فلسطين المحتلة – قدس الإخبارية: قرر المجلس الوزاري السياسي والأمني الإسرائيلي المصغر، إنزال عقوبات جماعية على الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية المحتلة، ضمن محاولات سلطات الاحتلال لمنع اشتعال الضفة الغربية وزيادة وتيرة العمليات الفدائية التي تستهدف الإسرائيليين.
وكانت الأيام الماضية قد شهدت عدة عمليات فدائية قاتلة للمستوطنين ومنظومة الاحتلال الأمنية عندما نجح فدائيون من منطقة الخليل في تنفيذ عدة عمليات فدائية أصابت الإسرائيليين بالذعر وأدخلت أجهزتهم الأمنية بحالة من التخبط وفقدان الحيلة.
وكعادته الاحتلال في كل مرة، أكثر ما يمكنه فعله هو إجراءات عقابية غير محسوبة تنقلب في كل مرة ضده، وتشعل المزيد من جذوات الانتفاضة التي حصدت حتى اليوم حوالي 37 إسرائيليا، وأصابت العديد منهم بجراح مختلفة.
وفي هذه المرة تنبه، على ما يبدو، ما يسمى بـ"الكابنيت" لهذه المسألة فقرر عدم التطرف في العقوبات التي ينزلها بالفلسطينيين عقب كل عملية، فهي بالإضافة إلى فرض حصار مشدد على المناطق التي يخرج منها منفذو العمليات واعتقال عائلاتهم وهدم بيوتهم، اختلفت هذه المرة عن سابقاتها بقرار ينم عن حالة من التخبط لدى حكومة الاحتلال التي قررت بناء عشرات الوحدات الاستيطانية في مستوطنة "كريات أربع" التي لا تزال تكتوي بنيران الفدائيين الفلسطينيين.
كما قرر الكابينيت عدم الانجرار وراء الخطط التي يتقدم بها أعضاء الائتلاف الحكومي وعلى رأسهم وزير جيش الاحتلال "أفيغدور ليبرمان" ووزير الأمن الداخلي "جلعاد أردان"، ووزير التعليم "نفتالي بينيت" الذين يحاولون ابتكار أساليب عقابية جديدة من شأنها أن تعقد الأمور في وجه الاحتلال الإسرائيلي وأجهزته الأمنية.
تجربة المجرب
وزير جيش الاحتلال "أفيغدور ليبرمان" من جانبه حقق جزءا من خطته التي يحملها دوما عقب كل عملية، والتي تشمل وقف تحويل أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية، وقد قررت حكومة الاحتلال عقب عملية مستوطنة "عتنائيل" أول أمس اقتطاع جزء منها، إلى جانب العودة لسياسة الاغتيالات.
كما تقوم خطة ليبرمان على إقرار حكم الإعدام بحق منفذي العمليات الفدائية وإبعاد عائلاتهم إلى قطاع غزة، وسحب الجنسية الإسرائيلية من منفذي العمليات من داخل الاراضي المحتلة عام 1948.
ويطالب ليبرمان بهدم منازل ليس فقط منفذي العمليات التي أدت إلى قتل الإسرائيليين، إنما من حاول ولم ينجح، إضافة إلى تشديد العقوبات على العمال الذي يدخلون إلى للأراضي المحتلة عام 48 دون تصاريح.
كما ودعا إلى الاستمرار في احتجاز جثامين الشهداء من منفذي العمليات، وإعلان حالة الطوارئ، كما تفعل الدول الأوروبية عقب كل عملية تستهدفها.
من جهتها فقد حذرت أجهزة الاحتلال الأمنية من تبني مثل هذه الخطط، لكونها تعتبر عنصر إشعال لا عنصر حصر، للعمليات الفدائية الفلسطينية، بحكم التجربة السابقة.
فيسبوك
أما وزير الأمن الداخلي بحكومة الاحتلال "جلعاد أردان" فله مشروع مغاير، فهو يرغب في أن يضع موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" في خدمة الأمن الإسرائيلي، من خلال جعله أداة في يد جيشه وقواته الاستخباراتية.
ويتهم "أردان" الرئيس التنفيذ لموقع "فيس بوك” مارك زوكيربيرج بالمسؤولية عن “بعض دماء الضحايا الإسرائيليين” لرفضه التعاون في كشف المعلومات المتعلقة ببعض المشاركات من قبل منفذي بعض العمليات من الشبان الفلسطينيين.
وقال أردان في مقابلة صحفية: "ليس لدي أي شك في أن الفيسبوك جلبت انقلابا عالميا مدهشا ساهم بشكل إيجابي بتغيير نمط حياة الناس، ولكن للأسف، ونحن نرى أنه منذ صعود موجة العمليات تحول هذا الموقع إلى وحش كاسر".
وزعم أردان "الجيل الفلسطيني الجديد يساهم في نشر التحريض على الشبكة الاجتماعية الذي يوصل لارتكاب عمليات قتل ضد المستوطنين والجنود الإسرائيليين، فكان حريا بإدارة الفيس بوك أن يقدم تقارير للشرطة أو الأمن الإسرائيلي المسؤولين عن منع وقوع أي عمل ضد أمن إسرائيل، لذلك فإن دماء بعض الضحايا، بما في ذلك قتلى العمليات الأخيرة معلقة في عنق المدير التنفيذي لشركة “فيس بوك” مارك زوكربيرج".
وادعى أردان أن “الفيسبوك” يقوض عمل الشرطة الإسرائيلية، في التصدي لمنفذي العمليات المفترضين، "وإدارة الفيسبوك لا تتعاون معنا وتفرض شروطا شديدة جدا لإزالة بعض المواد التحريضية على شبكتها".
عقوبات واستيطان
في حين تقدم وزير العليم بحكومة الاحتلال "نفتالي بينبت" بخطة مغايرة تشمل عدة بنود عقابية ضد عائلات منفذي العمليات والمناطق التي يخرجون منها، بالإضافة لاحتوائها على محاولة لتمرير مشاريع لطالما حلم بها طيلة أيام وجوده في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي.
فهو ينوي تقديم خطة زاعما أنها كفيلة بمكافحة العمليات الفدائية التي تضرب الإسرائيليين منذ اندلاع الانتفاضة الجارية في أكتوبر الماضي ولا يزال الاحتلال عاجزا عن وقفها.
وكشفت مصادر صحفية إسرائيلية عن أن خطة بينيت تشمل بالإضافة لاعتقال وتهجير عائلات منفذي العمليات عن مناطق سكناهم، هدم منازلهم والمباني الفلسطينية الواقعة بالقرب من المستوطنات اليهودية.
كما تشمل الخطة منع الفلسطينيين من التنقل عبر الطريق رقم “60” جنوب الضفة الغربية المحتلة، والذي شهد أمس تنفيذ عملية إطلاق نار أسفرت عن مقتل أحد كبار المستوطنين وإصابة ثلاثة آخرين بجراح خطيرة.
كما تتضمن الخطة فرض حصار شامل على المناطق التي يخرج منها منفذو الهجمات، وحرمان أهالي منطقة الخليل من خدمات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، بدعوى أنها مصدر للتحريض على قتل الإسرائيليين، بالإضافة لاعتقال جميع نشطاء حركة “حماس”، ومنع السلطة من صرف مستحقات عائلات الأسرى والشهداء من منفذي العمليات، وتكثيف عمل قوات الاحتلال في المناطق “أ، ب” في الضفة الغربية، وكذلك تكثيف الأعمال العسكرية في جنوب الخليل على غرار عملية “السور الواقي” في جنين قبل أعوام.
أمام كل هذه الخطط، تدرك الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أنها لو اجتمعت كلها في بوتقة واحدة تتفق عليها كافة أطياف حكومة الاحتلال لما منعت فتى فلسطينيا قرر تنفيذ عملية طعن أو إطلاق نار من أن ينجح في مهمته التي قد تصل لقلب تل أبيب، فكلها لا تخرج من دائرة المحاولات التي تجريها منذ الأسبوع من الانتفاضة الحالية لوقف العمليات.