شبكة قدس الإخبارية

مختصون: أعداد المواليد في غزة تنذر بكارثةٍ سكّانية

مصطفى البنا

غزة – خاص قُدس الإخبارية: يعد قطاع غزة المنطقة ذات الكثافة السكانية الأكبر حول العالم، فالبقعة الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها 365 كم مربعًا، يعيش فيها قرابة المليوني نسمة في وضع إنسانيٍ واجتماعيٍ صعبٍ للغاية وحصار خانق ممتدٌ لأكثر من عشرة أعوام، ومع ذلك فمؤشرات الزيادة السكانية تكشف عن ارتفاعٍ متسارعٍ وكبير ما يدفع البعض إلى التنبه لخطر هذا الأمر مع ضيق المساحة وقلة الموارد الضرورية لحياة البشر.

وسجلت مكاتب الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية في غزة 14 ألفًا و194 مولودًا جديدً منذ مطلع العام الجاري وحتى 31 من آذار الماضي، وكانت مدينة غزة الأولى بين محافظات القطاع من حيث أعداد المواليد، حيث سجل فيها قرابة 6110 مولودا جديدا، تبعتها خانيونس بـ2949 مولودًا.

ويقول طبيب الولادة في مستشفى الخدمة العامة بغزة باسم فضة، إن ارتفاع أعداد الولادات بهذا الشكل يسبب مشكلةً في التعامل مع المواليد من الناحية الصحية، فعلى الرغم من وجود مستشفيات وعيادات حكومية وخاصة إلا أن الأطفال لا يتلقون الرعاية الصحية الكاملة بسبب تدفق أعدادهم بشكل كبيرٍ جدًا.

ويضيف فضة، بأن الكوادر الطبية تجد مشكلةً في التعامل مع الأعداد ضخمة من المواليد التي تتدفق إلى أقسام الولادة في مختلف مستشفيات قطاع غزة، منوهًا إلى أن هذا الارتفاع ساهم في ارتفاع أعداد المصابين بالأمراض المختلفة كفقر الدم والأنيميا والأمراض الوراثية والمزمنة والأمراض الناتجة عن الفقر.

وينصح فضة بالتقنين من الإنجاب وتنظيم النسل من أجل تحقيق رعايةٍ صحيةٍ كاملة للأطفال وأمهاتهم، لافتًا إلى أن "غزة تفتقر للمياه الصالحة للشرب وفق التقديرات العالمية، وتضيق فيها المساحات الصالحة للسكن، بالتالي فإننا أمام أزمةً كبيرة حال استمرت أرقام الولادات بالصعود بهذا الشكل".

من جهتها تقول الطبيبة المختصة بالصحة الإنجابية سوسن حمّاد، إن كثرة الإنجاب تؤثر بلاشك على المرأة، وتسبب لها حالةً من الترهل في صحتها العامة، وأمراضًا عديدةً ونقصًا في المناعة، ناهيك عن الانخفاض في معدل وظائف أعضاء الجسد.

لكن حمّاد ترى أن معدل الإنجاب السنوي في غزة ثابتٌ لا يزيد إلا أنه مرتفع مقارنةً بدول أخرى، مشيرةً إلى أن هذا الارتفاع بحد ذاته هو المشكلة الذي يسبب المشكلة.

الأخصائية الاجتماعية عروب جملة تعزو الزيادة الهائلة في أعداد المواليد في قطاع غزة إلى ثقافة الزواج المبكر التي تسود المجتمع، مضيفةً "هناك ثقافةٌ سائدة في المجتمع الفلسطيني بأن الإنجاب الكثير قهرٌ للاحتلال الذي يقتل أبناءنا باستمرار بلا مبالاة".

كما تعتبر جملة أن جهل الكثير من العائلات بقضايا التربية وصعوبتها وحاجتها للجهد الكبير من أهم أسباب الزيادة في أعداد المواليد. تردف قائلةً "البعض يعتبر بأن الإنجاب الكثير مرتبطٌ بالدين ولا يلتفتون لجوانب أخرى كالجانب الاقتصادي المتعلق بحاجات الطفل ونفقاته".

وتلفت أيضًا إلى أن الحالة النفسية التي يعيشها سكان القطاع بسبب الأوضاع القاسية ووجود الفراغ الناجم عن عدم توفر فرص عمل يعد عاملًا مساهمًا بشدة في تسجيل هذه الأرقام العالية من الولادات في غزة.

ويرتبط الإنجاب في المجتمع الفلسطيني عامةً بمعتقدات تتعلق بالوجود الديموغرافي على الأرض، التي تحاول "إسرائيل" أن تستغله لتثبيت وجودها في فلسطين، لكن البعض يرى أن هذا السبب ليس مبررًا سليمًا على الأقل في قطاع غزة، ويفتقد إلى جوانب أخرى كالجوانب الصحيّة والاقتصادية.