شبكة قدس الإخبارية

في الأول من أيار.. الجميع مُجاز إلا العمال

شذا حنايشة

جنين – خاص قُدس الإخبارية: عامل يجلس في لوحة بيضاء يواجه الحياة بطرقاته المتتابعة على الحجر، وآخرون يزرعون الأرض أو يشيدون منزلا أو يرممون حائط مدرسة ردمته مياه المطر، وآخر يجر عربة تحمل أثقال من الخضرة لأكثر من ثمان ساعات. هذا المشهد اليومي لم يكن غريبا اليوم مثل غرابة خلو الشوارع من سيارات الموظفين المتوجهين إلى عملهم في ساعات الصباح الباكر، بسبب عطلة يوم العمال العالمي الذي يصادف الأول من أيار من كل عام.

"لنفرض عطلت اليوم من سيعيل أطفالي الخمسة؟ ما في تعويض لي في أيام المرض ما بالك مثل هذا اليوم؟، أيام بفكر لو في دوام يوم جمعة لأن 70 شيقل في اليوم لا تكفي لبيت وأسرة"، هكذا يعلل العامل في أحد مناشير الحجر أحمد زكارنة ذهابه للعمل.

ينظر للحجر الذي يدقه بين يديه ثم إلى جهاز التسجيل، ويكمل قائلا، "أليس من الظلم الموظف يعطل وصاحب العطلة في داومه! انا أعمل في هذه المهنة منذ 14 عاما، لم يحصل أن تلقى عامل تعويض بدل إصابة عمل مثلا، ما بالك بمنحنا عطلة مدفوعة الأجر؟ هذا هو سبب عدم عطلتنا اليوم".

أما زميله في الورشة محمد أبو الرب فيعلل مجيئه للعمل بالسبب ذاته لكن بوصف آخر، "الحياة صعبة، إذا عملنا أكلنا وأطعمنا الأولاد، إن لم نأتِ لا يوجد أحد يدفع لنا، كل الحق يقع على نقابة العمال والوزارة يجب أن يصدروا قرار لأصحاب العمل بمنحنا عطلة مدفوعة الأجر".

ويضيف أبو الرب ماسحا بيده عرق جبينه المخلوط بالغبار الأبيض، "في الأخبار قالوا نحن مع العمال ونعمل لخدمة العمال، وسنبحث عن مطالبهم، ها نحن نعمل تحت الشمس طوال اليوم، لا أحد جاء ليرى مشاكلنا، تعالوا إلى ورش العمل استمعوا لمطالبنا، اعرفوا حقا ما الأشياء التي نريد تحسينها".

سبب ثالث تحدث عنه المزارع رامي ربحي في تبريره لتوجهه والعمال إلى أعمالهم اليوم، فقال إن الأمر يرجع إلى عدم إحساسهم بأي أهمية أو قيمة لهذا اليوم، على الرغم من كونه مناسبة عالمية خاصة، منوها بدوره إلى السبب ذاته، وهو العمل بنظام المياومة وعدم توجههم إلى العمل يعني ضياع أجر يوم عليهم.

ويذهب محمد أبوجلبوس العامل في إحدى ورشات البناء إلى أبعد من خسارة أجرة يوم العمل، فيقول إن صاحب العمل لن يتردد في إحضار شخص آخر مكانه لتعويض غيابه، ما يعني أنه سيخسر عمله، وهذا ما لا يمكن تحمله في ظل الالتزامات التي تقع على عاتقه وبقية العمال.

وينوه أبو جلبوش أن المشكلة لا تقتصر على امتناع العمال عن العطلة مثل غيرهم، مضيفا أن المعاناة أوسع من ذلك عند النظر إلى الأجور المدفوعة، والبعيدة كل البعد عن الحد الأدنى للأجور، الذي كانت قد أقرته الحكومة الفلسطينية مؤخرا.

ويرى أن الخلل لا يقع فقط على أصحاب العمل؛ بل على العمال أيضا، "حيث يجب أن يلتفوا حول بعضهم البعض ويطالبوا بعطلة ويجبروا المعلمين على إعطائهم حقوقهم"، وفق قوله.

ويرفض محمد حنايشة صاحب ورشة بناء أحاديث العمال، ويقول إن امتناعه عن العمل في هذا اليوم سيكلفه خسارة كبيرة، متسائلا، "من سيعوض خسارتي في مثل هذا اليوم"، ومضيفا، "بما انه عطلة لماذا الحكومة لا تعطينا بدل اليوميات التي سنعطيها لعمالنا؟".

ويرى محمد زكارنة صاحب أحد المناشير في بلدة قباطية أن دوام العمال يعود إلى قصور في وزارة العمل وعدم احتضانها للعمال في مثل هذا اليوم وغيره، ووجه رسالة للوزارة ونقابة العمال الفلسطينيين مطالبا إياهم بتنظيم العمال، وعقد ندوات إرشادية لهم، لإخبارهم بحقوقهم وواجباتهم تجاه العمل.