منذ عدة أيام بدأ الاعلام الإسرائيلي في تمهيد الاسرائيليين لـ"حادث أمني خطير" على حدود قطاع غزة سيعلن عنه خلال الفترة المقبلة من الممكن أن يؤدي لاشتعال مواجهة جديدة، وقد تدرجت التصريحات حول هذا الأمر ليكشف الجيش رسمياً عن كشف نفق عميق وقصير يمتد داخل الأراضي الإسرائيلية جنوب قطاع غزة.
الاعلان الاسرائيلي جاء بهذه الطريقة الدعائية المدروسة لمنع تدهور الأمور وعدم الوصول لحرب في هذه المرحلة، فالقيادة الاسرائيلية لا تريد أن تصل مع حماس لنقطة اللاعودة حالياً، وهذا ما دلت عليه تصريحاتها بأنها غير معنية بالحرب حاليا وأن حماس تعلم بشأن النفق مسبقاً.
وقد استخدمت "إسرائيل" أسلوبا دعائيا في نشرها لخبر العثور على النفق، يهدف لجذب الجمهور الإسرائيلي لما ستقوله ويظهر ما حققته كأنه انجاز ضخم دون استفزاز حركة حماس ودفعها للدخول في حرب جديدة في ظل تقديرات إسرائيلية متضاربة في الفترة الأخيرة حول هل سترد حماس وتدخل في حرب جديدة مع "إسرائيل" في حال كشف أحد أنفاقها.
الدعاية الإسرائيلية حول النفق تأتي في إطار تعزيز الثقة لدى سكان المنطقة الجنوبية حول قدرات الجيش بعد الشكاوى المتواصلة من سماع أصوات الحفر أسفل منازلهم، والخوف المتواصل من شبح احتلال أجزاء من مستوطنات غلاف غزة.
نتنياهو معني حالياً ببقاء الوضع في غزة على ما هو عليه دون الانجرار لحرب جديدة خشية على أن تؤثر تلك على بقاءه في رئاسة الوزراء، في ظل الاستطلاعات التي تظهر تقدم حزب البيت اليهودي بقيادة اليميني المتطرف نفتالي بينيت على الأحزاب الأخرى بما فيها الليكود.
المستفيد الأكبر من هذا الاعلان على المستوى الداخلي والخارجي رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، فهو سيتخذه ورقة ليثبت للجمهور الاسرائيلي نجاح فكرته في تدمير أنفاق حماس قبل أن تستطيع الأخيرة استخدامها وأنه قادر على كسر سلاحها الاستراتيجي، أما على المستوى الخارجي فهو وجد ذريعة قوية أمام المجتمع الدولي لتسويق الحصار على غزة من جديد.
"اسرائيل" ستستغل هذا الأمر لتطلب مزيداً من الدعم الدولي والأمريكي لمكافحة خطر الأنفاق، وستستخدم هذا النفق كدليل للداعمين السابقين بنجاح ما دفعوا الأموال لأجله.
من جهة أخرى تحاول "اسرائيل" ايصال رسائل للمقاومة الفلسطينية أنها وصلت بالفعل لحل تكنلوجي للأنفاق وتهدف من خلاله لكبح جماحها وايقاف عمليات الحفر خشية كشفها مستقبلاً من قبل "اسرائيل".
النفق الأخير لا يضاهي نفق العين الثالثة الذي كان طوله 3 كيلو متر، وكان شرارة حرب 2014، وعليه "اسرائيل" قللت من طوله (150-200) متر وركزت على عمقه (30) متر ضمن تضخيمها قدراتها في كشفه كنوع من الدعاية الكاذبة.
إن صحت أقوال "اسرائيل" حول نجاح الأدوات التكنلوجية الحديثة في كشف النفق الأول فالأيام المقبلة كفيلة بكشف مدى الصدق في هذا الادعاء من كذبه.
ربما تمرر حركة حماس الإعلان الإسرائيلي عن النفق هذه المرة دون أي تصعيد ميداني بخلاف حصل في حرب 2014، إلا أنها قد تجد نفسها مضطرة لإيلام الجيش الإسرائيلي أو العاملين في وحدات الكشف عن الأنفاق الإسرائيلية لردعهم عما يقومون به ما ينذر بصيف قد يكون ساخن في حال تكرر كشف الأنفاق.