجرونه.
وقبل خمسة أشهر أبلغ دلول بأن اسمه ورد في كشف منحة مالية مقدمة من الكويت للإعمار، لكنه بقي بانتظار استلام كميات مواد البناء اللازمة ما يعني استمرار نزوحه حتى إشعار آخر.
ويضيف، "لا نسمع سوى الوعود فيما الوضع لدينا ولدى عشرات العائلات من الجيران لا يطاق، لأننا فقدنا أغلى ما نملك ولم يتم تعويضنا بإعادة إعمار منازلنا حتى الآن، ولا نعرف متى سيحصل ذلك". وتسبب العدوان الذي شنته قوات الاحتلال في مثل هذه الأيام قبل عامين، واستمر لـ51 يوما، في استشهاد 2200 فلسطيني وهدم عشرات الآلاف من المنازل، ومنذ ذلك الحين يقيم أصحاب المنازل المدمرة في منازل استأجروها بصفة مؤقتة على أمل إعادة إعمار منازلهم قريبا.
ويقول مسؤولون فلسطينيون، إن دولة الاحتلال واصلت فرض قيود مشددة على معابر قطاع غزة، خاصة ما يتعلق بتورد مواد البناء اللازمة للإعمار رغم إعلانها المتكرر عن إدخال تسهيلات للوضع في القطاع.
وحسب وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة جميل سرحان، فإن ما تسمح "إسرائيل" بإدخاله من مواد بناء لا يزال كميات شحيحة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات الإعمار، ما يعد السبب الرئيس في تعثر الإعمار.
ويوضح سرحان، أن مجمل ما تم توريده من الاسمنت للقطاع الخاص لإعادة إعمار قطاع غزة لا يتجاوز 670 ألف طن منذ انتهاء الهجوم الإسرائيلي بما يمثل حوالي 22 في المائة من احتياجات الإعمار.
ويؤكد، أنه وبسبب ذلك فإن عمليات الإعمار في قطاع غزة ما تزال متعثرة، واقتصرت على إصلاح المنازل المدمرة جزئيا وعدد محدود من المنازل المتضررة بشكل بليغ أو المدمرة كليا. وكان مبعوث الأمم المتحدة السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري أعلن بعد شهرين من انتهاء العدوان، أن المنظمة الدولية توسطت للتوصل لاتفاق ثلاثي فلسطيني إسرائيلي أممي لتمكين السلطة الفلسطينية من بدء إعادة الإعمار في غزة.
وأفصح سيري في حينه، أن الاتفاق يقوم على ضمانات أمنية مشددة من خلال آلية رقابة من قبل الأمم المتحدة، وفق نظام يشرف على إدخال واستخدام جميع المواد اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة "لضمان عدم تحويلها عن أهدافها المدنية الخالصة"، وفق تعبيره. وحظرت دولة الاحتلال إدخال مواد البناء لصالح مشاريع إعادة إعمار قطاع غزة لمدة 50 يوما متواصلة في شهري نيسان وأيار الماضيين "للاشتباه بأنها تستخدم لأغراض عسكرية ومنها بناء الأنفاق".
وإلى جانب قيود إدخال مواد البناء يقول مسؤولون فلسطينيون، إن وصول التعهدات المالية لعمليات الإعمار شحيحة جدا ولم تتجاوز 30 في المائة حتى الآن. وكان مؤتمر دولي عقد بالقاهرة في تشرين أول/2014 لإعادة إعمار غزة، وتعهدت الدول المانحة خلاله بتقديم مبلغ 5.4 مليار دولار للفلسطينيين يخصص نصفه للإعمار. ويعتبر المحلل الاقتصادي من غزة ماهر الطباع، أن قطاع غزة "يحتضر" بعد عامين من بدء الهجوم الإسرائيلي الأخير "في ظل أوضاع اقتصادية وإنسانية كارثية تمر على سكانه لم يسبق لها مثيل منذ عقود". ويقول الطباع، إن قطاع غزة "ما يزال محاصرا والأوضاع الاقتصادية فيه تزداد سوء، فيما كافة المؤشرات الاقتصادية الصادرة من المؤسسات الدولية والمحلية تحذر من الانهيار القادم للقطاع. ويشير إلى أن معظم ما يسمح الاحتلال بإدخاله إلى قطاع غزة هو من السلع الاستهلاكية والإغاثية، فيما تواصل فرض قيود صارمة على العديد من السلع الأولية من المواد الخام اللازمة للقطاع الصناعي.
وسبق أن حذر البنك الدولي من أن "الوضع القائم في قطاع غزة غير قابل للاحتمال" في ظل أن معدل البطالة في القطاع أضحى الآن الأعلى عالميا بوصوله إلى 43 في المائة، في حين ما يزال 40 في المائة من السكان يقبعون تحت خط الفقر. وطالبت الجهات الرسمية والفصائل الفلسطينية مرارا، برفع الحصار الإسرائيلي وأي قيود أمام توريد البضائع خصوصا مواد البناء إلى قطاع غزة من أجل دفع عملية إعادة إعماره قدما. ويقول عضو المكتب السياسي لحركة حماس زياد الظاظا، إن مرور عامين على العدوان على قطاع غزة من دون رفع حصار عنه وإعماره جريمة إنسانية".
ويشدد الظاظا على أن المطلب الفلسطيني الرئيس يبقى رفع كافة أشكال الحصار، وفتح معابر القطاع لتمكين إعادة الإعمار من التقدم وضمان مقاومات الحياة الأساسية للسكان.
وأشار إلى أن استمرار تعطيل إعادة الإعمار من شأنه أن يقود قطاع غزة إلى "انفجار غير محسوب التداعيات"، وهو ما يتطلب من الجهات الدولية العمل لتفادي ذلك من خلال رفع الحصار وتمويل إعادة الإعمار فورا.
المصدر: وكالة شينخوا الصينية (بتصرف)