شبكة قدس الإخبارية

الألعاب النارية: أرباح كبيرة وإصابات بليغة وعقوبات مخففة

شذا حنايشة

الضفة الغربية – خاص قُدس الإخبارية: "فقدت من يدي اليمنى أصبعين بسبب الألعاب النارية عندما كان عمري 14 عاما، وكانت المناسبة نجاح بنت عمي في التوجيهي"، هكذا يلخص دانيال سباعنة من بلدة قباطية قضاء جنين قصة تحول الفرح إلى مصيبة تركت آثارها على جسده إلى الأبد.

فالفتى حينها اشترى قنابل من دكان في منطقته، يقول إن البائع كان يخبئها آنذاك في سلة القمامة، موضحا أن معظم القنابل كانت فاسدة، والمادة المتفجرة لا تخرج منها عند إشعالها، لتكون النتيجة جروحا في يده اليمنى، وفقدانه أصبعين بشكل غير كامل، أي تشوه منظرهما وحدوث إعاقة في حركتهما.

ويتابع دانيال، "بقيت 20 يوما في المستشفى، عملت عمليتين في الاولى قُطبت الاصابع والجروح بعدما كانت اوتار اصبعي الإبهام شبه معطلة، وبعد ايام اكتشفوا ان الخنصر قد يصاب بغرغرينا، بعدما أصبح يميل لون العقدة للسواد، فخضعت لعملية وقطعوها، وبقي عقدة وحدة بالخنصر وعقدتين بالبنصر، هذه الحادثة أثرت ع حياتي بشكل عام ولكن اكثر شيء أثر علي أني كنت أتمنى أن اقدم للعسكرية ورفضوني".

قصة دانيال ليست حالة شاذة أو حكاية وحيدة، بل إن هذه الحوادث تتكرر بشكل مستمر في المناسبات والاحتفالات وفي الحياة اليومية بشكل عام، فمثلا أصيبت طفلة (8 سنوات) من مخيم عقبة جبر، يوم الأحد الماضي، بجروح متوسطة وتمزقات في وجهها وفمها، نتيجة عبثها بالألعاب النارية.

وللبحث عن مصدر هذه الألعاب حاولنا التواصل مع عدد من التجار وأصحاب المحال التجارية في عدة مناطق بالضفة، إلا أن معظم التجار رفضوا الحديث معنا وأنكروا بيع مثل هذه الألعاب في محلاتهم، على الرغم من أن معظم من يحيط بهم أكد لنا أنها موجودة وأنهم قبل لحظات اشتروا ألعابا نارية مثل "صاروخ" و"مثلث" وحتى "مسدسات الخرز".

لكن وبعد عناء وبحث ومحاولات نجحنا في الوصول لتاجر يقوم بتهريب الألعاب النارية من المهرب الإسرائيلي إلى التجار الفلسطينيين لبيعها بعد ذلك في الأسواق الفلسطينية، وقد تحدث التاجر لنا بعد أن اشترط عدم الكشف عن هويته، إذ أكد أنه يقوم بتهريب الألعاب النارية من جهات إسرائيلية ثم يبيعها لتجار فلسطينيين، في مهمة وصفها بالمعقدة.

وعن طريقة التهريب يقول التاجر (ح.م) إن "العملية معقدة وصعبة لأن الألعاب النارية اليوم ممنوعة ليس فقط في فلسطين بل في إسرائيل أيضا، خاصة بعد أن استخدمها الشبان الفلسطينيين لمواجهة الاحتلال"، مضيفا، "يقوم التاجر الإسرائيلي بتهريبها بين البضائع القادمة من الصين، كانت تركيا في السابق لكن تم إيقاف التهريب منها بسبب رداءة نوع ألعابها".

ويوضح أن مهمة الوصول للتاجر الإسرائيلي صعبة جدا، "نحتاج لأكثر من شخص ثقة بالنسبة لهذا المهرب لنصل إليه، وغالبا ما يكون مصدر الثقة رجل أعمال فلسطيني أو شخص من الداخل، وفي الغالب لا نراه بل نتعامل مع مصدر الثقة وهو الذي يؤمن لنا البضاعة".

ويؤكد التاجر (ح.م) أن هذه التجارة مربحة جدا وتنشط بشكل كبير في مواسم الاحتفالات ونتائج امتحانات الثانوية العامة والتخرج من الجامعة، مضيفا أن "أرباحها تتناسب مع مقدار خطورة نقلها"، وفق قوله، حيث تكلف المهرب الرئيسي 18 شيقل لتصل للمستهلك بسعر 120 إلى 150 شيقل حسب النوعية وحسب عدد التجار الذين مرت من خلالهم.

ويبين التاجر، أن أصحاب المحال التجارية يخبئون الألعاب في المخازن وبين البضائع وفي بيوتهم وربما في سلال القمامة، ولا يبيعونها إلا لشخص معروف أنه لن يبلغ عنهم، لكن ما إن تحل مناسبة مثل نتائج الثانوية العامة أو الأعياد ويبدأ الجميع بالسؤال بشكل يومي حتى يخرجونها على الملأ دون اكتراث.

ويتابع، "بالنسبة لنا نريد أن تنتهي البضاعة ونحقق أرباحا، ولا يهم من يعرف أو لا أن عندنا ألعاب نارية، المهم نزيد أرباحنا ونخلص بضائعنا وإن كشفنا ندفع غرامة وخلص ينتهي الأمر".

وحول أكثر المناطق التي تتواجد فيها هذه الألعاب قال (ح.م)، إنها تتواجد في منطقة جنين بشكل كبير، وفي العام الماضي مثلا كانت موجودة فقط في جنين التي كانت تصل إليها عن طريق قرية برطعة من الداخل المحتل، مؤكدا أن معظم التجار كانوا يتوجهون إلى جنين لشراء الألعاب النارية.

في المقابل، يؤكد الناطق باسم الشرطة لؤي رزيقات، أن الشرطة تلاحق تجار الألعاب النارية والمفرقعات و"بنادق الخرز" ومهربيها، وأنه يتم تفتيش المحال التجارية بشكل مستمر وإلقاء القبض على التجار وتحويلهم إلى النيابة.

ويوضح رزيقات، أنه في الآونة الأخيرة تمكنت الشرطة والضابطة الجمركية والمؤسسة الأمنية بشكل عام من متابعة هذه الظاهرة، موضحا أنه تم ضبط ومصادرة كميات كبيرة كانت في طريقها إلى الأسواق وخاصة في مراكز المدن وبعض القرى.

وعن الصعوبات التي تواجه الشرطة، يقول رزيقات: "للأسف تكثر نشاطات التهريب في المناطق المصنفة ج لسهولة وصول الألعاب النارية إليها من المهربين، لكن في مناطق السيطرة الفلسطينية والمناطق التي تتواجد فيها الشرطة الفلسطينية هناك ضبط لهذه الألعاب".

ويشير رزيقات إلى أن تواضع مستوى العقوبات بحق المخالفين، والتي تستند إلى قانون العقوبات الأردني، تمثل سببا رئيسا لعدم ردع التجار والمهربين، ويقول: "العقوبات ضعيفة في قانون العقوبات الأردني رقم 16، ونحن بحاجة لقانون رادع ينص على العقوبات بشكل واضح ويجرم كل من يستخدم هذه الألعاب".

وحسب البيان الصادر عن الضابطة الجمركية الثلاثاء، (عشية عيد الفطر)، تمكنت طواقم الضابطة الجمركية من ضبط ما يقارب من 1400 قطعة من الالعاب النارية وألعاب الخرز في عدد من المحافظات، وذلك خلال حملة مداهمات لأماكن مصادرها ومروجيها وحملات تفتيش في الاسواق.

وتحدث البيان عن مصادرة 700 قطعة في محافظة نابلس، وضبط 380 قطعة في محافظة طوباس، كان جزء منها مخبأ في ثلاجة لتفريز اللحوم، إضافة لمصادرة 220 قطعة في قلقيلية، وضبط 100 قطعة في محافظة الخليل.

وحذر الدكتور أحمد البيتاوي رئيس مجمع فلسطين الطبي الأهالي من استخدام الألعاب النارية، مؤكدا أنها تسبب إعاقات دائمة وإصابات بليغة، وموضحا أنه يصل إلى مجمع فلسطين الطبي في المناسبات والأعراس كل عام ما يزيد عن 100 حالة، وتتراوح الإصابات عادة بين 16-24 عاما.