شبكة قدس الإخبارية

الضفة: أسعار اللحمة "نار".. هل إجراءات الحكومة مجدية؟!

شذا حنايشة

الضفة الغربية – قُدس الإخبارية: قبل شهور من الآن كانت جملة "لحمة، شو يعني لحمة؟!" التي قالها طفل من غزة لا يتجاوز العاشرة، مصدرا للتهكم من قبل نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، متهمين مقدم البرنامج حينها "باصطناع المشهد"، إلا أنها أصبحت منذ بداية شهر رمضان تعبر عن حال العديد من العائلات الفلسطينية وخاصة ذات الدخل المحدود، التي لم تدخل اللحوم الحمراء منازلها بعد ثلاثة أسابيع من دخول الشهر الكريم.

في محافظة الخليل مثلا بلغت أسعار اللحوم الحمراء أكثر من 100 شيقل، وفي رام الله وصلت إلى 95 شيقل وفي جنين 82 شيقل. هذا الارتفاع كان سببا لخروج الصائمين عن صمتهم، واحتجاج جمعيات حماية المستهلك على أسعار اللحوم من خلال رفعهم شعارات مثل "يا حكومة شو اللي صار، أسعار اللحمة صارت نار".

ودفعت هذه الانتقادات الجهات الحكومية كوزارة الاقتصاد والزراعة والصحة والضابطة الجمركية، للتحرك بشكل أكبر لضبط السوق وحماية المستهلك، من "جشع بعض التجار والجزارين"، وفقا لوزارة الاقتصاد.

وقال مدير الإدارة العامة لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد إبراهيم القاضي، إن قائمة الاسعار الاسترشادية المتفق عليها والحملات الرقابية موجودة قبل بداية شهر رمضان، حيث تم تفقد الأسواق وإشهار الأسعار بين التجار.

وأضاف القاضي لـ قُدس الإخبارية، "دائما يدعون أنهم لا يعلمون الأسعار لذلك قمنا بإخطارهم قبل رمضان، ومع ذلك منذ بداية الشهر وحتى هذه اللحظة هناك 42 مخالفة، وعدم التزام التجار بالأسعار دفع الجهات الرقابية لخطو خطوة ثانية أكثر قوة".

ووفقا للقاضي فقد تم اعتقال أكثر من 17 تاجرا على مستوى الضفة، بينهم ستة تجار من رام الله وبيت لحم، إضافة لـ11 مخالفة في بقية المناطق تم تحويلها للمحكمة، مؤكدا أنه بعد هذه الاعتقالات هناك تغير واضح وملموس والتزام من قبل أكثر من 90% من التجار.

وبدأت حملة الجهات الرقابية بعد قرار من مجلس الوزراء يوم الثلاثاء بتكليف المحافظين بتشديد الرقابة على التجار، واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين.

وعن أسعار اللحوم في محافظة الخليل قبل الحملة وبعدها، قال منسق لجنة السلامة العامة في محافظة الخليل أكرم شروف، إن الأسعار كانت مرتفعة بشكل عام في بداية شهر رمضان، خاصة أسعار لحم الخروف والجدي، مضيفا، "هذه الأسعار كانت مكلفة جدا في ضوء الاستهلاك الكبير في رمضان، بالتالي لن يستطيع الفقراء الوصول لهذه اللحمة".

وأشار شروف في حديث لـ قُدس الإخبارية، أنه تم الاتفاق الأربعاء مع وزير الزراعة سفيان سلطان على تسعيرة اللحوم، بحيث لا يزيد سعر كيلو لحم الخروف البلدي "المشفى" عن 85 شيقل، وكيلو "المسكر" عن 75 شيقل، مضيفا، "محافظة الخليل كبيرة ونحتاج لطواقم كثيرة، لقد احتجنا ان نوزع أربعة طواقم في الشمال والجنوب والوسط ومنطقة يطا من أجل المتابعة والتأكيد على الالتزام بالسعر المقرر"

وتابع، "تم اعتقال 15 تاجرا وجزارا من الخليل ممن لم يلتزموا بقرار التسعيرة الرسمية، وتم الإفراج عنهم بعد ان تعهدوا بالالتزام، المطلوب هو التزام التجار بالأسعار وعدم التلاعب فيها، بالتالي كل من تُقدم ضده شكوى سيكون القانون هو الفيصل".

ويعلل شروف ارتفاع الاسعار في الخليل أكثر من المحافظات الأخرى، بأحوال العرض والطلب، إذ يقول إن الإقبال العالي على اللحوم في رمضان والمناسبات الاجتماعية في محافظة الخليل يرفع الأسعار، معتبرا "جشع بعض التجار" سببا آخر لذلك، ورئيسيا أيضا.

وأضاف، "المشكلة أننا في سوق مفتوح وحر، والسوق الحر كل شيء فيه مباح، لكن دور الحكومة يكمن في ضبط هذه الأسعار ومنع الاستغلال والجشع".

وعلى الرغم من ضبط التسعيرة، إلا أن سعر اللحوم الحمراء لا زال مرتفعا ومكلفا لذوي الدخل المنخفض والمتوسط أيضا، ما دفع وزارة الزراعة للبحث عن حلول لهذه المشكلة.

وبيّن شروف أن الوزارة تعمل في اتجاه زيادة استيراد الخراف من الخارج، مبيناً أن لدى الزراعة "كوتة" معينة من الخراف مسموح إدخالها إلى فلسطين من قبل "إسرائيل"، وما دخل هو جزء منها وهذا سبب ارتفاعا في الأسعار.

وعن حلول أخرى أضاف أكرم شروف، أن وزارة الزراعة والمحافظة درستا إمكانية استيراد اللحوم المبردة، كما تقدم العديد من التجار بطلبات ترخيص، لذلك مؤكدا أن هذه اللحوم المبردة تحمل قيمة غذائية بنفس قيمة اللحوم الحمراء.

وقال نائب محافظ محافظة جنين كمال أبو الرب، إن جنين تعتبر "نموذجا إيجابيا" بين المحافظات، "وهناك تعاون وتجاوب من قبل التجار مقابل مراقبة دائمة للأسواق من قبل المحافظة"، مشيرا إلى أن اللحوم الحمراء لم ترتفع كثيرا عن الاسعار المحددة، حيث بلغ سعر كيلو لحم الخروف 82 شيقل ولحم العجل من 55- 60 شيقل.

وأضاف أبو الرب لـ قُدس الإخبارية، "البارحة خرجنا جولة صباحية إلى 27 ملحمة في المحافظة لنتأكد من التزامهم بالأسعار، وأخبرناهم أننا سنعود يوم الأحد لكننا فاجأناهم في نفس اليوم، كانوا ملتزمين بالإشهار وبكل الأمور المطلوبة، وسنكرر جولاتنا يوم الأحد وغيره".