شبكة قدس الإخبارية

الشعبية والديمقراطية: مشكلتنا مع تفرد أبومازن بالقرار ونهجه الديكتاتوري

مصطفى البنا

غزة – خاص قُدس الإخبارية: لم يكن الإعلان عن تأسيس المحكمة الدستورية العليا الأولى في تاريخ السلطة الفلسطينية، الخطوة الأخيرة التي يقدم عليها الرئيس محمود عباس بشكلٍ مفاجئٍ وبقرار منفرد، فقد اتخذ أبومازن قرارين متتاليين لا يفصل بينهما سوى يومٍ واحدٍ بقطع المخصصات الشهرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية من الصندوق القومي لمنظمة التحرير الفلسطينية.

الجبهة الشعبية أعلنت بشكل مباشر عن اتخاذ الرئيس لهذا القرار يوم الإثنين، بينما قالت الديمقراطية إنها لا تعلم بمثل هذا القرار مبينة أنها أُبلغت عبر القنوات الرسمية أن الأمر مجرد تأخير فقط، قبل أن تؤكد أخيرا (اليوم الخميس) أن الرئيس قد اتخذ القرار بالفعل.

وتؤكد الجبهة الشعبية أن مشكلتها الرئيسية مع الرئيس عباس ليست في قطع مخصصاتها الشهرية من الصندوق القومي، بل في "السلوك السياسي لعباس غير الملتزم بالمبادئ والثوابت الوطنية والنهج الديكتاتوري وغير الديموقراطي والمتمرد الذي يسير عليه"، وفقًا للقيادي رباح مهنا.

مهنا قلل من شأن هذا القرار بقوله، "نحن تنظيم لا ينتهج البذخ ونستطيع أن نعالج أمورنا كما عالجناها في حالاتٍ سابقة، من خلال تبرعات الأصدقاء في فلسطين والعالم العربي"، مشيرًا إلى أن سخط الجبهة ليس على هذا القرار بقدر ما هو على خطوة الرئيس بقطع المخصصات دون الرجوع إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

ويعتقد مهنا أن مواقف الجبهة الشعبية من عدم التزام عباس بقرار المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني ولقائه مع "تلفزيون العدو"، وهي المواقف التي عبرت عنها في بيانٍ قالت فيه إن الرئيس تجاوز الخطوط الحمراء، كان سببًا في اتخاذه لهذا القرار، مؤكدا في ذات الوقت أن الجبهة مصممة على اتباع النهج الديمقراطي في حل الخلافات الداخلية ولن تتراجع حتى تحقيق أهدافها.

أما القيادي في الجبهة الديمقراطية صالح زيدان، فقد وصف القرار بـ"الخاطئ والتعسفي"، مستغربًا من اتخاذه بدلًا من توحيد الجهود في سبيل إنجاز المصالحة وتماسك الجبهة الداخلية الفلسطينية في مواجهة العدوان الإسرائيلي واستيطانه وإجرامه بحق الشعب الفلسطيني.

ويؤكد زيدان أن استحقاقات الفصائل من الصندوق القومي الفلسطيني ليست منة أو كرما من أحد، بل هو حقٌ أقره المجلس الوطني ولا يستطيع أحدٌ أن يلغيه سوى المجلس ذاته، مستدركا أن الأولوية الآن لتطبيق قرارات المجلس المركزي وتصعيد الانتفاضة، وتدويل فعلي للقضية الفلسطينية واستخدام الأسلحة القانونية الدولية في سبيل دعم صمودها.

وينفي زيدان وجود أسباب تبرر اتخاذ عباس لهذا القرار، "إلا أن ما جرى هو استمرار في سياسة خاطئة لافتعال معارك جانبية بدلًا من التركيز على المعركة مع الاحتلال الاسرائيلي". كما يعتبر أن هذا القرار يكشف مدى "تفرد الرئيس بالقرار، وسياسته اللاديمقراطية التي تتعمق بالانقسام وبمثل هذه القرارات"، مطالبًا بإلغاء القرار والتراجع عن الخطأ الذي حصل وتصويبه.

الخبير القانوني رائد النعيرات أكد أن المخصصات التي تحصل عليها الفصائل من صندوق المنظمة هي استحقاق خاصٌ بها ولا يجوز قطعها بهذا الشكل، مضيفًا "الخطوة التي اتخذها الرئيس عباس ليست قانونية ولا يحق لها قطع هذه المخصصات في أي حالٍ من الأحوال".

ولفت النعيرات إلى أن موقف الفصيلين من قانون الضمان الاجتماعي قد يكون سببًا في اتخاذ الرئيس عباس لهذا القرار بحقهما.

وكان نشطاء من الجبهة الشعبية أحرقوا الثلاثاء صور الرئيس محمود عباس في مسيرة بغزة، وقد وصفت حركة فتح ذلك "بالخروج عن كل الأعراف والقيم والقاليد الوطنية التي تحكم العلاقة بين فصائل العمل الوطني"، وطالبت الجبهة بالاعتذار عنه.