شبكة قدس الإخبارية

عبوات حزما تحمل بصمات العياش

أحمد جرار

أعادت عملية حزما التي نفذت الثلاثاء الماضي 10-5-2016م، زخم العبوات الناسفة للمقاومة الفلسطينية بعد تراجع نمط هذه العمليات أمام المقاومة الفردية من طعن ودهس خلال انتفاضة القدس والسنوات الأخيرة، وعلى الرغم من أن العملية نوعية وتحمل بصمات تطور أداء المقاومة وتعدد أساليبها إلا أنها لم تحظ بتناول كبير على وسائل الإعلام.

وضعت العبوات قرب حاجز حزما الذي يقع شمال مدينة القدس المحتلة ويفصل المدينة عن الضفة الغربية، ويعتبر مكاناً أمنياً حساساً نظراً لصعوبة زرع أي عبوة بالمكان دون انتباه جنود الاحتلال، إلا أن خلية فلسطينية ( أكثر من شخص على الأرجح) نجحت باستغلال عنصر المفاجئة وقامت بتصنيع وتمويه وزرع أكثر من عبوة محكمة، كانت ستُحدث مقتلة كبيرة بصفوف الاحتلال لو نجح مخطط الخلية، ونستطيع القول أن الصُدفة والحظ السعيد هو فقط من منع وقوع المزيد من القتلى والجرحى بصفوف الاحتلال.

الاحتلال أشار في البداية إلى وجود 5 عبوات في المكان وارتفع العدد بوقت لاحق إذ تم الإعلان بعد أيام عن وجود المزيد من العبوات، وجزء من هذه العبوات مُعدّ بطريقة مفخخة مربوطة ببعضها على بالون غاز، فيما أوضحت التقديرات أن المقاومين وضعوا القنابل الأربع الأولى حتى تنفجر بجنود الحاجز، والخمس الأخرى عندما تأتي قوة أخرى من الشرطة وحرس الحدود ورجال الاستخبارات ويتم تفجيرها.

ويبدو أن الهدف الرئيسي كان خداع جنود الاحتلال وهو ما حصل وأدى لإصابة 3 جنود، إذ تم زرع 4 عبوات ناسفة وهمية – أكياس تحتوي على زجاجات فارغة- وعند الفحص الأولي تبين لضباط الاحتلال أنها عبوات وهمية، وعندما تم الاقتراب من الكيس الرابع، ركله أحد الضباط برجله فانفجرت العبوة الناسفة وأصابته بجروحٍ خطرة فيما أصيب جنديين آخرين بجروحٍ متوسطة.

ويطلق على هذا النوع من الحيل في العلوم العسكرية "مصائد الأغبياء"، وبرعت في استخدامه المقاومة العراقية خاصة في مدينة الفلوجة العراقية.

وتذكرنا هذه العملية بعبوة شبيهة، صممها الشهيد المهندس يحيى عياش عام 1993م، وأطلق عليها لفظ المصيدة وتكونت من عبوة خداع استهدفت خبير المتفجرات الاسرائيلي الميجر يوسي حيون وأدت لمقتله آنذاك.

الاحتلال تطرق للعملية ونشر خمسة استنتاجات خطيرة لها :

1. ليس عمل "ذئب منفرد"...عملية حزما هي عملية "معقدة"؛ تتطلب المعرفة النظرية في إعداد عبوات ناسفة تنفجر بطريقة متسلسلة، وتحتاج للخبرة العملية اللازمة لتجميع وإعداد المواد الخام، وعمل الأفخاخ وأسلوب تشتيت، ومن ثم الاختفاء بسرعة عن الأنظار، والانسحاب بهدوء، والاتصال بالمراقب بشكل مباشر أو غير مباشر، مع وسيط يشغل المتفجرات عن بعد بواسطة خلوي.

2.  التحضير المسبق: إعداد هجوم بهذا الحجم يتطلب عدة أشهر من التحضير، و5 أشخاص عاملين على الأقل تحت السرية التامة، وعلى الأقل عدد مماثل من المتعاونين في مختلف المجالات، مع كل هذا لم تكن جميع المعلومات الأولية لدى شرطة " الاحتلال أو الشاباك الاسرائيلي.

3. الأوامر ليست واضحة: المبادئ التوجيهية التشغيلية لجنود الاحتلال غير واضحة ومتناقضة، أو لم تكن موجودة، خبراء المتفجرات لديهم سنوات طويلة من الخبرة والمعرفة ولديهم جميع الأدوات اللازمة، وطرق التعامل مع الأجهزة الإلكترونية والمتفجرات، ولديهم التدابير الوقائية الشخصية الشاملة ومع ذلك وقعوا بفخ العبوات، والعقدة هنا في قيادة منطقة القدس.

4. مسؤولية القيادة: من المفترض أن يكون المقاتلون على اتصال مباشر مع اللاسلكي الثابت في غرفة العمليات؛ بحيث تتلقى من القوة أي إشارة وبدورها يتم إرسالها للقيادة، حيث يوجد ثلاثة ضباط يعملون معا في غرفة التوجيه العسكري من ذوي الخبرة، وإذا ما تم التعرف على جسم مشبوه يجب تحييده بعيدا عن مكان تواجد الجنود أو المراكز الحساسة أو بعيدا عن تواجد المواطنين، ومنع المارّة من الاقتراب من المنطقة، ويتم بسرعة دعوة خبراء المتفجرات والشرطة وسلاح الهندسة.

5. اختيار توقيت حساس: الهجوم الذي كاد أن يخلّف العديد من القتلى تزامن مع ذكرى المحرقة، فهل تنجح المنظمات الفلسطينية في تنفيذ عمليات في ظل هذه الأجواء الحساسة المهمّة.