لم يكن خبر وفاة ثلاثة أطفال من عائلة الهندي ليلة أمس في قطاع غزة بفاجعة كبيرة، فهذه الحادثة ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، ثلاثة أطفال اشقاء قضوا بسبب إنارة شمعة بسبب الظلمة التي تسببها الحصار على غزة منذ عشرة أعوام، كل المسببات لا تعني شيئاً أمام فقدان الوالدين لأبنائهم ورؤية أجسادهم متفحمة.
لن أتحدث عن الجانب الإنساني والعاطفي وما يختلج أفئدة العائلة الآن، ولكني سأتحدث عن أقذر ظاهرة نحياها نحن كشعب فلسطين، ظاهرة التبرأ من الذنب، والقاء اللوم على الآخرين.
الفصائل الفلسطينية قاطبة أدانت الحصار واستنكرت الحادثة، واستحضرت حوادث الحرق المماثلة التي حدثت في السنوات الماضية وراح ضحيتها أكثر من 25 طفلاً، وما زال الحصار مستمرا!
ولكن المختلف في بيانات الفصائل هي "مَن يجرّم مَن، وعلى مَن يقع اللوم"، فالجبهة الشعبية أدانت الحصار وألقت اللوم على حكومة الوفاق وفق ما جاء به بيانها الاستنكاري، وحركة حماس أدانت الحصار وألقت اللوم على حكومة الوفاق وشخصية محمود عباس ورامي الحمدالله وفق ما قاله المتحدث باسمها سامي أبو زهري، وحركة الجهاد أدانت الحصار وألقت اللوم على جميع الفصائل دون استثناء نفسها وفق ما جاء به بيانها، وحركة فتح حمّلت حماس مسؤولية ما يحدث في غزة. ربما البيان الذي كان أكثر واقعية هو ما أوردته الجهاد حيث أنها اعتبرت الكل مسؤول أمام هذه الحادثة، الكل الفلسطيني متمثل بالرئاسة والحكومة والمنقسمين والمتآمرين على غزة ومّن فيها.
لن أعرج كثيراً على التصريحات الاستهلاكية التي اعتدنا على سماعها من الفصائل الفلسطينية، ولكني أعرج على الظاهرة القذرة المتمثلة في قيادة تلوم شعبها إذا حاول العيش ومداراة الفقر في ظل ظلمة لعينة أخذت أرواح أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم فلسطينييون يعيشون تحت حصار لا يرحم، ويحكمهم قادة فصائليون لا يأبهون بشعبهم، ويلعبون لعبة الشطرنج يحركون فيها جنودهم وأبواقهم الإعلامية وفق رؤيتهم المحصورة في تبرأة أنفسهم من دم الشعب.
أعرج على ما وصلنا اليه من حال بئيس، الكل يجرّم الكل وينسى المجرم الحقيقي، الكل يلقي اللوم على الكل ويبرأ نفسه، فإلى متى يا قيادتنا سنظل نحمل ذنب أنكم قيادتنا؟؟ والى متى سنظل نحمل ذنب تقصيركم وهواننا عليكم؟؟ والى متى ستظلون أبرياء في نظركم ومجرمون في نظرنا؟؟ الى متى سيظل المحتل يحرقنا بحصاره وأنتم تحرقوننا بنار تصريحاتكم الغبية؟!