شبكة قدس الإخبارية

"مبيدات قاتلة" ومحرمة دوليا تُستخدم بمزارع الضفة سرا

إسلام أبو عرة

طوباس – خاص قُدس الإخبارية: يكشف مزارعون عن استخدام مبيدات كيميائية محرمة دوليا في مزارع فلسطينية بالضفة الغربية، مؤكدين أن هذه المبيدات تستخدم سرا وبشكل مخالف بكل وضوح للشروط والتعليمات الخاصة باستخدامها، وسط غياب لدور الرقابة والمحاسبة من قبل وزارة الزراعة، واقتصار دورها على الإرشاد فقط.

شبكة قدس الإخبارية رصدت هذا الملف في تقريرها متحدثة مع مزارعين أدلوا بشهادات يمكن وصفها بأنها مثيرة للقلق. فيقول المزارع رامي أحمد إن هناك مبيدات كيميائية محرمة دوليا توضع على الخيار والكوسا والبندورة، ومنها الكوشك والروجر والكفندور عاليات السمية، ويعتقد أنهن من مسببات مرض السرطان.

ويضيف، "أصحاب المزارع أثناء الليل يرشون هذه السموم، إما عن الطريق الري مع المياه، أو الرش مباشرة، ويحرقون العبوات ليلاً؛ لإخفائها من المزرعة، لعدم كشف أمرهم عندما تأتي الرقابة والتفتيش على المزارع لا يجدون شيئًا"، مبينا أن ملاك هذه الأراضي لا يستخدمون الخضار الملوثة بالمبيدات في بيوتهم.

أما المزارع أشرف قاسم من محافظة طوباس، فيروي أنه شاهد "الخيار كان أصفر ذبلان، محروق من الشمس، فاعتقدنا أن لا جدوى من ثماره، وفكرنا بقلعه، لكننا تفاجأنا في الصباح باختلاف وضعه وتحول لونه إلى الأخضر، فعادت إليه الحياة مع مبيد وضع ليلاً لا نعرف ما هو".

ويكمل قاسم، "حال الكوسا والبندورة ليس أفضل من الخيار وباقي الخضراوات، فالكوسا ترش بمبيدات أكثر مما يرش بها الخيار، وتكون حبة البندورة صغيره توضع لها خميرة لتكبر في زمة قياسي وداخلها يبقى فارغًا، ويلجأ ملاك المزارع للخميرة في وقت ارتفاع الأسعار ليبيعوا البندورة وسعرها في العلالي"، وفق قوله.

وعن مصادر حصولهم على هذه المبيدات قال المزارع أحمد حسن، "نحصل عليها من إسرائيل والمستوطنات، حيث يتم تهريب هذه المبيدات لتوضع على الخضراوات بكافة أشكالها وأنواعها".

وتقدر مساحة الأراضي الزراعية في محافظة طوباس بحوالي (61.706.64) دونم، ونسبة الأراضي المزروعة بالخضراوات (20.319.87) دونمًا، وتعادل 5% من مساحة الضفة الغربية وقطاع غزة، ونسبة ما هو مزروع من تلك الأراضي من محصول الخيار 4.053.54 دونم، أما الكوسا فتقدر بـ 3.234.30 دونمًا، أما البندورة 1.578.32 دونمًا، وذلك حسب تقرير الإحصاء المركزي الفلسطيني لعام 2010.

وتعتبر محافظة طوباس والأغوار الشمالية أكبر منطقة زراعية في الضفة، خاصة زراعة البطاطا والبصل والخيار الربيعي والكوسا والبندورة، وهو ما يجعلها تسمى "سلة خضروات فلسطين".

فترة الأمان يبلعها طمع ملاك الأراضي

ويقول المهندس الزراعي "م.ب" الذي يعمل بإحدى شركات الأدوية، إن المزارعين لا يلتزمون بفترة الأمان الزمنية لكل مبيد، "فهناك مبيدات فترة الأمان لها 15 يومًا و30 يومًا و90 يومًا، لكنهم يبيعون المحصول قبل انتهاء فترة الأمان للاستهلاك البشري، ولا تستطيع الرقابة في وزارة الزراعة الكشف عن فترة الأمان لأنها عملية صعبة جدا بل شبه مستحيلة".

ويوضح المهندس الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن هناك كميات محدودة لكل دونم 3 كيلو/ لتر، "لكن المزارعين يضعون أكثر من ذلك، ولا يلتزمون بتعميمات المهندسين الزراعيين، ويؤدي ذلك إلى مضار كبيرة على صحة الإنسان، لأنه كلما زادت الكمية زاد تركيزها وتركيز ما تحتوي من مواد، وفي بعض الأحيان يؤدي إلى حرق المحصول".

ويكشف أيضا عن وجود مخالفات ومواد أسمدة كيماوية مهربة، نافيا أن تكون شركات الأدوية تستخدم مواد مخالفة، مضيفا، "كشركة أدوية نعطي التعليمات للمزارع كيفية الاستخدام وكمهندسين زراعيين، وزارة الزراعة توزع دليلاً فيه المبيدات المسموحة وطريقة الاستخدام وفترة الأمان، وبعدها يعود لضمير المزارع".

ويتابع، "هناك مواد ممنوعة من الاحتلال ومواد محرمة، والممنوعة مثل الكبريت، والمحرمة كالكوشك لكنه يدخل إلى الأراضي الفلسطينية عن الطريق التهريب لأنه موجود في إسرائيل، لكن لا يستخدم للاستهلاك البشري فيها".

مديرية الزراعة: دورنا إرشادي

ويقول مجدي عودة مدير مديرية الزراعة بمحافظة طوباس والأغوار الشمالية، إنه في الأصل لا يوجد أي سماد ممنوع، لكن سلطات الاحتلال تمنع بعض انواع الأسمدة تحت ذرائع أمنية، مبينا أنه يتوجب على كل شركة تقديم طلب لوزارة الزراعة لإتمام كافة الإجراءات التي تسمح لها بالمتاجرة بالمبيدات والأسمدة.

ويوضح عودة، أن هناك 300 مبيد مسموح تداولها في فلسطين بناء على ما تقرره سنويا اللجنة المختصة بالمبيدات بوزارة الزراعة والمكونة من وزارتي الصحة والاقتصاد الوطني وسلطة البيئة، مضيفا، "تجري عملية دراسة للمسموح والممنوع كل عام، حيث يصدر كل عام قائمة بالمبيدات المسموحة في فلسطين ويحتوي طريقة الاستخدام وفترة الأمان والكمية الواجب وضعها لكل دونم".

ويضيف، "هناك 1000 مبيد مسموح تداولها في إسرائيل؛ لأن المبيدات تستخدم في إسرائيل لمحاصيل ليست متواجدة عندنا، ولمحاصيل ليست للاستهلاك البشري المباشر، فمبيد الكوشك يستخدم بإسرائيل لتعقيم القطن".

ويبين عودة، أن هناك إجراءً وقائيا تقوم به الإدارة العامة للوقاية والحماية الزراعية، من خلال عملية تفتيش للمحلات التجارية التي تبيع المبيدات والأسمدة، للتأكد من وجود مبيدات ممنوعة لديها، مضيفا، أنه يجب أن تحتوي العبوة على اسم العبوة والمادة الفعالة الموجودة بها ومدة صلاحية المبيد، ووسم وزارة الزراعة، وباللغة العربية.

وعن رش المبيد المحرم "الكوشك" وغيرة من المبيدات الممنوعة على الخيار والخضراوات، قال عودة، "لم يثبت لدينا كوزارة زراعة أن هناك رشًّا لتلك المبيدات؛ ولا نملك صلاحيات داخل المزارع وينحصر دورنا في الإرشاد والتوعية".

ويوضح مجدي معلقا على تساؤلنا حول الرقابة على المزروعات، "هناك إجراءات الاستخدام الأمثل للمبيدات، وإرشاد المزارعين وتوعيتهم، ويوزع دليل سنوي للمزارعين عن المبيدات المسموحة وطريقة الاستخدام وفترة الأمان وكم لتر أو كيلو لكل دونم، ولا نستطيع معرفة هل يلتزم المزارع برش المبيد حسب الكمية لكل دونم، وهل يلتزم بفترة الأمان منذ رش المزروعات حتى بيعها للمستهلك".

ويشير مجدي عودة إلى أن فرق التفتيش كافية، حيث تملك الوزارة جهازا للوقابة وآخر للرقابة الزراعية، متحدثا عن دور كبير لدولة الاحتلال في عمليات التهريب، خاصة في مناطق "ج" والمناطق المحاذية للأراضي الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي الكامل وللمستوطنات كذلك.