ويمكن إجمال هذه التطورات في الجوانب التالية:
أنفاق المقاومة: المقاومة الفلسطينية بالتأكيد تمكنت من حفر عدد غير قليل من الانفاق الهجومية ذات قدرات قتالية مختلفة وتشير تقديرات العدو أن بعضها قد اخترق الحدود بالفعل وما ورد في بيان القسام على أن النفق المكتشف هو نقطة في بحر يؤكد ذلك.
كما أن المخاطر الناجمة عن الأنفاق التي تقوم المقاومة الفلسطينية بحفرها داخل غزة وعلى حدود الكيان الصهيوني، زادت من تصريحات العدو وجنرالاته وارتفعت نبرة ساسته؛ على اعتبار أن هذه الأنفاق باتت تشكل تهديداً حقيقياً جاداً ينبغي التعامل معه بالسرعة المطلوبة قبل استفحال خطره.
وكان قد برز لدي ضمن نتائج دراستي الخاصة بالأنفاق، أن الجيش الاسرائيلي استعمل كافة الاساليب المتوفرة لكشف الانفاق، فعمد للحصول على المعلومات الاستخبارية، من العملاء او الصور الجوية او التنصت على الهواتف النقالة وشبكات الاتصال اللاسلكي والثابت، ومن خلال الدوريات التي تراقب أي تغير يحصل على وجه الأرض، بالإضافة لاستعمال الوسائل التكنولوجية، وجهوده المستميتة في هذا الجانب لحل قضية الانفاق معظمها فشل حتى الان، ولازال يعمل على ايجاد الحلول لهذا التهديد الاستراتيجي والخطير بالنسبة له .
الكومندوز البحري: تتحدث أوساط عسكرية وامنية بجيش الاحتلال أن القسام لا يزال مستمرا في بناء قدرات الكومندوز البحري، وان هذه الوحدة قلبت مستويات القتال في الحرب وانهم يحسبون لها الف حساب.
يقول الضابط في سلاح البحرية الصهيوني أوفيك أدلشتاينعن التهديد البحري القادم من غزة "نحاول التوضيح للجنود الصهاينة أنه خلال دقائق معدودة يمكن للوضع أن ينفجر فجأة حين تقرر سفينة فلسطينية وبدلا أن تصطاد تخرج لتنفيذ عملية مسلحة بحرية".
وأضاف، "إن مقاتلي حماس البحريين آخذون بالتطور، وإن التقدير السائد أنهم سوف يصلون لمناطق أبعد وبصحبة عدد من المسلحين أكثر من السابق، فنحن نخوض معهم حرب أدمغة". وتابع، "نحن مستعدون لسيناريو من هذا النوع، رغم أنه ليس من السهل اكتشاف عناصر الكوماندوز البحري التابع لحماس، لأنها تستثمر الكثير من الإمكانيات لتطوير قدراتها البحرية، ولا يمكن إغلاق البحر بإحكام".
صواريخ المقاومة: لا يكاد يمضي أسبوع حتى يعلن الاحتلال عن رصده لتجارب صاروخية تقوم بها المقاومة باتجاه عمق البحر، مما يشير إلى سعي المقاومة الدائم لتطوير قدراتها الصاروخية استعدادا للمواجهة المقبلة ،هذه التجارب تسبب القلق للعدو الصهيوني، لأن كل تجربة تطلقها المقاومة، تعني في حساباتهم أن المقاومة طورت شيئا جديدا على هذه الصواريخ، فالتطوير قد يطال المدى الذي يصل إليه الصاروخ، ليتجاوز في المرحلة المقبلة ما بعد مدينة حيفا المحتلة.
التطوير لا يقتصر فقط على المدى، فهو أيضا قد يطال الكثافة، أي أن تطلق المقاومة أكثر من صاروخ دفعة واحدة على مناطق لم يطلق عليها صليات في السابق، فللعدو أن يتخيل بدل من سقوط صاروخ واحد على حيفا، أن يسقط عليها دفعة من الصواريخ في الوقت الواحد.
القوة التدميرية للصاروخ أيضا يمكن أن يدخل عليها تعديلات وتطوير، ليمتلك الصاروخ قدرة أكبر على تدمير الأهداف التي يطلق تجاهها، فيحدث بذلك أضرار أكبر.
انتفاضة القدس: تكرر في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، إعلان الاحتلال أو أجهزة أمن السلطة على السواء، اعتقال خلايا للمقاومة تخطط لتنفيذ هجمات مسلحة، حتى إنه لم يكد يمر أسبوع في انتفاضة القدس، دون التصريح بذلك، وتعدى الأمر إلى الإعلان الرسمي بأن خلايا المقاومة وصلت مرحلة متقدمة من الإعداد للعمليات الفدائية.
ويتهم الاحتلال قيادات وأسرى محررين في قطاع غزة بالوقوف خلف تشكيل هذه الخلايا وإداراتها، من خلال التوجيه والإدارة من الخارج، ومع عملية القدس الاخير يبدو ان انتفاضة القدس دخلت مرحلة جديدة من العمل المقاوم المنظم والمخطط. أسرى العدو لدى المقاومة: إدارة ملف الجنود المأسورين لدى كتائب القسام والحرب الاعلامية والنفسية التي تستخدمها القسام، والتي تحرج القيادة العسكرية والسياسية.
فقد ضرب ابوعبيدة الناطق الرسمي باسم القسام "إسرائيل" بقوة حينما أكد للمرة الأولى أن الكتائب تحتجز أربعة من الأسرى الاسرائيليين وأنها لن تعطي الاسرائيليين أي معلومات بشأن أي منهم دون ثمن.
كما ضرب الحكومة الاسرائيلية الهشة في مقتل حينما أكد عدم وجود أي اتصالات معها بشأنهم، حيث يعتبر هذا تكذيبا صريحا لرئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو الذي سبق وصرح بوجود اتصالات بشأن الأسرى الاسرائيليين لدى كتائب القسام.
هذه بعض النقاط التي يمكن التحدث عنها وما تخفيه المقاومة من جهد استخباري وامكانات لم تتعود الافصاح عنها إلا حين استخدامها بالإضافة الى اشتداد الحصار على القطاع وتأزمه بأكثر من اتجاه.
باعتقادي نحن امام خيارين:
الاول: تصاعد وتيرة الاحداث، لأنه ليس بإمكان قيادة العدو الصمت طويلا على هكذا حالة مستقبلها للعدو مجهول امام تنامي قدرات المقاومة. كما أن اهم مبادئ العقيدة العسكرية الاسرائيلية تكمن بتوجيه ضربات استباقية للعدو، من منظور أن تلك الضربات تؤدي إلى تحقيق المباغتة، مما يفقد الطرف الآخر توازنه في المرحلة الافتتاحية للحرب على الأقل، كما أنها تحقق المبادرة.
ويؤكد العسكريون الإسرائيليون أهمية الضربة الأولى لو أحسن تخطيطها، حيث يمكن أن تؤدي إلى الإخلال بالتوازن العسكري الذي يؤدي في النهاية إلى النصر الحاسم والسريع ، وايضاً مبدأ الاعتماد على الهجوم، لتحقيق أهداف رئيسة.
وهذه الأهداف وهي: حرمان أي طرف عربي مقاوم من تحقيق أي إنجاز عسكري أو سياسي خلال الحرب، وكذلك إلحاق أقصى هزيمة بالقوات العربية من خلال معارك خاطفة، إضافة إلى إنهاء الحرب في وضع عسكريٍ وسياسيٍ أفضل مما كان في بداية المعارك، أي تحقيق نصر واضح والاستيلاء على أهداف استراتيجية جديدة.
ومن ناحية اخرى المقاومة لن تصمت طويلا امام انسداد الافق التي تعيشه الحالة الفلسطينية وقطاع غزة تحديداً وعدم تلبية العدو شروط المقاومة بعد حرب غزة 2014.
ومع تسارع الاحداث بالأراضي الفلسطينية بعد اكتشاف نفق رفح وعملية القدس التفجيرية وما قد يتبعها من تسخين للأحداث سواء بتصاعد عمليات المقاومة بالعمق الصهيوني وتكثيف وزيادة حدة الاجراءات القمعية بالضفة من قبل الاحتلال وازدياد نشاطه على الحدود مع القطاع ربما تتجه الامور لخيار المواجهةالمفتوحة مع العدو الصهيوني تشمل كل الاراضي الفلسطينية وهذا ما ارجحه في قادم الايام.
الثاني: يزداد في الآونة الأخيرة، دعوات متواصلة من أوساط سياسية وأمنية وعسكرية سابقة وحالية، تطالب بالبحث عن اتفاق سياسي اقتصادي مؤقت، وبعقد صفقة شاملة مع حماس التي تسيطر على غزة، عبر وسيط ثالث.
تهدف "إسرائيل" من هذه الصفقة إلى إبعاد شبح مخاطر الأنفاق التي لم تجد لها حلال حتى اللحظة، وإمكانية تسببها باندلاع حرب وشيكة مع حماس، من خلال تخفيف الكارثة الإنسانية السائدة في غزة، والعمل على تقديم تسهيلات معيشية، قد تصل ذروتها بالموافقة الإسرائيلية على إقامة ميناء في غزة، سواء على شاطئ مدينة غزة، أو في عرض البحر المتوسط، برقابة أمنية أوروبية في اطار اتفاق تركي اسرائيلي لتسوية الازمة القائمة بينهما بعد حادثة سفينة مرمرة، لأن التقدير السائد لدى الاحتلالتفيد بأن حماس قد تفقد صبرها على تدهور الأوضاع المعيشية للفلسطينيين في غزة، وتخشى أن تنفجر الأمور في وجهها، ما سيجعلها توجّه دفة هذا الانفجار باتجاه "إسرائيل"، وهو آخر ما ترغب به الأخيرة.
كما ان الاطراف العربية والاقليمية (السعودية - مصر - قطر - تركيا) معنية بهذا الاتفاق الان، والسلطة الفلسطينية لا تملك الوقوف في وجهه في ظل الرعاية العربية والموافقة الاسرائيلية، هذه التسوية التي تضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية وتطبيق بنود المصالحة الجارية حالياً بالدوحة.